تتواصل المعارك بين القوات الحكومية اليمنية، والحوثيين، على أطراف مديرية بيحان في شبوة، بعدما تمكن المتمردون من السيطرة على مناطق في البيضاء، إحدى أكبر المحافظات اليمينة.
وسيطر المتمردون الحوثيون، مساء السبت، على مديرية ناطع في محافظة البيضاء بدون مواجهة بعد انسحاب القوات الحكومية منها بحسب مصدر عسكري حكومي، طلب عدم كشف اسمه ، تحدث لوكالة فرانس برس.
معارك "الكر والفر" على حد وصف المحلل اليمني، عبد الباري طاهر، تؤشر على رغبة كل من القوات الحكومية والحوثيين على السيطرة على مناطق ذات أهمية استراتيجية واقتصادية.
يقول طاهر في اتصال مع موقع "الحرة" إن الوضع على أطراف مأرب "معقد للغاية" بينما يواصل الحوثيون سعيهم السيطرة عليها (مأرب) باعتبارها الهدف الأكبر لهم.
"حسم المعركة"
ويرى طاهر أن التعزيزات العسكرية من الطرفين هدفها "حسم المعركة"، لكنه قال إن المعركة هناك "لن تحسم عسكريا".
يقول إن جميع الأطراف تعلم جيدا أن الحسم العسكري للحرب بعيد المنال، لذلك ينصح بالعودة إلى طاولة الحوار، والابتعاد عن الرغبة الجامحة في السيطرة الميدانية التي لا تدوم في أغلب الاحيان.
وكشف في سياق حديثه أن القوات الحكومية تعلم جيدا أهمية مأرب خصوصا وأنها تتاخم السعودية، المؤيدة لها، وعلى اعتبار أنها تحمل على أرضها ثروات نفطية كبيرة، وهو سبب آخر وفقه وراء الحملة العسكرية التي تدور حولها.
وقال طاهر: "مأرب بالنسبة للطرفين معركة مهمة جدا هي منطقة نفط وتتاخم السعودية، إذا سقطت تصبح تهديدا للملكة".
طاهر وصف الوضع بالقول "معركة مأرب، معركة حياة أو موت بالنسبة للطرفين".
وأكد طاهر أهمية عودة اليمنيين إلى الحوار وبحث سبل تقاسم السلطة والثروة، وقال: "مستحيل أن يحكم طرف بمفرده اليمن، كما أن الصراع الإقليمي لن يحسم الملف".
وصعد الحوثيون المدعومون من إيران جهودهم العسكرية للسيطرة على مأرب في فبراير، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل المئات من الجانبين.
ومن شأن السيطرة على هذه المنطقة الغنية بالنفط أن تعزز الموقف التفاوضي للحوثيين في محادثات السلام.
كارثة إنسانية
وأثارت المعركة أيضا مخاوف من حصول كارثة إنسانية، مع فرار العديد من اليمنيين إلى المنطقة، هربا من القتال في أجزاء أخرى من البلاد.
وهو ما ركز عليه بيان صادر عن الخارجية الأميركية، أعقب وصول المبعوث الأميركي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، إلى السعودية، الثلاثاء، حيث قال إن، كينغ، سيناقش العواقب المتزايدة لهجوم الحوثيين على مأرب "والذي يفاقم الأزمة الإنسانية ويؤدي إلى عدم الاستقرار في أماكن أخرى من البلاد" وفق تعبير البيان.
وصل المبعوث الأميركي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، الثلاثاء، إلى المملكة العربية السعودية، حيث من المقرر أن يلتقي مع كبار المسؤولين من السعودية واليمن.
وسيتناول المبعوث الخاص، رفقة مسؤولين سعوديين ويمنيين، الحاجة الملحة لبذل جهود من قبل حكومتي اليمن والسعودية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اليمني وتسهيل استيراد ونقل الوقود إلى شمال اليمن.
البيان أكد في السياق "ضرورة إنهاء الحوثيين تلاعبهم بواردات الوقود وأسعاره".
المحلل السياسي اليمني، عبد الناصر لمودع، وصف ما يقوم به الحوثيون بـ "استمرار الاستراتيجية التي تقضي بضرورة السيطرة على مأرب، أو اي منطقة قريبة منها أو حولها".
وفي اتصال مع موقع "الحرة" قال لمودع إن مأرب كانت دائما هدفا للحوثيين على اعتبار أنها تضم القوات التي تنازعهم السلطة وهي منطقة غنية بالنفط والغاز، وهو سر محاولاتهم الفاشلة منذ أكثر من عام.
ويرى أن المنطقة تملك دفاعات قوية وهو ما جعلها مستعصية عليهم، ممثلة في قوات حزب الإصلاح والحكومة الشرعية، إلى جانب المساندة التي تقدمها السعودية لضرب تقدمهم.
وبرر عدم قدرتهم التقدم رغم محاولات منذ أشهر إلى الطبيعة الوعرة للمنطقة.
وتقع مدينة مارب في منطقة سهلية، تليها مباشرة مناطق صحراوية غنية بالنفط، "وهي مناطق جد صعبة على الحوثيين الذين لا يجيدون القتال فيها" وفق قوله.
وأوضح لمودع أن الحوثيين بالمقابل، يجيدون القتال في المناطق الجبلية، ما يفسر مناطق سيطرتهم الحالية.
وفي المناطق السهلية، يصبح المقاتلون الحوثيون عرضة لقصف الطيران السعودي، وهو دليل آخر، وفق المتحدث، لكون المعركة لن تحسم لهم ( الحوثيين).
وأشار المتحدث إلى أن الحوثيين حاولوا مرارا اختراق مأرب من أكثر من منطقة وقال إنهم سبق وأن حاولوا من محافظة الجوف التي تقع شمال غرب مأرب، وهو الآن يحاولون من ناحية الجنوب الشرقي لها، عن طريق شبوة، لكنه قال: "لايبدو أنهم سيتمكنون من الدخول إلى مأرب"
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ بدء هجومهم في 2014.
وفيما تضغط الأمم المتحدة وواشنطن من أجل إنهاء الحرب، يطالب الحوثيون بإعادة فتح مطار صنعاء المغلق في ظل حصار سعودي منذ العام 2016، قبل أي وقف لإطلاق النار أو مفاوضات.
التقت، ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأميركي، الثلاثاء، مع نائب وزير الخارجية العماني، الشيخ خليفة بن علي الحارثي، في مسقط، وناقشت معه سبل دفع السلام والأمن في المنطقة.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم العديد من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.
وما زال نحو 3.3 ملايين شخص نازحين بينما يحتاج 24.1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا.