يشهد اليمن منذ أسابيع أزمة شح خانقة في المشتقات النفطية بمختلف محافظات البلاد، ما أدى إلى تفاقم أكبر للوضع الإنساني المتدهور.
ولم يتوقف الأمر عند شح المخزونات، بل إن أسعاره سجلت ارتفاعات متتالية منذ نهاية العام الماضي.
ويشكو المواطنون من ارتفاع غير مسبوق لأسعار الوقود، حيث وصلت قيمة لتر البنزين إلى دولارين في السوق السوداء، للمرة الأولى في تاريخ البلاد المثخنة بتداعيات الحرب.
خلال الأيام الماضية، خرجت تظاهرات في أكثر من مدينة احتجاجا على أزمة الوقود وارتفاع أسعاره إلى مستويات جعل من الصعب على المواطنين ملء خزانات الوقود لمركباتهم.
والأزمات المتكررة في المشتقات النفطية، والانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي والمياه التي يشهدها اليمن، يتعلق بعضها بعجز الحكومة عن توفير الاحتياجات الضرورية منها، وأخرى بسبب إضراب ينفذه عمال شركتي مصافي عدن والنفط (حكوميتين)، بين الحين والآخر.
وتشهد أسعار النفط العالمية زيادات متتالية بسبب ارتفاع الطلب على الخام، والشتاء البارد حول العالم، والأهم اليوم، هي تبعات التوترات الروسية الأوكرانية، مع اعتبار أن روسيا منتج رئيس للخام.
وصباح الخميس، قفزت أسعار النفط الخام إلى ذروة تزيد على 7 سنوات، إلى 96.55 دولارا لبرميل برنت تسليم أبريل/ نيسان، حيث زادت الأسعار 2.67 بالمئة أو 2.59 دولار للبرميل.
وفي حديث مقتضب للأناضول، يعلق المواطن محمد يحيى الذي يعمل في حافلة صغيرة لنقل الركاب بمدينة تعز (جنوب غرب): "لم نعد ندري كيف نستطيع أن نوفق بين توفير تكاليف الوقود ومصروفات المنزل، بسبب هذا الغلاء".
بينما فيما يقول المواطن فائز العريقي، إن "الأوضاع في البلاد تتجه إلى الأسوأ بشكل مزر.. الغني والفقير كلاهما يصرخان من شدة الغلاء".
وأضاف للأناضول: "لا ندري أين ستصل بنا هذه الأوضاع بسبب غياب الرقابة الحكومية.. السلطات الحكومية لا تنظر إلى حال الفقراء، في ظل هذه الأوضاع الصعبة".
** مواطنون جوعى
استمرار أزمة الخدمات الأساسية في اليمن، جعل الكثير من المواطنين يحملون الحكومة المسؤولية، فيما سبق أن حذرت الأخيرة مرارا من انهيار الاقتصاد، مطالبة بدعم دولي لإنقاذ البلاد، ما يشير إلى عجز عن معالجة الأوضاع، وفق مراقبين.
في السياق، أعرب المواطن محمد عاطف عن سخطه لتدهور الأوضاع المعيشية في بلاده، متسائلا: "أين رئيس الجمهورية المسؤول عن الشعب، وأين رئيس الحكومة؟ الناس في أزمة والمواطنون جوعى".
وأضاف، للأناضول، أن "سعر جالون البنزين سعة 20 لترا وصل إلى 40 ألف ريال (36 دولارا)، ما أدى إلى ارتفاع في المواصلات والأكل والشرب، وفي كل متطلبات الحياة".
وناشد رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة معين عبد الملك، أن يهتما بالمواطنين، مشيرا إلى أن اليمن تحول إلى سوق سوداء.
فيما يقول خالد الأصبحي، الذي يعمل في نقل الركاب عبر دراجة نارية، إن ارتفاع أسعار الوقود أثر كثيرا على المواطنين.
وأضاف للأناضول، أن "الشعب يعاني كثيرا بعد أن وصل سعر جالون البنزين سعة 20 لترا إلى أربعين ألف ريال".
وتابع: "نطالب السلطات المحلية والحكومة بأن تعملا على حل لهذه الأزمات التي خنقت السكان".
يأتي ذلك في وقت تراجعت العملة اليمنية (الريال) من 215 ريالا للدولار مطلع 2015 إلى نحو 1200 ريال للدولار في 2022.
وفي 2021 وحده ارتفعت الأسعار 100 بالمئة جراء تدهور العملة، ما أدى إلى زيادة الجوع، وفق برنامج الأغذية العالمي.
وأوضح البرنامج الأممي في بيان مقتضب منتصف فبراير/ شباط الجاري، أن "انخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية دفع الكثيرين في اليمن إلى الفقر المدقع".
وأضاف: "نتيجة لذلك، يتزايد الجوع، ما يجعل الكثيرين يعتمدون على المساعدات الغذائية".
وتواجه الحكومة تحديات كبيرة في طريقة مواجهة انهيار العملة، والعمل على تحسين الاقتصاد المتدهور.
ويشهد اليمن منذ نحو 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه بنهاية 2021، تكون الحرب في اليمن قد أسفرت عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.
وأدت الحرب إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.