[ ميسم الربيعي تتوسط زوجها (يمين) والمغني راغب علامة (مواقع التواصل) ]
لطالما أخذ المصورون على عاتقهم مهمة إحراج وفضح المسؤولين والمشاهير عبر نقل سلوكياتهم من السرّ إلى العلن، مما يدفعهم غالبا إلى خسارة مناصبهم ومراكزهم الاجتماعية، أو تضرر سمعتهم على الأقل.
ومع تنامي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الصور المسربة تجد طريقها إلى شرائح واسعة من الناس في ظرف وجيز وفي مختلف أرجاء العالم.
ومن العراق إلى فنلندا وبريطانيا ودول أخرى، دفع الساسة ثمنا باهظا لصور تكشف وقائع لحظات أريد لها أن تبقى بعيدة عن أعين الناس.
وفي بعض الأحيان، لا يكون المشهد المصور سريّا، لكن توثيقه يجعل بعض أطرافه في ورطة كبيرة، فيتحول لقضية سياسية يسيل حولها حبر كثير.
وفيما يلي قصص صور سببت متاعب لمسؤولين في دول مختلفة خلال العام الحالي:
حفلة سرية بالمكتب الحكومي
في مطلع العام الجاري، نشرت الصحافة البريطانية صورا لبوريس جونسون أثناء حفل في المكتب الحكومي وبجانبه زجاجة خمر، فيما بدا أنه حفل بمناسبة رأس السنة يضم 4 أشخاص.
كانت هذه الصورة تعود إلى عام 2020 في عزّ الإجراءات الاحترازية ضد كورونا التي فرضها رئيس الحكومة نفسه، وكانت تقضي بمنع تنظيم الاحتفالات.
وعلى الفور، ظهرت دعوات تطالب جونسون بالاعتذار والاستقالة من منصبه؛ فليس مستساغا في الدول الديمقراطية أن ينتهك رئيس الحكومة القانون ويطالب الشعب باحترامه.
وفتحت الشرطة تحقيقات في حفلات قيل إن جونسون أقامها في المكتب الحكومي خلال الحجر الصحي، وانتهت بتغريمه، ليكون أول رئيس وزراء بريطاني تغرّمه الشرطة لانتهاكه القانون.
وهذه الصورة واحدة من فضائح أطاحت بجونسون بعد أن كان واحدا من أقوى الزعماء السياسيين في تاريخ بريطانيا، فقد شغل منصب عمدة لندن، وتولى وزارة الخارجية، وخطط لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعلى وقع صيحات الاستهجان أمام مكتبه، ظهر جونسون في الثامن من يوليو/تموز الماضي رفقة زوجته وثلة من الموظفين ليعلن استقالته من رئاسة الحزب الحاكم، وهو ما يعني تخليه عن رئاسة الحكومة.
وتجري حاليا في بريطانيا انتخابات داخل حزب المحافظين لاختيار خليفة لبوريس جونسون.
مسافة 4 أمتار وقرار الحرب
في فبراير/شباط الماضي أدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة لموسكو، وأجرى حديثا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين استغرق 5 ساعات متواصلة.
حينها كان بوتين يحشد جنوده على الحدود مع أوكرانيا تمهيدا لمعاقبتها على عزمها الانضمام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO).
وقد أراد ماكرون ثني بوتين عن العملية العسكرية وتهدئة مخاوفه من اقتراب الناتو من حدود روسيا، لكن صورة الزعيمين أثناء حديثهما سرقت الأضواء من اللقاء ومن أهدافه.
لقد جلس بوتين على طرف طاولة بطول 4 أمتار، وأجلس ماكرون على الطرف الآخر، فيما بدا أنها رسالة واضحة ببعد المسافة بين وجهتي نظر الزعيمين.
وفي مناطق عديدة، اعتبرت الصورة إهانة لماكرون الذي يقود دولة نووية وعضوة دائمة بمجلس الأمن الدولي، ويبدو في مناسبات مختلفة يمثل وجهة نظر الاتحاد الأوروبي.
