[ الصراع أدى إلى تقليص التجارة عبر موانئ اليمن (فرانس برس) ]
تتجه الأنظار في اليمن إلى ميناء الحديدة شمال غربيّ البلاد، مع تواتر الأخبار عن انفراج الشحن التجاري عبر موانئ البحر الأحمر واستقبال ميناء الحديدة عدداً من السفن التجارية المحملة بالبضائع من الأسمنت والأخشاب والحديد.
ويعيش اليمن مرحلة فارقة على المستويات كافة منذ نحو ثماني سنوات، في ظل مؤشرات عديدة لحلحلة الملفات المعقدة التي يجري بحثها عبر مفاوضات غير معلنة على أكثر من صعيد، منها ما يتعلق بملف الرواتب ومنافذ النقل البحرية والجوية والبرية.
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، نفى نائب رئيس موانئ البحر الأحمر اليمنية، يحيي شرف، أن تكون هناك سفن تجارية استقبلها ميناء الحديدة حتى الآن كما يشاع في وسائل الإعلام سوى شاحنة واحدة استقبلها خلال اليومين الماضيين، هي عبارة عن 3 آلاف طن من زيوت الطعام.
وقال شرف إن هناك جهوداً تبذل في هذا الإطار لتقديم تسهيلات للقطاع التجاري للاستيراد عبر ميناء الحديدة لتخفيف تكاليف النقل الباهظة التي تواجههم بسبب الاستخدام الإجباري للموانئ الأخرى.
ويجري حديث واسع في اليمن عن مؤشرات اتفاق غير معلن بين أطراف الصراع لإعادة فتح ميناء الحديدة لاستقبال سفن الشحن التجاري الذي حُوِّل إلى عدن قبل نحو 4 سنوات، إلى جانب إضافة وجهات جديدة لمطار صنعاء الذي اقتصرت عملية تشغيله، بحسب اتفاق الهدنة السابقة التي لا تزال سارية المفعول على رحلات محددة عبر وجهة خارجية واحدة تتمثل بالعاصمة الأردنية عمّان.
وأكد نائب رئيس موانئ البحر الأحمر اليمنية عدم وجود أي مؤشرات ملموسة بخصوص الشحن التجاري إلى ميناء الحديدة، وكل ما يُتداوَل من مرور سفن تجارية إلى الميناء لا حقيقة له على أرض الواقع.
ونتيجة لعمليات الإغلاق لبعض الموانئ بصورة جزئية أو كلية، إلى جانب الإجراءات التي فرضت على النقل البحري إلى اليمن عبر ميناء الحديدة وضرورة حصول السفن الواصلة إلى الموانئ اليمنية أو المغادرة منها، على تصاريح خاصة من قبل البعثة الأممية ذات العلاقة. فقد شهدت حركة النقل البحري في اليمن تراجعاً كبيراً، سواء في أعداد السفن أو كميات البضائع المتناولة في تلك الموانئ.
ويقدَّر عدد الحاويات التي تُحوَّل شهرياً من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن نحو 15 ألف حاوية، فيما تراجعت خطوط النقل البحري العاملة من اليمن وإليه بصورة كبيرة من 16 خطاً بحرياً قبل عام 2015 إلى 4 خطوط فقط في الوقت الراهن.
وحسب الباحث الاقتصادي عصام مقبل، في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن المفاوضات التي تجري في دائرة ضيقة، وتركزت أخيراً بين المملكة العربية السعودية والحوثيين في سلطنة عمان وما يتخللها من وفود تأتي من صنعاء وتذهب إليها، تقتصر حتى الآن على الجانب السياسي مع عدم مشاركة أي معنيين في الجانب الاقتصادي أو من القطاع الخاص، وهو ما يلاحظ في الحركة الأخيرة التي شهدتها مسقط التي استقبلت منذ مطلع شهر فبراير/ شباط الماضي مسؤولين كباراً من السعودية وإيران والأمم المتحدة والمبعوث الأميركي إلى اليمن، ما يشير إلى اهتمام دولي لافت بحل الأزمة اليمنية.
وتكشف الإحصاءات المتوافرة التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، تراجع أعداد السفن وناقلات النفط الواصلة إلى الموانئ اليمنية من نحو 1794 سفينة في عام 2014 إلى نحو 800 سفينة فقط في المتوسط خلال العامين 2020 و2021 وبنسبة تراجع بنحو - 55.4%، فيما تراجعت كمية الحمولة الصافية التي حملتها تلك السفن والناقلات من 17.7 مليون طن عام 2014 إلى نحو 7.9 ملايين طن كمتوسط في العامين 2020 ــ 2021، وبنسبة تراجع بلغت - 55.1%.
ويشير ذلك إلى تراجع القدرة التشغيلية للموانئ اليمنية بصورة كبيرة خلال سنوات الحرب، ولا تتعدى في الوقت الراهن 44% من قدرتها التشغيلية عام 2014.
في السياق، يعتقد مسؤول الاتصال والإعلام في الغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء، أحمد حسن، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المشكلة الحاصلة في التعقيدات الأخيرة لإعادة خطوط الشحن التجاري إلى ميناء الحديدة واستخدامه من قبل التجار في اليمن للاستيراد، قد تكون في شركات الشحن والملاحة البحرية التي تصنف اليمن منذ سنوات في المستويات الخطرة في الشحن التجاري البحري، إذ يتطلب الأمر وفق قوله تضافر كل الجهود للتوافق على حلحلة مختلف هذه الملفات المعقدة للتخفيف عن كاهل اليمنيين.
وكانت اليمن حتى نهاية عام 2014 تمتلك العديد من الموانئ البحرية المجهزة بصورة مقبولة لاستقبال البضائع والسفن المختلفة وتقديم خدمات الشحن والتفريغ والتخزين، إلا أن ظروف الحرب وما نجم عنتها من تدمير جزء كبير من البنى التحتية والتجهيزات في تلك الموانئ.
ويأتي ذلك، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل الداخلي للبضائع بشكل غير طبيعي، وخصوصاً تلك القادمة من المحافظات الجنوبية والشرقية، التي تجاوزت وفق بيانات حديثة 700% عمّا كانت عليه في السابق.