[ أحد أفراد الجيش الوطني في مأرب ]
قال معهد واشنطن إنه من الصعب تصوّر نجاح أي تسوية للأزمة اليمنية من دون تأييد الجهات الفاعلة الرئيسية مثل السعودية والإمارات وعُمان، مشيرا إلى أنه وبخلاف ما حدث في الماضي، تتفق الجهات الفاعلة الإقليمية حالياً في رغبتها بإيجاد حل دبلوماسي.
وأضاف المعهد -في مقال نشره على موقعه الرسمي، للكاتبين إلينا ديلوجر وآدم بارون والذي حمل عنوان "تحقيق سلام مستدام في اليمن" - أن العمانيين أرادوا حلاً منذ اليوم الأول (بداية الحرب)، وانسحبت الإمارات رسمياً من القتال ضد الحوثيين في عام 2019، بينما يريد السعوديون بشكل متزايد إنهاء الحرب التي أصبحت كارثة للعلاقات العامة في الغرب ووضعت الثقة بالدفاعات السعودية قيد الاختبار في الداخل.
وتابع أن عدم وقف جماعة الحوثي هجومها على محافظة مأرب ومغادرة مارتن غريفيث منصبه كمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن يحول دون إمكانية التوصل إلى حل سريع للأزمة في البلاد التي تشهد حربا منذ سبع سنوات.
وأردف أن ردود فعل الحوثيين، التي تعتبر فاترة في أحسن الأحوال، تجاه خطة ليندركينغ لوقف إطلاق النار والخطة السعودية المعلنة، واستمرار التقدم الحوثي في مأرب، ومغادرة مارتن غريفيث منصبه كمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، وجميعها عوامل تلقي بظلال من الشك حول إمكانية التوصل إلى حلٍّ سريع.
وأشار إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ يخوض عمليةً تركّز بشكل كبير على الجوانب الإقليمية للصراع، لا سيما أدوار السعودية وإيران والاستخدام المحتمل لقوى الوساطة والتسهيل مثل الكويت وسلطنة عُمان.
واستدرك "هناك أهمية بالغة للتوصل إلى تسوية سياسية مع الحوثيين، لكن أي اتفاق لا يمكن أن يستمر دون مشاركة محلية وجهود متضافرة لإعادة بناء البنية التحتية والمؤسسات وممارسات الحكم في اليمن".
وأشار إلى أنه منذ تولّي المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ منصبه في شباط/فبراير، يخوض المبعوث عمليةً تركّز بشكل كبير على الجوانب الإقليمية للصراع، لا سيما أدوار السعودية وإيران والاستخدام المحتمل لقوى الوساطة والتسهيل مثل الكويت وسلطنة عُمان. وقام ليندركينغ بالعديد من الجولات السريعة المقتضبة للقاء شخصيات خليجية ويمنية بارزة، كما شارك في مضاعفة الجهود المستمرة للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.
ولفت معهد واشنطن إلى أن التركيز على الشركاء في المنطقة لم يأت دون سبب، موضحا أنه من الصعب تصوّر نجاح أي تسوية من دون تأييد الجهات الفاعلة الرئيسية مثل السعودية والإمارات وعُمان، مشيرا إلى أنه وبخلاف ما حدث في الماضي، تتفق الجهات الفاعلة الإقليمية حالياً في رغبتها بإيجاد حل دبلوماسي.
يقول معهد واشنطن إنه "على نحو مماثل، تتوافق الإرادة السياسية للدول الغربية مع الدبلوماسية، فالولايات المتحدة والمملكة المتحدة تواجهان معارضة حاشدة بشكل متزايد، تأتي من اليسار إلى حد كبير، بسبب دعمهما المستمر للتحالف الذي تقوده السعودية، وتتعرض دول أخرى لضغوط بسبب صفقات بيع الأسلحة لشركاء في الخليج. ونتيجةً لذلك، يعمل المفاوضون في المنطقة وفي الغرب على مدار الساعة للتوصل إلى تسوية مقبولة تؤدي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الذي قد يوقف انزلاق اليمن نحو المجاعة ويضع البلاد على طريق السلام، لكن المشكلة الوحيدة هي أن الإرادة السياسية الخارجية لا تنهي الحروب الأهلية".
وتابع أن حرب اليمن بدأت على شكل صراع بين اليمنيين، وعلى اليمنيين حشد الإرادة السياسية لإنهائها، وعندما يجري نقاش حول اليمنيين، غالباً ما يكون ذلك في سياق اكتساب النفوذ عليهم، وبغض النظر عن النفوذ الخارجي المزعوم، فإن الضغط الدولي لإنهاء الحرب لا يمكن أن يستمر إلا إذا كانت الأطراف المعنية نفسها مستعدة لإنهائها.
يضيف المعهد "في الوقت الحالي، ليس لدى الأطراف اليمنية سبب وجيه للتوصل إلى اتفاق، فالحوثيون يتقدمون نحو مأرب حيث تغريهم مواردها الغنية ويهدفون لتوجيه ضربة إلى معقل رئيسي للحكومة، ويشعرون أن لديهم القليل من الحوافز النسبية للموافقة على وقف إطلاق النار.".
وأوضح أن التحالف سيضطر إلى تقديم تنازلات كبيرة للحصول على موافقة الحوثيين، مثل رفع الحصار أو فتح ميناء الحديدة أو مطار صنعاء، وهي جميع الخيارات التي يَخشى أنها ستسمح للحوثيين بإعادة الإمدادات (لقواتهم).
وأردف أن "الحكومة اليمنية غير محفزة للدخول في محادثات سلام مع الحوثيين المهيمنين في مأرب، خشية أن يُسفر اتفاق انتقالي يتم التوصل إليه الآن عن تقنين مكاسب الحوثيين على الأرض إلى مكاسب سياسية دائمة، وبالتالي، يجد التحالف نفسه في مأزق: الظروف غير مؤاتية، لكن موقفه التفاوضي قد يتدهور أكثر فأكثر مع استمرار الحرب".
وقال المعهد إن التوصل إلى اتفاق سلام هو مجرد جزء واحد من عملية إرساء سلام مستدام، فلا تزال مشاكل الحكم التي أدت إلى هذه الحرب قائمة، وسيؤدي أي اتفاق سياسي مبرم كحل سريع إلى وجود حوثي دائم لا يتناسب مع شعبية الحوثيين ويستنثي الجهات الفاعلة المهمة التي يمكن أن تكون عناصر إفساد وتخريب، الأمر الذي سيقود حتماً إلى نزاعات إضافية، وسيحتاج اليمن إلى المساعدة في إنهاء هذه الدوامة من خلال بناء دولة واقتصاد مستقرَيْن بدعمٍ وتأييد من كافة أطياف المجتمع.
وأكد المعهد أن الاتفاق السياسي سيكون له أساس أقوى إذا كان هناك بالفعل إطار عمل لإصلاح البنية التحتية ومؤسسات الدولة، واقتصاد مستقر، وتوافق على نماذج الحكم الرشيد التي يمكن أن تكون خيارات عمل لدولة يمنية مستقبلية (فيدرالية على الأرجح).
وخلص معهد واشنطن إلى أن اليمنيين أنفسهم هم الذين سيعملون في النهاية على إعادة إرساء السلام وإصلاح الأضرار التي سببتها الحرب، وهم يؤكدون باستمرار على وجود سبب يدعو للأمل رغم الفظائع التي جلبها الصراع.