[ خراب ناتج عن قصف جوي للتحالف في اليمن ]
نشرت صحيفة "الغارديان" مقال رأي للكاتب أوين جونز تساءل فيه عن سبب إفلات حكومة بريطانيا من التواطؤ في حرب اليمن. وقال الكاتب إن هناك فضيحة أكبر من فضيحة الحفلات في داونينغ ستريت وفي عالم عادل كان يمكن أن تطيح برئيس الوزراء.
ففي هذا الأسبوع قام التحالف الذي تقوده السعودية بغارات أدت لمقتل عدد من اليمنيين، وكان من بينهم مدنيون. وفي الشهر الماضي مات حوالي 32 مدنيا نتيجة النزاع المستمر. وتعاني البلاد من حرب أهلية منذ عام 2014.
ويقوم التحالف الذي تقوده السعودية ومنذ 7 أعوام بدك هذا البلد الفقير بالقنابل، الكثير منها صنع في بريطانيا. ومن خلال التحالف العسكري مع نظام السعودية فإن الحكومة متواطئة وبشكل مباشر مع هذه الجرائم. وربما كنت معذورا لو لم تعرف شيئا عن هذا: فاليمن كما ترى، لا يهم. فقد تم وضع شعبه في قاع هرم الموت، ولا يهتم الإعلام البريطاني كثيرا أو يحاول التدقيق في الذبح الذي تتواطؤ فيه الحكومة مباشرة.
وزادت الغارات السعودية في اليمن، فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر، بعد تصويت مجلس حقوق الإنسان لمنع التحقيق في جرائم الحرب بعد ضغوط حثيثة من الرياض. وأضاف أن اليمن لم يعد أسوأ أزمة في العالم، ليس لأن مأساة اليمنيين انتهت بل ولأن حصار الغرب على أفغانستان بات الانشغال الرئيسي.
وفي أيلول/ سبتمبر حذرت الأمم المتحدة من أن ملايين اليمنيين "على بعد خطوة من الجوع" في "وقت وصل فيه اقتصاد البلد لمستوى جديد من الانهيار"، في وقت تم فيه قطع حصص المساعدة لثمانية ملايين يمني جائع. لكن الحكومة حافظت على تحالفها مع النظام السعودي الذي يلاحق المعارضين ويخيف النساء ويقدم بكلمات وزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون "دعما ماليا سريا ومساعدة لوجيستية" للإرهاب. وهذا هو نظام قطع صحافيا إربا إربا في سفارة بالخارج وحرق أطفالا كانوا يسافرون بحافلة في اليمن، فيما يصل إلى "جريمة حرب"، حسب هيومان رايتس ووتش.
وهذا لا يعني أن القوات التي تقودها السعودية مسؤولة وحدها عن الأعمال الإجرامية، فمنظمة مواطنة الشجاعة في العاصمة صنعاء تقوم بالتدقيق وفحص كل أنواع الانتهاكات التي يرتكبها المشاركون في الحرب، بمن فيهم الحركة الحوثية والتي تسيطر على معظم البلاد. وما يهم هنا هو أن "حكومتنا تسلح وبطريقة مباشرة وتدعم طرفا واحدا، وهي مسؤولة بشكل مباشر عن تصرفاته".
ولو لم يكن هناك عمل مثل الجهد العنيد والدقيق الذي تقوم به الحملة البريطانية "الحملة ضد تجارة السلاح" لما قام أحد وبشكل عملي بفحص دور الحكومة البريطانية. وبناء على أبحاث الحملة، فقد باعت شركة "بي إي إي" سيستمز أسلحة وخدمات عسكرية إلى السعودية بقيمة 17.6 مليار دولار ومنذ عام 2015. ولديها 6.700 عنصر عامل في السعودية.
ونتيجة للجهود التي قامت بها الحملة في عام 2019 أصدرت محكمة الاستئناف قرارا أكد أن استمرار الحكومة منح رخص بيع أسلحة إلى السعودية غير قانوني. ولكن الحكومة استأنفت عمليات البيع بعد توصلها إلى أن هناك "حوادث معزولة" تم فيها خرق القانون الإنساني الدولي.
ومعركة الحملة ضد تجارة السلاح مستمرة، حيث قال مدير البحث فيها سام بيرلو- فريمان "لا توجد هناك جهود لتخفيف الحصار" و"يحافظ السعوديون عليه بدون معاناتهم من تداعيات أو جهود دبلوماسية.. والاهتمام الذي منحته القوى العالمية لإنهاء الحرب أو على الأقل الأزمة الإنسانية في اليمن غير مناسب بشكل يدعو على الأسف أو غير موجود".
وفي الوقت الذي تواصل فيه دعم الجهود الحربية السعودية قامت الحكومة بقطع دعمها الإنساني لليمن إلى النصف في عام 2021، في وقت حذر فيه برنامج الغذاء العالمي من أنه لا يستطيع إطعام اليمنيين بسبب نقص التمويل. ويجب ألا تتحمل الحملة ضد الاتجار بالأسلحة ومنظمات حقوق الإنسان العبء وحدها. وحياة اليمنيين مهمة أيضا، برغم الصمت الذي يشير إلى غير هذا. ويجب محاسبة الحكومة على تواطئها بهذا الرعب.
"نعم يجب أن نشعر بالغضب على حفلات حكامنا والشراب في وقت لم يكن فيه المواطنون العاديون قاردين على لمس أيدي أقاربهم الذين يحتضرون. ولكن تورط حكومتنا في مجازر المدنيين من قبل ديكتاتورية كريهة هي جريمة أفظع. وفشلنا للحديث هو الذي سمح باستمرار القتل".