[ شعراء يمنيون يشككون من ديوان صدر للشاعر البردوني مؤخرا ]
لا يزال الجدل بين الأدباء والشعراء اليمنيين بشأن الديوانين المنسوبين للشاعر الراحل عبدالله البردوني صدر مؤخرا في صنعاء بعنوان: "رحلة ابن شاب قرناها والعشق في مرافئ القمر".
الكثير من الشعراء شككوا ببعض ما جاء في ديواني البردوني المزعوم لما يحمل من ركاكة واضحة وسبكات لزجة وهوامش تثير الريبة وأخطاء نحوية فاضحة.
كتاب وشعراء أيضا يرون أن "البردوني يظهر في الديوان مبشراً بقدوم جماعة الحوثي ومتهكماً بمعاوية، عدو آل البيت التاريخي، إضافة إلى أخطاء أسلوبية ولغوية ومعلوماتية في الهوامش".
الكاتب والروائي علي المقري دعا محبي البردوني ومن جمعوا تلك القصائد للتحقق من مصادرها الشعرية، وبشكل مفصّل، مستدركا بالقول: "وإلاّ فليعتبر الجميع أن هذا الديوان ليس له علاقة بالبردوني".
وقال المقري "بعد ثلاثة وعشرين عاماً من وفاته، تنشر هيئة الكتاب في صنعاء مجموعتين شعريتين لعبدالله البردوني ولا تريدنا أن نسأل من أين لكم هذا وبأي خط كُتبت؟
ومما جاء في منشور المقري "يقولون لا مجال للتشكيك وليس هناك وجهة نظر، فهذه القصائد هي للبردوني وبخط كاتبه محمد الشاطبي. قلنا: ليكن، فاتركوا المجال لمعاينة المخطوطات من قبل بعض محبي البردوني ليطمئن قلبهم، توقعنا أن يقولوا: أهلاً وسهلاً لكل من أراد التحقق أو التأكد من تطابق الخط والنصوص...إلخ".
وأفاد "لم يفعلوا وأرادونا أن نسلَّم بهذه النسخة المطبوعة دون جدال، هذه النسخة المليئة، حسب متخصصين وقرّاء، بمئات الأخطاء اللغوية والأسلوبية والعروضية (وهو ما سيقوم بتوضيحه كتّابٌ وشعراء في مقالات لهم).
وبحسب المقري فإنه ورده معلومات مؤكدة تفيد بأنه تم حذف بعض القصائد من المخطوطات الأصلية وأن الأصول المخطوطة تحتوي على أكثر من خط وليس خط الشاطبي وحده، وقال "كما زعم أصدقائي في هيئة كتاب صنعاء ومن يدافع عنها والذين كنّا نظنهم أكثر حصافة ونباهة من تصرّفهم هذا، ومن محاولتهم أن يظهروا البردوني بطابع طائفي متوعدين بأنهم سيصدرون كتاباً له يحمل عنوانه الحسين ثم الوطن والثورة".
وسرد المقري الكثير من التفسيرات التي تشكك بمصداقية ما جاء في الديوان وتابع "ظننت أن هذا سوف يكون في خدمة من أراد أن ينشر أو يعيد نشر إرث البردوني الأدبي والفكري وافترضت فيهم حُسن النيّة، كما يقال، إلاّ أن أحداً منهم لم يستجب وقاموا بردود لم أفهم منها سوى أننا مشككون وأن علينا أن نصمت".
من جانبه عبد الرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب بصنعاء التابع للحوثيين والمتهم بتزوير ديوان البردوني في سياق رده على ما كتبه المقري قال إن "ديوانا البردوني مثبتان في المرجعيات والتداولات وفي وثائق حصر الوراثة بخط اللجنة المشكلة حينها برئاسة القاضي يحي الدرة وضمت في عضويتها الأديب عبد العزيز البغدادي .....الخ".
وأضاف أن "مؤسسة العفيف تسلمتهما بعد الوفاة مباشرة وتفاصيل وملابسات ما حدث يرويها الشاعر والناقد علوان الجيلاني الذي عاش اللحظات والتفاصيل"، حد قوله.
وأفاد بأن لدى وزير الثقافة السابق خالد الرويشان نسخة استلمها من الأديب كمال البرتاني الذي كان يشغل حينها مدير مكتب الثقافة بأمانة العاصمة وقد سرب كمال بعضا منها للنشر وفق إفادته لنا أثناء البحث والتحري"، مشيرا إلى أن النسخة التي بحوزة الرويشان ما تزال بحوزته ويعرف الكثير ممن يرتادون مجلسه ذلك.
يضيف مراد "بدلا من حملة التشكيك والتحامل يمكن الرجوع إلى النسخة التي بحوزة وزير الثقافة السابق والقيام بمقارنتها مع ما صدر عن الهيئة, والرجوع إلى ما بحوزة كمال البرتاني ورئيس فرع الاتحاد بصنعاء محمد القعود، فضلا عما نشرته الصحف والمجلات والملاحق ودار وسم التركية من القصائد".