ولم يكتف بوتين بمسافة الجلوس، فبعد حديث الزعيمين في مؤتمر صحفي، غادر الرئيس الروسي المكان قبل ضيفه الفرنسي الذي بدا خلفه بأربعة أمتار.
واعتبر بعض المعلقين أن بوتين أراد أن يقول للأوروبيين إنه لا يريد الإصغاء لهم، وإنه قد اتخذ قرار شن الحرب على أوكرانيا.
وقد أثارت صورة جلوس الرجلين موجة من السخرية والاستنكار في أوروبا عامة، وبفرنسا بالذات.
وأمام هذا الحرج، سرّبت السلطات الفرنسية معلومات لرويترز تبرر فيها قبول ماكرون بطريقة الجلوس المهينة، قائلة إن البروتوكول الروسي حينها كان يقتضي أن يجري الأطباء الروس فحص كورونا لكل ضيف يلتقي ببوتين.
وحسب المعلومات المسربة، فإن الفرنسيين فضلوا ظهور ماكرون في هذه الصورة بدل خضوعه لفحص يمكّن الروس من الحصول على حمضه النووي.
أفريقيا تنفض يدها من فرنسا
ماكرون أيضا ظهر في صورة محرجة في أفريقيا في وقت يكتسي فيه رمزية خاصة بالنسبة لباريس، التي يتراجع نفوذها في هذه القارة التي العديد من دولها محتلة من قبل الفرنسيين.
ففي يوليو/تموز الماضي، زار ماكرون دولة بنين، وظهر في لقطة فيديو يضع يده على كتف وزير خارجيتها أوريلين أجبينونسي.
وعلى الفور، ابتعد الوزير البنيني من الرئيس الفرنسي، ونفض كتفه ليبدو وكأنه ينظفها من لمسة ماكرون، وأثارت هذه اللقطة جدلا وسخرية على مواقع التواصل.
واعتبر البعض أن هذا التصرف ليس عفويا، بل يمثل إهانة للرئيس الفرنسي، في حين قرآه آخرون يأتي في سياق سعي دول أفريقية عديدة لنفض يديها من الهيمنة الفرنسية.
وكان الرئيس الفرنسي يقوم بجولة أفريقية لمدة 3 أيام لإقناع الأفارقة بتحميل روسيا مسؤولية الحرب في أوكرانيا.
وجاءت هذه الزيارة في وقت تحاول فيه دول أفريقية التحرر من الهيمنة الفرنيسة وبناء شراكات قوية مع الروس والأتراك والصينيين.
ومؤخرا، اضطر ماكرون لسحب قواته من مالي بعد أن أقامت باماكو علاقات قوية مع موسكو وحصلت منها على مقاتلات ومعدات عسكرية.
لكن الوزير البنيني كذّب هذه القراءات، وقال إن ماكرون لاحظ أثر غبار على سترته وأنه أراد نفض هذا الغبار فقط.
رئيس يترنح
يقف الرئيس الأميركي جو بايدن على أعتاب الثمانين عاما، ويحرص على أن يبدو قويا أمام الكاميرات، ولكنه فشل مرات في التماسك وهو يصعد سلم الطائرة.
لقد أظهرت عدة مقاطع فيديو الرئيس يترنح ويسقط أحيانا، مما ولّد ردودا عديدة تتحدث عن صحته وعدم قدرته على الاستمرار في قيادة الولايات المتحدة.
كما سخر بعض رواد مواقع التواصل من ترنح بايدن وتعثره على السلم، قائلين إنه كان يفكر في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تحدى الغرب بغزو أوكرانيا بعد أن حاولت الانضمام لحلف الناتو.
وأمام التعليقات التي تشكك في قدرة الرئيس الصحية، اضطر الببيت الأبيض للرد على تعثر بايدن أثناء صعوده إلى الطائرة، قائلا إن ذلك كان بسبب الرياح القوية.
كذلك، أدلى طبيب الرئيس ببيانات حول صحته وعدد الأدوية التي يتناولها، مؤكدا قدرته على ممارسة مهامه.
