يحتضن محمد الحديدي طفله الرضيع عمر وهو يرقد على سرير في مستشفى بمدينة غزة، يبكي زوجته وأطفاله الأربعة الذين استشهدوا تحت ركام منزل دمّره قصف إسرائيلي عنيف، ويقول "لم يبق لي غيرك في الدنيا".
وانتشل مسعفون الرضيع عمر البالغ 5 أشهر من أحضان والدته مها أبو حطب (36 عاما) التي استشهدت تحت ركام المنزل على غرار أطفالها صهيب (13 عاما)، ويحيى (11 عاما)، وعبد الرحمن (8 أعوام)، وأسامة (6 أعوام) في القصف الجوي الذي استهدف منزل شقيقها وكانت تزوره بمناسبة عيد الفطر.
ويحبس الأب المكلوم دموعه وهو ينظر إلى طفله، ويقول عن أحبائه "ذهبوا عند ربنا، لا نريد البقاء هنا (على قيد الحياة)، سنلحقهم أنا وأنت، يارب ما نطول".
ويروي الرجل (37 عاما) "لبس أولادي ملابس العيد وأخذوا ألعابهم وذهبوا إلى بيت خالهم"، ويتابع "اتصلوا بي ليلا ليستأذنوا بالمبيت هناك فوافقت"، وبعد صمت لحظات أضاف "بقيت في المنزل وحدي، استيقظت فجأة على صوت انفجار هزّ المنطقة".
بعد أن فقد زوجته و3 من أطفاله.. محمد الحــديدي يداعب بوجع طفله الوحيد الذي نجا من مجـــزرة الاحتلال في مخيم الشاطئ في #غزة.#غزة_تحت_القصف pic.twitter.com/vjMoq77AKd
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 15, 2021
وبعد قصف عنيف من الطائرات الحربية للمنزل الواقع بين أزقة مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة بـ8 صواريخ، تلقى الأب اتصالا من أحد جيرانه يخبره أن القصف استهدف منزل شقيق زوجته.
وذهب مسرعا نحو المنزل لكنه وجده قد استحال ركاما، ويقول "شاهدت رجال الإسعاف يخرجون الجثث من تحت الركام".
وختم أن ابنه عمر محمد الحديدي هو "شهيد حي خرج حيًّا من تحت الركام، هذا ما تبقى لنا من أفراد الأسرة.. الحمد الله".
مقاضاة دولية
وينتظر الأب المفجوع مغادرة رضيعه الذي أصيب بـ3 كسور في ساقه اليمنى وجروح في وجهه، المستشفى.
وانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للأب وهو يحتضن الرضيع بعد أن فوجئ بنجاته من الموت.
ويتابع وهو يتلمس وجه طفله "أبنائي جميعا لم يرضعوا سوى الحليب الطبيعي من أمهم، إلا عمر رفض أن يرضع من أمه، كأن الله يهيئ لنا أمرا لا نعلمه" في إشارة ضمنية إلى الغارة الجوية.
ويمسح الحديدي دموعه ويقول "سأحرص على رعايته وتربيته بنفسي حين نعود إلى المنزل".
ويضيف بغضب "إسرائيل تستهدف الأطفال الآمنين في بيوتهم، ماذا فعل هؤلاء حتى تقصفهم مباشرة دون تحذير لإخلاء المنزل؟".
وسيرفع الأب المفجوع قضية على إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية وفق قوله، إذ أضاف "أنا صاحب حق في ملاحقة الاحتلال دوليا".
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 13 عائلة فلسطينية على الأقل شطبت من السجل المدني الفلسطيني بعد استهدافها في القصف الإسرائيلي.
وأورد مركز الميزان لحقوق الانسان -في بيان- أن إسرائيل استهدفت "81 بناية، من بينها 6 أبراج، وبلغ مجموع الوحدات السكنية المدمرة 341 وحدة سكنية، والعدد مرشح للارتفاع لأن كثيرًا من البنايات مدمر كليًا ولم يتمكن باحثو المركز من حصر عدد الوحدات السكنية".
ومنذ 10 مايو/أيار استشهد أكثر من 200 فلسطيني بينهم ما لا يقل عن 58 طفلا، وجرح أكثر من 1300 آخرين.
ويعيش في قطاع غزة الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مشددا منذ نحو 14 عاما (2007)، نحو مليوني شخص قرابة ثلثيهم من اللاجئين.
وشنّ الاحتلال الإسرائيلي -منذ ذلك الوقت- 3 حروب مدمّرة على القطاع في أعوام 2008، و2012، و2014.