نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط، بيثان ماكرنان، اعتبرت فيه أن المعارك الدموية الدائرة بمحافظة مأرب ستحسم بشكل نهائي الحرب في اليمن، لا سيما إذا تمكن الحوثيون من تحقيق الانتصار فيها.
واستعرضت ماكرنان في تقريرها، حجم الفاتورة الإنسانية لمعارك مأرب، التي لطالما كانت تستقبل النازحين من مناطق البلاد الأخرى على مدار السنوات الماضية.
وأوضحت الكاتبة أن أكثر من 100 مدني قتلوا أو جرحوا في مأرب خلال الشهر الماضي، مع احتدام القتال هناك.
وبيّنت أن مأرب تتعرض لهجوم مستمر منذ بداية العام من قبل المتمردين الحوثيين، الذين حاصرت قواتهم المنطقة الصحراوية الوسطى على ثلاث جبهات مختلفة.
وأضافت أن القتال من أجل السيطرة على المنطقة الغنية بالنفط تحول لأكثر المعارك دموية وأهمها في الحرب الأهلية اليمنية المستمرة منذ سبع سنوات.
وتابعت الكاتبة: "إذا نجح المتمردون في السيطرة على مأرب، فسيكونون قد هزموا الحكومة اليمنية والتحالف المدعوم من السعودية، والذي تمكن من التشبث بالمدينة باستخدام الضربات الجوية المكثفة".
وقتل 29 مدنيا على الأقل يوم الأحد في هجوم صاروخي شنه الحوثيون استهدف مسجدا ومدرسة دينية جنوب مدينة مأرب. ويُعتقد الآن أن عدد القتلى غير المؤكد من جميع الأطراف يصل إلى عشرات الآلاف.
ولعدة سنوات، حظيت مأرب بالهدوء والازدهار النسبي، ما جعلها تجذب أكثر من مليون يمني فروا من القتال في أجزاء أخرى من البلاد، مثل مسلمي وعائلتها. يعيش الكثيرون في مخيمات نزوح شاسعة بلا مياه أو مرافق صحية ولا مدارس، وقد انقطعت عنهم المساعدات القليلة التي يتلقونها بسبب تقدم الحوثيين على مدى الشهرين الماضيين.
وبحسب وكالات الإغاثة، نزح حوالي 10 آلاف شخص في شهر تشرين الأول/ أكتوبر وحده، فيما يرقى إلى أكبر موجة نزوح سُجلت في شهر واحد هذا العام.
وقالت إيرين هاتشينسون، المديرة الإقليمية لقسم اليمن في مجلس اللاجئين النرويجي، في بيان: "لا يمكن لموظفينا الوصول إلا إلى جزء صغير من المحتاجين في مأرب، وما نقدمه هو مجرد قطرة في المحيط مقارنة بالاحتياجات الهائلة".
وأضافت: "ندعو جميع الأطراف إلى تحييد المدنيين، والتأكد من أنه يمكننا الاستمرار في الوصول إليهم بالمساعدات المنقذة للحياة. كما ندعو المجتمع الدولي إلى توفير التمويل الموعود لإبقاء اليمنيين على قيد الحياة في ساعة الحاجة هذه".
واندلعت حرب اليمن بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران والقوات الموالية للحكومة اليمنية المنفية في عام 2014، لكنها تفاقمت بشكل حاد بعد تدخل تحالف تقوده السعودية في العام التالي. فرض الحوثيون، المعروفون أيضا باسم أنصار الله، فتاوى دينية صارمة على الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرتهم، في حين تعرض التحالف لانتقادات واسعة النطاق؛ لقصفه البنية التحتية المدنية.
وولّد الصراع منذ ذلك الحين أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 70 بالمئة من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة. ويعاني حوالي نصفهم من انعدام الأمن الغذائي، مع وجود 5 ملايين جائعين بالفعل في جيوب تعاني من شبه المجاعات. وقبل هجوم الحوثيين على مأرب، وصلت الحرب إلى حد كبير إلى طريق مسدود.
وتعثرت المحادثات المكثفة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو، لمناقشة وقف إطلاق النار في كل من مأرب والبلد بشكل عام، بعد أن رفض الحوثيون الاتفاق. يخشى المراقبون الدبلوماسيون أن قيادة المتمردين قررت منذ ذلك الحين أن تصعيد الجهود للاستيلاء على مأرب سيغير حسابات المساومة.
لقد رخصت المملكة المتحدة، وهي حامل القلم الحالي لليمن في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما يقدر بنحو 20 مليار جنيه إسترليني من صادرات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في التحالف منذ بدء الصراع. في وقت سابق من هذا العام، خفضت وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية ميزانية المساعدات البريطانية لليمن بنسبة 60 بالمئة.
*عربي21