كشف علي ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1980-1986)، لبرنامج “المتحري” -لأول مرة- عن تفاصيل أحداث 13 يناير/كانون الثاني 1986 ومقتل الرئيس الجنوبي الأسبق، سالم ربيع علي.
فخلال حلوله ضيفا على حلقة برنامج "المتحري"، تحدث علي ناصر -لأول مرة لوسيلة إعلامية- عن كواليس وخفايا الصراع بين أجنحة الحزب الاشتراكي في اليمن، وبالتحديد أحداث 13 يناير/كانون الثاني 1986، وقال إن الوضع كان قابلا للانفجار في أي لحظة، وإن كل الأيادي كانت على الزناد، والجميع يتحمل المسؤولية.
وقبل الوحدة اليمنية، انفجر الصراع بين أجنحة الحزب الاشتراكي الحاكم في جنوب اليمن، وخاصة بين قوات علي ناصر ومؤيديه، وتيار آخر يمثله علي عنتر، وعبد الفتاح إسماعيل.
وعاد علي ناصر بذاكرته إلى أيام الصراع، وروى قصة حقيبة المتفجرات التي أدت إلى مقتل سالم ربيع علي، حيث إن شخصا كان يعشق الوحدة اليمنية ذهب إلى صنعاء بالحقيبة، مشيرا إلى أن الهدف من العملية كان قائما على قناعة بأن الوحدة ستتحقق بعد مقتل رئيس اليمن الشمالية أحمد الغشمي عام 1978، مشيرا إلى أن القيادة اجتمعت وناقشت موضوع تحميل الرئيس ربيع علي المسؤولية.
ويقول رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، يحيى منصور أبو إصبع إن بيانا أذيع -في صنعاء بعد مقتل الغشمي- أفاد بأن سالم علي ربيع أرسل رسولا خاصا يحمل حقيبة فيها متفجرات أدت إلى مقتل الغشمي ومقتل الرسول الذي بعثه.
وتقول وثائق بريطانية -اطلعت عليها حلقة "الإخوة الأعداء" من برنامج "المتحري"- إن الرواية الرسمية للحزب الاشتراكي تقول إن سالم ربيع علي هو من قتل الغشمي عام 1978، في حين شكك آخرون في الرواية بحجة أنه تم استبدال الحقيبة المرسلة إلى صنعاء من دون علم سالم ربيع علي.
ووفق مؤرخ أميركي متخصص في الشأن اليمني، فإن خصوم سالم علي ربيع في عدن استغلوا أزمة اغتيال الغشمي في صنعاء، وجعلوها وسيلة لإزاحته من السلطة في عدن، والشخصيات التي أقالت علي سالم هي التي دبرت مكيدة حقيبة المتفجرات من أجل الوصول للسلطة.
وكشف علي ناصر أنه خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي تمت الدعوة إلى استقالة الرئيس سالم ربيع علي بهدف حل مشكلة عدن وصنعاء، وبالفعل قدم استقالته، وفي أثناء تجهيز نفسه، قام أحد الحراس المحسوبين عليه بإطلاق النار، مما أدى إلى انفجار الموقف، ولكن سالم ربيع سلم نفسه في اليوم التالي للقيادة، وحكم المكتب السياسي عليه بالإعدام.
مراسلات ووثائق
وحصل البرنامج بشكل حصري على مقابلة مسجلة لعلي سالم البيض، الذي أصبح بعد أحداث يناير/كانون الثاني الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، وكان أحد اثنين خرجا سالمين من حادث اجتماع اللجنة المركزية التي قتل فيها عدد من قيادات الحزب، حيث روى في هذه المقابلة تفاصيل ما وقع.
كما تحصل البرنامج على مراسلات ووثائق بريطانية وأميركية استخباراتية كشفت عن تفاصيل دقيقة لما وقع في تلك الأحداث، إضافة إلى شخصيات كانت قريبة من مسرح الأحداث.
وتطرقت حلقة "الإخوة الأعداء" إلى جذور الصراع التي مهدت لما وقع لاحقا، وكشف رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي عن أنه بعد حركة 22 يونيو/حزيران التصحيحية عام 1969، تشكل مجلس رئاسة من التيار اليساري يتكون من سالم علي ربيع رئيسا وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد ومحمد علي هيثم.
ويؤكد المؤرخ الأميركي المتخصص في الشأن اليمني أن تلك الشخصيات لعبت أدوارا مهمة في تطور السياسة اليمنية الجنوبية في مرحلة ما بعد عام 1969، ولم يكن أحدهم يتفق مع الآخر، بل اعتادوا على التآمر على بعضهم بعضا، وكانت خلافاتهم على عدة أصعدة.
وخلال المؤتمر الخامس للجبهة القومية عام 1972، بدأ التباين بين تيار سالم علي ربيع -الذي كان يميل إلى الصين بقوة- وتيار عبد الفتاح إسماعيل -الذي كان يميل إلى الاتحاد السوفياتي حينها- وبدأت المشاكل تنمو وتتطور بينهما حتى الأحداث التي قتل فيها عام 1978 سالم علي ربيع، حسبما يقول يحيى منصور أبو إصبع.