مع توقع التعرض لحصار، تستعد القوات الموالية للحكومة في وسط اليمن للدفاع عن مدينة مأرب، معقلها الشمالي الأخير، في مواجهة تقدم مقاتلي جماعة الحوثي العازمين السيطرة الكاملة على إحدى المناطق الرئيسية المنتجة للطاقة في اليمن.
وإذا سقطت محافظة مأرب في أيدي الحوثيين، فستوجه ضربة للتحالف العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية الذي يقاتل الجماعة المتحالفة مع إيران منذ أكثر من ست سنوات ولجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
كما ستُعَرّض المعركة الوشيكة للسيطرة على مدينة مأرب سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين شخص للخطر، ومنهم ما يقرب من مليون نازح من أماكن أخرى من اليمن منذ بدء صراع إقليمي على السلطة بين السعودية وإيران.
وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع يوم الثلاثاء أنهم سيطروا على مديريتي الجوبة وجبل مراد في مأرب، بعد أن استولوا الشهر الماضي على العبدية وحريب، قائلا "يتقدم الآن في هذه اللحظات مجاهدونا الأبطال... باتجاه المدينة (مأرب)".
تقدم الحوثيون في معظم مناطق مأرب، المحافظة الوحيدة المنتجة للغاز في اليمن التي تضم أحد أكبر حقول النفط في البلاد في منطقة الوادي التي لا تزال مع مدينة مأرب تحت سيطرة الحكومة بالكامل.
ولم يتضح ما إذا كان الحوثيون سيشنون هجوما مباشرا على عاصمة محافظة مأرب أم سيتحركون للسيطرة على منشآت النفط والغاز القريبة ومحاصرة المدينة.
وتأتي مكاسبهم لأراض في مأرب، وكذلك في شبوة الغنية بالنفط في الجنوب، على الرغم من الضربات الجوية للتحالف والمعارك الشرسة التي تسببت بخسائر فادحة للطرفين، لكنها أودت أيضا بحياة مدنيين.
وقالت ميساء شجاع الدين الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية "مسألة سيطرة الحوثيين على كل مأرب أصبحت مسألة وقت، لكن الأمر قد يستغرق عدة شهور، إلا في حال حصل تغيير في أداء القوات الحكومية من حيث إنهاء الانقسام الذي تسبب في خسارتها مناطق عديدة وحصولها على أسلحة نوعية" متطورة من التحالف.
وتقول القوات الحكومية إنها لن تستسلم. وقال مصدران عسكريان ومسؤول محلي إن الخنادق وأكياس الرمل والألغام الأرضية منتشرة في أنحاء المدينة.
وقال قائد عسكري في القوات الحكومية لرويترز، طالبا عدم نشر اسمه، "خيارات الحوثيين محدودة لأنهم لو اتجهوا عبر الصحراء نحو منطقة حقول الغاز والنفط شرق مأرب، فإنهم سيكونون فريسة سهلة لمقاتلات التحالف. ولهذا سيحاولون تطويق مدينة مأرب من الجهات الثلاث، ولكن لدينا القدرة على الصمود والمواجهة وسنكسر قوتهم".
تقع مأرب شرقي العاصمة صنعاء التي سيطر عليها الحوثيون مع معظم شمال اليمن في 2014 عندما أطاحوا بالحكومة المدعومة من السعودية، مما دفع التحالف إلى التدخل ليجد نفسه في مأزق عسكري.
وتبذل الأمم المتحدة والولايات المتحدة جهودا من أجل التوصل إلى هدنة ضرورية لإحياء المحادثات السياسية الرامية لإنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الألوف وجعلت الملايين يواجهون الجوع.
وقالت إيرين هاتشينسون مديرة المجلس النرويجي للاجئين في اليمن "قلقنا المباشر يتعلق بسلامة المدنيين وحمايتهم في مأرب. ففي الأشهر الستة الأولى فقط من هذا العام، قُتل أو جُرح عدد من المدنيين أكبر من مجموعهم في العامين الماضيين".
ولم تحرز المحادثات بين السعودية وإيران، والتي تهدف إلى خفض التوتر، تقدما يذكر. ومن المرجح أن يؤدي تقدم الحوثيين في مأرب إلى زيادة جرأة طهران. ويتنافس الخصمان منذ سنوات للسيطرة على هذه المحافظة.
وقال بيتر سالزبري كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية "من وجهة نظر إيرانية، يبدو أن حلفاءهم الحوثيين في اليمن قريبون جدا من الانتصار في الشمال، إن لم يكن في البلد بأكمله. من الصعب جدا فهم سبب أن يشعر الحوثيون بأن هذه هي اللحظة المناسبة للتوقف".
وشهدت الرياض انتقال السلطة إلى الحوثيين منذ عام 2019 عندما أنهت الإمارات العربية المتحدة وجودها إلى حد كبير، لكنها تريد الخروج من هذه الحرب المكلفة بضمانات أمنية منها وقف إطلاق الحوثيين للصواريخ التي استهدفت مدنا سعودية.
وقال سالزبري "السعوديون... لن يغادروا (اليمن) بأي ثمن، فهم بحاجة لتقديم تدخلهم على أنه ناجح إلى حد ما".
وحتى لو توصلت الرياض إلى اتفاق مع الحوثيين، فإن إنهاء الحرب يتطلب اتفاقا بين الفصائل اليمنية التي لا تعد ولا تحصى.