[ من الاحتفالات اليوم في تعز (Getty) ]
يحتفي اليمنيون، منذ أيام، بشكل واسع وطرق متعددة بالذكرى الـ60 لثورة 26 سبتمبر والتي أطاحت العام 1962 بحكم الأئمة في شمال اليمن. وبالرغم من الظروف العصيبة التي يعيشونها، فقد احتفل اليمنيون بهذه المناسبة بشكل لافت وأقاموا العديد من المظاهر الاحتفالية في شوارع وميادين عدد من المدن اليمنية، وذلك في محاولة للتأكيد على تمسكهم بالثورة الأم والتعبير عن أهميتها ومكانتها في قلوبهم.
وشارك مئات المواطنين في فعاليات إيقاد شعلة العيد الوطني لثورة 26 سبتمبر، والتي جرت في عدد من المدن كتعز ومأرب وغيرهما من المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، إلى جانب صنعاء، والتي تخضع لسيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، والتي تفرض قيوداً على الفعاليات الاحتفالية بهذه الثورة وتعتقل الناشطين والشباب الذين يحاولون الاحتفاء بها، كما فعلت مساء أمس الأحد في ذمار، حيث اعتقلت ناشطين اثنين أثناء التحضير لإيقاد الشعلة وسط المدينة.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ مطلع سبتمبر الجاري، احتفاء شعبياً عارماً، إذ أحيى الكثير من اليمنيين في داخل اليمن وخارجها الذكرى الـ60 لثورة 26 سبتمبر واستحضروا كل ما له علاقة بهذه الثورة وتاريخها وأهدافها ومبادئها والثوار الذين قادوها والنقلة التي أحدثتها في حياة اليمنيين، وذلك من خلال نشر الصور والأغاني والأناشيد الوطنية والتغريدات وتفاصيل الأحداث وواقع الحياة قبل وبعد الثورة.
ويقول شباب وناشطون وأكاديميون، لـ"العربي الجديد"، إن تلك المظاهر تأتي لتخليد ثورة 26 سبتمبر وإحيائها والتذكير بتاريخها ومحطاتها وأبطالها والتضحيات التي قدمها اليمنيون للخلاص من الظلم والاستبداد والتخلف والقهر والفقر والسجون والأغلال، كما تؤكد على عظمة هذه الثورة وقداستها ومغبة المساس بها أو التآمر عليها، وتلفت انتباه العامة إلى المخاطر التي تتهددها والمشاريع التي تسعى لوأدها وطي صفحتها وإعادة الحكم الإمامي بنسخته الجديدة والذي يتجسد في جماعة "أنصار الله".
وعمد اليمنيون في "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعي إلى دمج صورهم الشخصية باطارات تتضمن عمر ثورة 26 سبتمبر ورقم الذكرى الحالية لها وشعارها، كما نشروا صوراً للثوار وأبرز قادتهم ومعلومات حول أدوارهم، إلى جانب صور تلخص ملامح المعاناة السائدة قبل الثورة، ومقاطع من أفلام وثائقية وأغانٍ وأناشيد متعلقة بها وتستعرض محطاتها وأمجادها والفارق الذي أحدثته في حياة اليمنيين.
ويقول الأكاديمي في جامعة تعز الأستاذ ماجد الجعفري، لـ"العربي الجديد"، إن "ثورة 26 سبتمبر هي الثورة الأم التي منحتنا الأمل والأمان وخلصتنا من نظام الحكم الإمامي وعبوديته وبطشه وتنكيله، كما منحتنا الحرية والحياة الكريمة والحق في المواطنة المتساوية والعدالة وسيادة القانون وأرست لعصر مختلف وكسرت العزلة التي فرضت على اليمنيين على مدى قرون من الزمن".
ويضيف: "أحتفي بهذه الثورة بطريقتي الخاصة وأكتب الشعر والنثر واتغنى بها بكل الوسائل المتاحة، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي، كما نقيم الكرنفالات والمهرجانات المدرسية والجامعية والشعبية ونشعل الشعلات في سطوح منازلنا ونعلق الأعلام الوطنية في منازلنا وسياراتنا وشوارعنا وواجهات محلاتنا لنعلم الآخرين عن مكانتها ورمزيتها وقيمتها ودلالتها ونرسخها في أوساط الأطفال.
وشهدت مدينة تعز في وسط اليمن، والتي تعدّ العاصمة الثقافية للبلاد، العديد من المظاهر الاحتفالية، بينها مهرجانات واحتفالات على مستوى المدارس والجامعات، وهي فعاليات تداول ناشطون وإعلاميون مشاهد مصورة لها في "فيسبوك" و"تويتر"، واعتبروها رسالة لكل من يحاول المساس بثورة 26 سبتمبر، في إشارة لجماعة "أنصار الله"، والتي قامت بتطعيم المناهج الدراسية بدروس حول قادتها ورموزها القدامى وذلك على حساب تاريخ هذه الثورة ورموزها.
ويرى يمنيون أن ثورة 26 سبتمبر تمثّل "ملاذهم وهويتهم ورمز حريتهم"، ويؤكدون على تمسكهم بها لكونها "الحلم والحرية والجمهورية والعدالة والمساواة وبوابة اليمنيين نحو العلم والمعرفة والتطور والتنوير".
وخرج المئات من أبناء مدينة تعز، للاحتفال بالذكرى الـ60 للثورة، ورفعوا الأعلام ورددوا الهتافات المؤيدة لها، حسب الشاب يوسف الشماحي، والذي يقول، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذه الثورة تعني "ميلاد اليمن الكبير والخروج من دوامة الظلم والاستبداد والتخلف والانطلاق نحو الحرية والتعليم".
أما الناشط شعيب الأحمدي، فيؤكد على أن المشاركين "لا يحتفلون بذكرى قد مضت، وإنما بتجدد ثورة 26 سبتمبر، ما تزال باقية للأجيال القادمة وصامدة في وجه بقايا الإمامة والذين يحاولون طمسها من خلال العديد من الأساليب، بينها خلق مناسبة موازية والاحتفاء بها".
وتلفت الإعلامية الشابة نعائم خالد، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن جماعة الحوثيين "تصر على الوقوف في وجه ثورة 26 سبتمبر واليمن الجمهوري وتحاول إعادة نسخة جديدة من الحكم الإمامي، وهو ما يرفضه اليمنيون من خلال الاحتفال منذ مطلع شهر سبتمبر الجاري بهذه الثورة في مدينة تعز وغيرها وعلى منصات التواصل الاجتماعي، ليوجهوا رسالة مفادها أنهم متمسكون بها والحكم الجمهوري الذي تمخضت عنه".