رئيسة الحكومة ترقص
تبلغ سانا مارين 36 عاما فقط، وتقلدت رئاسة الحكومة في فنلندا عام 2019، وحاليا تعد أصغر شخصية في العالم تتولى هذا المنصب الكبير.
لكن ثقل المسؤولية لم يمنع الشابة من الرقص والغناء مع أصدقائها وشخصيات محلية وفنية، مما سبب سخطا كبيرا في الأوساط السياسية وأثار ردودا متباينة.
ففي فيديو سرّب الأسبوع الماضي، ظهرت مارين وهي ترقص على نحو بعيد من رزانة المسؤولين، مما جعل كثيرين يرون أنها ليست جديرة بقيادة الحكومة، ويطالبون بإخضاعها للفحص لمعرفة ما إذا كانت تتناول المخدرات.
وقالت مارين في مؤتمر صحفي إنها ترفض الاعتراض على هذا الفيديو لأنه خاص بـ"حياتها الشخصية"، وأكدت أنها بعد تسريب الفيديو مباشرة أجرت فحصًا لقياس نسبة المخدرات في الدم من أجل دحض مزاعم تناولها، وتقدمت بالنتيجة السلبية للحكومة.
في المقابل، عبر عدد من النشطاء الفنلنديين عن دعمهم لرئيسة الحكومة. وقالت هينلي فيستولا "تمكنت مارين من مواجهة هذه الأسئلة المزعجة بطريقة رائعة واقعية وهادئة، فهي امرأة باردة المزاج، تستطيع مقاومة الضغط، وكل مرة تُختبر فيها تثبت أنها مثل الحديد".
وسبق أن ظهرت مارين في صورة مسربة وهي شبه عارية الصدر وتحتفل مع صديقتها في المقر الحكومي، ولاحقا اعتذرت عن هذه الصورة، واعترفت بأنها غير مناسبة.
لكن رئيسة الحكومة الشابة لا تنكر أنها ترتاد الملاهي الليلية، وترقص في الحفلات الصاخبة، ولا ترى في هذا السلوك ما يخل بمسؤولياتها.
زوجة السفير والمغني
بينما كان العراق يعيش على وقع احتجاجات ساخنة، ظهر مؤخرا سفيره في الأردن وحرمه رفقة مغن لبناني في صور اعتبرها الجمهور العربي غير محتشمة ومخلة بالآداب.
السفير هو حيدر العذاري الذي سبق أن شغل عدة مناصب دبلوماسية في وزارة الخارجية العراقية قبل تعيينه سفيرا لدى الأردن في 2019.
أما زوجته فهي ميسم الربيعي، وتشير المعلومات المتوفرة عنها إلى أنها في أواخر الثلاثينيات من عمرها ومن مواليد العاصمة بغداد.
ظهرت الربيعي في صور عديدة مع الفنان اللبناني راغب علامة، وتمسك بيده في بعض الصور، وتلصق وجهها برأسه في إحداها.
وفي صورة أخرى، بدت الربيعي تتوسط زوجها والفنان اللبناني لالتقاط "سيلفي".
وقد طالب عضو مجلس النواب العراقي حسن الأسدي بإقالة السفير حيدر العذاري ومحاكمته "لانتهاكه الدستور والقانون النافذ والقيم الوطنية".
وقال الأسدي إن زوجة السفير ظهرت في "وضع مخز يتنافى مع القيم والأخلاق والدستور العراقي وثقافة المجتمع العراقي المسلم وأعرافه". كما وجّه التيار الصدري انتقادا لاذعا إلى سفير العراق لدى الأردن.
ولأيام متتالية أشعلت هذه الصور النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع الخارجية العراقية لاستدعاء السفير إلى بغداد.
والسبت الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف إن "الوزارة تتابع باهتمام ما تمَّ تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من صور تُعنى بسفير العراق في المملكة الأردنيّة الهاشميّة".
وأضاف "نلفت عناية وسائل الإعلام والرأي العام إلى أنه سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بهذا الشأن وبأسرع وقت، وبما يعزِز قيم الدبلوماسيّة العراقيّة". وأكد أن "الوزارة تستقدم السفير إلى بغداد".