عن بليغ .. الذي مات ولم تبصره أمي
من أين ابدأ؟ .. أرجوك أن تعود الينا وتحكي لنا قصة بطولة رحيلك الأخيرة يابليغ ثم تذهب، يقف الان أبي على مكان مثواك الأخير ويقرأ لروحك فاتحة الكتاب هل تبصره ؟ يابليغ انظر إليه كيف يقف شامخا كجبل صبر.
نور الدين حفيدنا المشاغب ذو الخمس سنوات أصبح هو الاخر يعرف مكانك وكيف ولماذا انت هنا وعندما يسألنا هل ستعود مرة اخرى وتخرج معه الى البقالة .. يحدثه أبي عن الجمهورية وعن القتلة الذين اقتحموا مدينتنا تعز ويقتلوننا كل يوم ويقول له انك اجبرت على الدفاع عن مستقبله ومستقبل محمد وابرهيم من أطفال الحارة وكذلك عن سلامة المكتبة التي تقع في الشارع المقابل وسبق ان وعدك بليغ ان يشتري لك منها حقيبة للمدرسة والوان للرسم عندما يعود مرة أخرى.
أمي يا بليغ التي التقتك اخر مرة قبل أربعة أشهر من رحيلك تقول لي عندما اتصل بها وأحاول مواساتها كل مرة "اني أودعت بليغ الرحمن وبقي لي أنت يا ولدي كن بخير حتى أكون بكامل صحتي وقوتي" اذا هي تطمئنني وتبدوا اقوى مني الذي اكتب الان هذا وأتمنى لو أن سائق الباص يعود قليلا باتجاه الوراء ويدور الزمان عاما فقط لعلي أستطيع ان اسلم عليك وأودعك يابليغ.
كم هو قاسي ومربك جدا ان اسلم عليك على عجل واختار الاغتراب من اجل الحياة بينما لا أدري انك تفكر في اختيار الاغتراب النهائي يا بليغ وبطريقة مختلفة اخترت مغادرة منزلنا.
انا بعيد عنك يا بليغ الان هل تسمعني، كيف لي أن أقوى على العودة دون أن أبصرك في الزواية المقابلة من مجلس منزلنا ونستمع إلي أبي وهو يحدثنا عن الاجتهاد من أجل المستقبل كما كان يفعل في أيام دراستنا الابتدائية.
قبل ذلك وبعده نحن فخورين بشجاعتك بطلنا العظيم، سيتحدث نور الدين لزملائه في صف المدرسة عندما يكبر عن سيرة بطل خالد اسمه بليغ وسنشتري له حقيبة المدرسة التي وعدته بها وسكيبر ويكبر ويحرس المدينة من دنس الجهالة ومخلفات الإمامة وستنجب تعز بليغ اخر وبطلا جديدا كل يوم.
رحمة الله تغشاك بطلنا بليغ..