يتابع "بعدما استلمت العمل طلبت جلساء البردوني وكتابه وهم: عبدالاله القدسي, توفيق الحرازي, أمين العباسي، والمذيع محمد الشرفي, وأطلعتهم على العمل ولم أشرع في الخطوات حتى بلغ اليقين كماله".
وزاد "منهج اللجنة في التدقيق كان يقوم على نشر ما هو موجود دون تعديل أو توضيح أو حذف أو إضافة"، لافتا إلأى أن فكرة هامش "زربا" الذي ورد كأنه خطأ جسيم ترتكبه الهيئة ورد كما هو في المخطوط دون تدخل من اللجنة ولا من الهيئة وفق المنهج المتبع(مرفق صورة من المخطوط).
وختم مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب بصنعاء التابع للحوثيين مخاطبا المقري "موضوع ما ورد في المقدمة الذي أثار حزازة نفسك بشأن محمد علي الحوثي, فالفضل ينسب لأهله وأبو أحمد من قراء البردوني ومحبيه وسبق له توجيه الجهات والمؤسسات الأكاديمية بالاهتمام بالبردوني عام 2019م وحين عرضنا عليه الفكرة كان له فضل المبادرة والدعم"، حسب زعمه.
جميل مفرح قال إنه ممن عملوا على مراجعة ديواني (ابن شاب قرناها والعشق في مرافئ القمر)، وتم بعد الطباعة اكتشاف أخطاء فنية بسيطة لا تتجاوز تكرار أو تقديم حرف في كلمة أو تكرار حركة تشكيل عند الطباعة بسبب استخدام برنامج الانديزاين في عملية الصف والإخراج.
وأضاف "بالرغم من أن حصول هذه الأخطاء الفنية والبسيطة جداً وارد في أي كتاب مطبوع ولا يسلم منه أحد وأنها لا تتعدى عدد أصابع اليدين، فإننا نقدم اعتذارنا الكبير لأنفسنا أولاً ثم لكل من لديه اهتمام وحب حقيقيان للشاعر الكبير، ونعد الجمهور الثقافي والأدبي الجليل بتدارك تلك التصويبات عند إصدار الأعمال الشعرية الكاملة للبردوني بما فيها الديوانان المذكوران والذي يجري حالياً العمل على صفها ومراجعتها وطباعتها لإعادة إصدارها عن الهيئة العامة للكتاب".
الكاتب سامي غالب، حمل اتحاد الكتاب والأدباء اليمنيين مسؤولية العبث الحاصل في إرث البردوني، مشيرا إلى أن نظام صالح بعد وفاة البردوني قام بالسطو على بعض مخطوطاته، إلى جانب إثارة الخلاف بين ورثة الشاعر.
يقول غالب إن "عبدالله البردوني صرح مرارا أنه أنجز ديوانين جاهزين للطبع هما "ابن من شاب قرناها" و "العشق في مرافئ القمر"، وانجز كتابا جاهز للطبع هو "الجمهورية اليمنية" وهذه ثلاث أعمال البردوني كانت قيد الانجاز، أي دفعت للطبع أو جاهزة لأن تطبع"، مشيرا إلى أنه سمع ذلك من البردوني شخصيا في مارس 1998 ونشر كلامه في حوار صحفي أجريته معه لجريدة "الوحدوي".
وأضاف "مات البردوني بعد عام ونصف تقريبا. وترددت أقاويل يوم وفاته عن السطو على مخطوطة كتابه "الجمهورية اليمنية "من قبل "مندوب الرئيس"، لم يذكر اسمه.
واستطرد "في 2012 والسنوات التي تلت تجدد الحديث عن أعمال البردوني غير المنشورة في غياب الحاكم الذي ناصبه العداء، وفي ظل وزراء لا يمتون بصلة إلى النظام السابق لكن بالتركيز على ديوانيه دونا عن الأعمال الأخرى، نثرا وسياسة".
وقال "بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء بدا وكأن البردوني أحد خصومهم التاريخيين إذ أن موقعه في الانترنت الذي يحتوي على أعماله الشعرية المنشورة تم حذفه دون أن تحرك الوزارة واتحاد الأدباء ساكنا. ثم بعد سنوات (تقريبا 2019) ابلغني الصديق أحمد العرامي أن الديوانين في الحفظ والصون، وأنه يتابع مع آخرين امكانية طبع الديوانين من قبل وزارة الثقافة (حكومة الشرعية). وكان الحديث، مرة أخرى، يتركز على الشعر لا النثر! وحسبما فهمت من العرامي فإن الورثة يطالبون مالا مبالغا فيه، وهذا هو السبب الوحيد لعدم ظهور الديوانين".
وتساءل غالب بالقول: ماذا جرى بعد ذلك؟ كيف ظهر الديوانان في صنعاء؟ وهل تم العبث في إرث البردوني الشعري وغير الشعري؟
وتابع: هذا أسئلة يجيب عنها ورثة البردوني (العائلة) واتحاد الأدباء اليمنيين، مشيرا إلى أن ما كتبه الروائي اليمني علي المقري عن العمل الذي طبع في صنعاء مؤخرا ونسب للبردوني جدير بالوقوف والتحقق من جميع محبي البردوني وتلاميذه.