[ مراسم اتفاق عودة الدبلوماسية بين السعودية وإيران برعاية صينية ]
أشعل إعلان الاتفاق السعودي الإيراني بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية صينية بعد انقطاعها منذ 2016 إثر خلافات، جدلا واسعا بين أوساط اليمنيين الذي يشهد بلدهم حربا منذ ثماني سنوات.
وأمس الجمعة، أعلنت السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.
وفي يناير/ كانون الثاني 2016، قطعت السعودية علاقاتها مع إيران، إثر اعتداءات تعرضت لها سفارة الرياض في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، احتجاجا على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، لإدانته بتهم منها "الإرهاب".
وتوالت ردود فعل اليمنيين، بشأن الاتفاق بين مؤيد ومعارض، البعض يرى أن الاتفاق سينعكس ايجابا على الحرب في اليمن والبعض الآخر ينظر إلى أن الصراع في اليمن سيستمر لاعتبارات جيوسياسية وأن طهران لن تقدم أي تنازل، وستجبر الحوثيين على التصعيد ضد السعودية.
مختلف الصراع في اليمن (الحكومة، الحوثي، الانتقالي)، رحبوا بالإتفاق السعودي الإيراني واستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.
نقطة تحول اقليمية
وفي السياق قال الباحث السياسي عبدالغني الماوري "من المبكر الحديث عن فائزين وخاسرين في هذا الاتفاق، لكن المؤكد أن ايران والسعودية لديهما تاريخ من الشكوك والعداء المشترك لن تستطيع صورة كهذه تجاوزهما".
وطبقا للماوري ففي الغالب ما يُدون على الورق لا يطابق ما يحدث في الواقع، مشيرا إلى التعامل مع الاتفاق بإعادة التبادل الدبلوماسي بين طهران والرياض باعتباره نقطة تحول اقليمية كبرى يعبر عن أمنيات وحسب.
وتابع إن "النقاط العالقة بين البلدين متعددة وبعضها معقد للغاية، لذا من المهم التأني في قراءة المشهد الاقليمي، لا ينبغي تخيل سيناريوهات مبالغ فيها، الأمر في بدايته".
تغيّر قواعد اللعبة
الإعلامي أحمد الزرقة يرى تغييرا في قواعد اللعبة ومواقع اللاعبين المحليين وفق معطيات الواقع الجديد بين القوى الاقليمية والدولية، وقال "سيحرص كل طرف على بقاء التهديد في الداخل اليمني، لكن في أدنى درجات الفوضى، حتى يتم الانتهاء من ترتيبات إعادة المشهد بين القوى القديمة وتلك الصاعدة والتي تبحث عن دور في اللعبة الجديدة".
وذكر الزرقة أن الحوثي سيرضخ شكليا لأي اتفاق خارجي، لكنه يستند على حليف يجيد المراوغة والتدليس، سيعمل على بقاء الحوثي كقنبلة موقوتة يستطيع التلويح بتفجيرها في وجه أي تفاهمات لا تخدمه".
وقال إن طهران ليست مهتمة بأدواتها، إلا بقدر ما يمكن أن تسببه من أذى لأعدائها وخدمة مصالحها"
تقاسم نفوذ
الكاتب سيف الحاضري هو الآخر علق بالقول "الذي يتجلى من الاتفاق السعودي الإيراني، إن الشقيقة كانت تستخدم ورقة اليمن ودعم الشرعية لتعزيز مصالحها الإقليمية والدولية".
ووفقا للحاضري فإن السعودية رفضت السماح للجيش بحسم المعركة وعملت على إضعاف الدولة وانتزعت منها مخالب القوة، اليوم تتقاسم النفوذ مع إيران وعمان والإمارات، إلا الدولة اليمنية أصبحت بلا نفوذ في بلادها وعلى ارضها".
أحمد القرشي رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة باليمن كتب "نأمل أن يترتب على اتفاق السعودية وإيران سلام واستقرار دائم في بلادنا".
وبنظر القرشي فإن في اختلافهما قتل وأصيب وشرد أكثر من عشرين مليون طفل وامرأة، ودمر النسيج الاجتماعي والاقتصاد والتعليم والبنية التحتية.
في حين قال الإعلامي عبدالله اسماعيل "أثق بالمملكة وقدرتها وتأثيرها لتجيير الاتفاق للمصلحة الداخلية والعربية بل واليمنية، لكني قطعا ومطلقا لا أثق بايران، العدو الأول والكارثة الكبرى، ومشروع الدمار، حد قوله.
وزاد "إيران تعتنق العدوان وتصدير الخراب، وأدواتها النسق المتقدم لمشروعها، إنهاء عنصرية الحوثي سيظل هدف اليمنيين ومشروعهم أمس واليوم وغدا".
خفض للعنف فقط
الباحث والخبير العسكري علي الذهب، غرد بالقول "أثر الاتفاق المبرم بين إيران السعودية، في أزمة اليمن، لا ينبغي أخذه على أنه إنهاء جذري وشامل لهذه الأزمة، فلا يزال هناك روافد أخرى تغذيها".
وأكد أن "الاتفاق يعمل على خفض العنف أكثر، وليس القضاء النهائي عليه".
انتصار للصين
فيما يرى الصحفي ياسين العقلاني أن الاتفاق بين السعودية وإيران هو انتصار للصين في منطقة ظلت لعقود حكرا للنفوذ الأمريكي الغربي.
الباحث اليمني المهتم في سياسة النفوذ الإيراني في المنطقة العربية عدنان هاشم، يقول "من غير السليم أن تدين عودة علاقة دولة بدولة مجاورة لها لأنك تعتقد أن لها تأثير سيء على بلادك".
وقال "الاتفاق الايراني السعودي مناسب لأن الأصل في العلاقات الديمومة والدبلوماسية وليس حالة الاحتراب، ما يحدث في اليمن بسبب أن جماعة انقلبت على الدولة ومؤسساتها وهذه هي معضلتنا الدائمة".
وأردف "سواء اتفقوا او اختلفوا خارج البلاد، فلا حل إلا بمحو هذه الآثار واستعادة الدولة وآثار الحرب والميلشيات التي أنشأتها الحرب".، مشيرا إلى أنه في كل الحالات، ستبقى السعودية وإيران في حالة تنافس ومحاولة قيادة الإقليم، ومن المبكر الحكم بفشل الاتفاق من عدمه ما يمكن أن نحكم عليه هو أن الدولتين بحاجة لهذا الاتفاق.
ويضيف عدنان "إذا ما حدثت تهدئة مؤقتة لاتفاقات بين الدول في المنطقة قد لا تدوم دون رغبة كاملة من الأطراف المحلية في هذه الدول".