بوثيقة إثبات ملكية تعود للعهد العثماني، يكافح الفلسطيني عبد الفتاح منصور للدفاع عن أرضه من أطماع المستوطنين الذين يريدون الاستيلاء عليها لبناء مستوطنة إسرائيلية.
ويملك منصور (75عاما) وأشقاؤه نحو 60 دونما في قرية جوريش، إلى الجنوب من مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة في فلسطين.
وفي 22 يناير/ كانون الثاني الماضي نصب مستوطنون يهود خمس بيوت متنقلة على أرض منصور، في محاولة منهم للسيطرة عليها وإقامة بؤرة استيطانية جديدة.
غير أن أهالي القرية هبوا للموقع، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع المستوطنين والجيش الإسرائيلي أسفرت عن إصابة عدد من الأهالي بجراح وحالات اختناق.
وبعد ساعات، فكك الجيش الإسرائيلي البؤرة الاستيطانية، غير أن التهديد بالسيطرة على تلك الأراضي ما يزال قائما، حيث يتواجد الجيش في كثير من الأحيان بالمنطقة، مع احتمال عودة مستوطنين للموقع.
** معركة قانونية
يقول منصور لمرسل الأناضول، إن "أعين المستوطنين على الأرض، وفي أي وقت قد يعودون في ظل وجود حكومة إسرائيلية الأكثر تطرفا، وتدعم الاستيطان، وتسهل عملية السيطرة على الأراضي الفلسطينية".
لكن المواطن الفلسطيني يؤكد أنه عازم على الدفاع عن أرضه بكل ما أوتي من قوة، متسلحا بوثيقة ملكية يعود تاريخها إلى العهد العثماني.
وعن الوثيقة يقول: "هي عقد بيع وشراء باسم جدي، وسجل فيه اسم جدي عبد الفتاح منصور، وذكر النص اسم المشتري: المسلم العثماني عبد الفتاح منصور. وخُتمت بختم عثماني".
وتابع حديثه ممسكا بالوثيقة: "تملك العائلة هذه الأرض منذ عام 1906".
وتحافظ العائلة الفلسطينية على الوثيقة التي بدت أطرافها متآكلة، غير أنها مغلفة بجلد بلاستيكي، يقول منصور إنها بمثابة "كنز".
وفضلا عن عائلة منصور هناك كثير من الفلسطينيين يملكون أوراق ملكية "طابو"، ووثائق عثمانية تثبت ملكيتهم لأراضيهم وممتلكاتهم.
وتسعى العائلة الفلسطينية لاستكمال كافة الأوراق الرسمية، وخوض معركة قانونية للدفاع عن أرضها.
ويستدرك المسن الفلسطيني قائلا: "رغم ما نملكه من أوراق رسمية غير أن المخاوف قائمة من سيطرة (المستوطنين) على الأرض".
ولفت إلى أن "إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل شيء، وتسعى للسيطرة على الأرض"، لكنه يشدد على أن "المعركة على الأرض مصيرية، وسندافع عنها بكل السبل".
** مخطط فصل البلدات الفلسطينية
رئيس مجلس قروي جوريش، رائد أبو جاموس، أشار إلى أن المستوطنين يحاولون العودة من جديد للسيطرة على تلك الأراضي.
وقال أبو جاموس، للأناضول: "إقامة تلك البؤرة - في حال تم - يعني خسارة جُل أراضي القرية، ومنع المزارعين من الوصول إلى حقولهم الزراعية".
وأضاف: "هناك مخطط إسرائيلي مدروس لوضع البؤرة الاستيطانية، بحيث تعمل على فصل البلدات الفلسطينية عن بعضها البعض جغرافيا، وإنشاء كتلة استيطانية متواصلة".
ويسكن جوريش نحو ألفي نسمة، ويملكون 8 آلاف دونم، مزروعة في غالبيتها بأشجار الزيتون واللوز.
وخسرت جوريش نحو 200 دونم من أراضيها لصالح المستوطنات، حيث تقام مستوطنة "مجدوليم"، على أراضي قرى جوريش، وقصرة، ومجدل بني فاضل.
وتفرض إسرائيل تضييقات على سكان القرية، حيث تمنعهم من تعبيد المدخل الرئيسي لجوريش الذي يصلها بالشارع العام.
وفي 12 فبراير/ شباط الجاري أعلنت الحكومة الإسرائيلية المضي قدما ببناء 10 آلاف وحدة استيطانية، وبدء عملية لإضفاء الشرعية بأثر رجعي على 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، كانت تعتبر في السابق غير قانونية، بموجب القانون الإسرائيلي.
ويتوزع نحو 725 ألف مستوطن في 176 مستوطنة كبيرة و186 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لهيئة شؤون الاستيطان، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي 14 فبراير، حذرت الولايات المتحدة وأربعة دول أوروبية في بيان مشترك، من أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية "يفاقم التوترات، ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق حل الدولتين".
وقال وزراء خارجية الدول الخمس إنهم "منزعجون بشدة من إعلان الحكومة الإسرائيلية المضي قدما في بناء نحو 10 آلاف وحدة استيطانية، وتنوي البدء في عملية لتشريع 9 بؤر استيطانية كانت تعتبر في السابق غير قانونية، بموجب القانون الإسرائيلي".