تخطط الولايات المتحدة لتسمية قطر "حليفا رئيسيا من خارج الناتو" لفتح مزيد من فرص التدريب واكتساب القدرات للقوات القطرية، وفق المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، عقب انتهاء اجتماعات الرئيس الأمريكي جو بايدن مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
ووفقا للخارجية الأمريكية، فإن هذا التصنيف يُظهر قوة العلاقة الوثيقة التي تشترك فيها الولايات المتحدة مع تلك الدول الحليفة التي سيكون بإمكانها استضافة مخزون احتياطيات الحرب الأمريكية من الأسلحة والمعدات والذخيرة، وفتح الأبواب أمام الشركات الخاصة لتقديم عطاءات لتوقيع عقود صيانة أو إصلاح المعدات العسكرية الأمريكية، والدخول في اتفاقيات مع الولايات المتحدة للتدريب.
وصنّفت الولايات المتحدة قطر الدولة الـ 18 التي تحصل على صفة "حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي" بعد إسرائيل، ومصر، والبحرين، والأردن، والكويت، وتونس، والمغرب، وأفغانستان، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، واليابان، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا، وباكستان، والفلبين، وتايلاند.
ووصف نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الخليج، دانييل بنايم، دولة قطر بأنها صديق قريب وحليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ خمسين عاما واستضافت قوات أمريكية منذ عدة سنوات، وفتحت أراضيها بسخاء أمام عملية الإخلاء الضخمة المستمرة والمتواصلة، وعملت ذلك بروح من الشراكة والصداقة.
والتقى أمير قطر بالرئيس الأمريكي في 31 يناير/ كانون الثاني، وهو أول حاكم عربي يزور واشنطن بدعوة من بايدن منذ توليه منصبه في يناير من العام الماضي.
وقبل اللقاء، أعلن البيت الأبيض في بيان أن جو بايدن سبق أن التقي بالأمير القطري في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما عندما كان بايدن نائبا له، كما سبق أن تحدث مع أمير قطر في خضم أزمة إجلاء الأمريكيين من أفغانستان وشكره على الدور الذي لعبته قطر.
وتضمنت الزيارة محادثات مع عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين، أبرزهم وزير الدفاع لويد أوستن ووزيرا الخارجية أنتوني بلينكن، والأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، ولقاءات مع قيادات مجلسي الشيوخ والنواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وتسعى كل من الدوحة وواشنطن إلى تحقيق مصالحهما الأمنية المشتركة عبر تخفيف حدة التوترات في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب.
وتحظى قطر بمكانة متميزة لدى الولايات المتحدة بتقديم المزيد من التسهيلات باستضافتها مقر القيادة المركزية الأمريكية، وحوالي عشرة آلاف جندي أمريكي، في إطار الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب والحرب على تنظيم داعش.
وتثني الولايات المتحدة بشكل متكرر على جهود دولة قطر في إخراج الأمريكيين والمتعاونين الأفغان من كابل في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة، وسيطرة حركة طالبان على كابل منتصف أغسطس/ آب الماضي.
وساهمت قطر بعمليات النقل الجوي الرئيسية التي حدثت أثناء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ودور الوساطة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، ورعايتها المصالح الدبلوماسية الأمريكية في أفغانستان، واستضافة الدوحة سفارة واشنطن في كابل.
وتضمن جدول أعمال الزيارة بحث إمدادات الطاقة العالمية في ظلّ الأزمة الروسية الأوكرانية التي تهدد إمدادات الطاقة في أوروبا، وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين.
وتتمتع دولة قطر بمكانة دولية متقدمة في سوق الغاز الطبيعي المسال، وقدرتها على تقديم المساعدة لدول العالم لتخطي الأزمات الاقتصادية المترتبة على احتمالات تنفيذ روسيا تهديداتها بقطع الغاز عن أوروبا، كأحد أوراق الضغط التي تمتلكها روسيا في الأزمة مع الولايات المتحدة ودول حلف الناتو، على خلفية التوترات مع أوكرانيا واحتمالات الحرب.
وأبدت قطر باعتبارها ثاني أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال، استعدادها سد جزء من حاجة دول الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي في حال فرضت واشنطن عقوبات على موسكو.
ويستورد الاتحاد الأوروبي نحو أربعين بالمائة من احتياجاته على صعيد موارد الطاقة من روسيا، وتعمل واشنطن مع قطر ودول أخرى على البحث في الأسواق العالمية عن مصادر بديلة.
سيكون من المهم للولايات المتحدة العودة إلى استراتيجياتها طيلة عقود بتوفير مظلة حماية أمنية للدول الخليجية، بعد بروز الحاجة إلى استمرار تدفق الغاز الطبيعي المسال إلى الدول الحليفة لها في القارة الأوروبية في أعقاب الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وهددت واشنطن روسيا بعقوبات غير مسبوقة إذا شنت هجوما على أوكرانيا، وقال مسؤولون أمريكيون إن خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بين روسيا وألمانيا لن يباشر العمل في حال شن هجوم عسكري روسي.
ويرى خبراء غربيون أن قطر تميزت في السنوات الأخيرة بسرعة التعاطي الإيجابي مع الأزمات العالمية عبر شراكات راسخة مع مؤسسات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وعلاقات متينة مع القوى الدولية الفاعلة وعواصم القرار العالمي في واشنطن وموسكو وبكين ولندن وباريس وبرلين.
أكدت زيارة أمير قطر إلى واشنطن عمق الشراكة مع الولايات المتحدة في عهد بايدن بعد سنوات من عدم الاستقرار في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ومن المرجح أن تلعب قطر دور الشريك الأساسي للولايات المتحدة في المنطقة، حيث يرى خبراء أنه من غير المستبعد أن تكلف واشنطن الدوحة بلعب دور الوساطة بين دول التحالف العربي وإيران في سبيل إيجاد حل سياسي للحرب في اليمن، إذ أن قطر تتمتع بعلاقات جيدة مع طهران حيث يتشارك البلدان في حقل غاز الشمال.
وتتوقع صحف غربية أن قطر يمكن لها أن تساهم في وضع حد للحرب في اليمن بعد نحو ثماني سنوات على اندلاعها، لما لها من خبرة في نزع فتيل التوترات، والدخول في وساطات ناجحة أبرزها الوساطة بين الأمريكيين وحركة طالبان.
كما يمكن لها أن تلعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، التي زارها وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن والتقى بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل أقل من أسبوع على زيارة أمير دولة قطر الى واشنطن.
ويؤشر الدور القطري الإقليمي والدولي بالتنسيق مع الولايات المتحدة إلى عودة إدارة بايدن للانخراط في ملفات الشرق الأوسط، وإعطاء أولوية لتسوية الحرب في اليمن بعد تصاعد هجمات جماعة الحوثي والتصعيد ضد الإمارات، وإبداء الإدارة الأمريكية نوعا من المرونة في ما يتعلق بالعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب.