[ رغم مصاعب مهنة استخراج الملح يتشبث بها سكان البلدة كمصدر للعيش (الجزيرة) ]
باكرا في الثانية فجرا يغادر الخمسيني فهد عوض منزله نحو جبل الملح بمنطقة عياذ ببلدة جردان التي 120 كيلومترا شرق مدينة عتق المركز الإداري لمحافظة شبوة شرقي اليمن، وجد فهد من مهنة استخراج الملح الصخري مع المئات من أبناء بلدته طوقا نجاة من البطالة والفقر اللذين يضربان البلد.
وتصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بالكارثي عالميا، ويحظى المنجم الصخري باهتمام وإقبال أفراد قبيلة القراميش شمال مديرية جردان شرق شبوة التي يقع المنجم في أراضيها، حيث يتم استخراج كميات من الملح قبل تجميعه وتسويقه لبيعه في بقية مديريات شبوة وحضرموت.
عمل شاق وثمن بخس..
وعملية استخراج الملح ليست باليسيرة عند زميله العامل في المنجم محمد القرموشي، فهي تتم بأدوات بدائية عادية من خلال سنارة حديدية ينحت بها الجبل يوميا على مدار 6 ساعات من أجل استخراج الملح.
ويختلف الإنتاج من مجموعة لأخرى، فمحمد ينجز مع مجموعته في العمل ما يعادل 5 أكياس من الملح، حيث يتم جمعها ويقوم أشخاص من أبناء البلدة بشراء الأكياس منهم، ومن ثم تسويقها نحو أسواق شبوة وحضرموت.
ويصف محمد العملية برمتها بالمضنية، لكنه مضطر للعمل من أجل توفير جزء من المصروف اليومي لأسرته فثمن ما يبيعه هو ومجموعته في اليوم ضعيف ويقل عن 4 دولارات في اليوم الواحد.
نحت لا يخلو من مخاطر..
ويقول المهندس طالب قعشل من أهالي البلدة "إن مصاعب عملية استخراج الملح من المنجم الصخري التي تتم من خلال أدوات بدائية تقليدية تصنع في المنطقة من قطعة حديد ذات رأس مدبب تزن كيلوجراما تصنع عند الحدادين كانت عاملا في تراجع أعداد العاملين في المنجم".
لافتا أن عددهم الآن بين 200-250 فردا، بعد أن كانوا أكثر من 400 شخص في السنوات الماضية. موضحا أن المخاطر التي تواجه العاملين في المنجم قد تخلف ضحايا أحيانا؛ جراء انهيارات الأكوام على العاملين في المنجم.
المخاوف حالت دون الاستثمار..
وبحسب أحمد بارعيد، مدير مديرية جردان بشبوة، فإن مخاوف السكان الذين يقع الجبل في نطاق ديارهم، حال دون إدارة السلطات المحلية في المرحلة السابقة من الإشراف على العمل في المنجم، رغم عرض السلطات حينها وبعض الشركات الاستثمارية العمل في المنجم وتطوير المعدات لاستخراج الملح، لكن السكان لم يوافقوا على تلك العروض تحت مخاوف أنه إذا تم الاستثمار والإتيان بمعدات سوف تنهي مصدر رزقهم الوحيد.
ويقول بارعيد للجزيرة إنه ناقش إشراف السلطة المحلية على المنجم والاستفادة منه مع العديد من الوجاهات القبلية وطرح الأمر على المالكين القبليين للموقع الجبلي، لكن هواجس رفض السكان قد تكون موجودة، لا سيما وأنه مصدر رزق يومي للعديد من الأسر في المنطقة.
وفاقمت الحرب المستمرة في اليمن منذ مارس/ آذار 2015 نسبة البطالة في البلد المنهك بالصراع، وبحسب الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن فقد ارتفعت نسبة البطالة إلى 65%، وازدادت نسبة الفقر إلى 80%، واضطرت 41% من الشركات إلى تسريح جزء من موظفيها وتقليص رواتبهم، في حين أغلقت 26% مقارها، وقتلت الحرب 10 آلاف و901 شخص، وجرحت 19 ألفا و498 عاملا، وسرحت مئات آلاف العمال من وظائفهم، وفق الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن.