اللحوح هو نوع من الخبز الرقيق يستخدم في إعداد وجبة الشفوت (فتة خبز باللبن الرايب) والتي تعد من الوجبات الرئيسية في المائدة الرمضانية اليمنية. ولا يتوفر هذا النوع من الخبز في المخابز العامة بل يعد منزليا بأيادي النساء اللاتي احتكرن هذه المهنة إعدادا وبيعا في الأسواق.
وتقوم النساء بإعداد الخبز في المنزل ومن ثم عرضه في الأسواق كمصدر دخل مهم لكثير من الأسر، في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها اليمن بسبب الحرب.
ترتص النساء جلوسا بزيهن الشعبي على مقاعد في مداخل الأسواق وبجوار المطاعم وعلى رؤوسهن طاقيات تقيهن أشعة الشمس لعرض خبزهن "اللحوح" داخل أوعية بلاستيكية بعد ظهر كل يوم رمضاني وحتى قبيل أذان المغرب.
ولا يقتصر بيع خبز اللحوح على شهر رمضان لكنه ينشط بشكل كبير ومربح في الشهر الكريم لإعالة الكثير من الأسر في ظل وضع اقتصادي لا تتوفر فيه فرص العمل.
الشفوت وجبة رئيسية
ويستخدم اللحوح في إعداد طبق الشفوت إلى جانب اللبن والسَّلطة، وتعد هذه الوجبة من الأطباق الرئيسية في المائدة الرمضانية في اليمن.
وتتكون الشفوت من خبز اللحوح، واللبن إضافة إلى السحاوق (سَلطة يمنية تشبه الدقوس الخليجي) وهي وجبة شعبية مكونة من الكزبرة والطماطم والبسباس (الشمر، الشومر الأخضر) تمزج معا في الخلاط الكهربائي.
هكذا تعد اللحوح
تعمل أم يوسف (60 عاما) في صناعة وبيع "اللحوح" منذ 5 أعوام كمهنة تساعد من خلالها أسرتها بعد انقطاع راتب زوجها الجندي في الجيش، والذي تعرض لإصابة في العمود الفقري وصار غير قادر على العمل.
تقول أم يوسف إنها تمتهن صناعة الخبز لتوفير مستلزمات المعيشة بعد مرض زوجها، إذ قررت العمل واستطاعت أن تساعد أربعا من بناتها واثنين من أولادها في إكمال الدراسة الجامعية والحصول على فرص عمل.
وتحكي أم يوسف للجزيرة نت كيفية إعداد اللحوح، موضحة أنها تتكون من 4 أنواع من الدقيق، ويعد دقيق الذرة المكون الرئيسي إلى جانب الدقيق الأبيض ودقيق الذرة الشامية، كما يضاف إليه مادة السميد وخميرة الخبز العادي.
تخلط كل أنواع الدقيق معا، وتعجن بالماء الساخن (فاتر) حتى تصير رائبة (عجينة ناعمة وسائلة)، وتتركها تتخمر لمدة ساعة.
بعد ذلك تقوم بتقطيعها على شكل دائري ووضعها في وعاء خاص، وتعرضها للنار في تنور من الفخار محاط بالحديد حتى ينضج.
تسويق اللحوح
ويباع قرص الخبز الواحد في الأيام العادية بـ100 ريال يمني (قرابة 16 سنتا أميركيا) لكن سعره يرتفع في رمضان إلى 150 ريالا يمنيا (25 سنتا)، بسبب الإقبال الكبير عليه في الشهر الفضيل.
الحاجة زينب (59 عاما) تبيع في اليوم 150 قرصا من الخبز بقيمة 22500 ريال يمني (ما يقارب 37 دولارا أميركيا)، وتعتبر ذلك دخلا ممتازا يساعدها في توفير متطلبات الحياة، واحتياجات عيد الفطر من ملابس للأطفال ومصاريف البيت.
وفي الأيام العادية تعد الحاجة زينب ما بين 50-80 قرصا في اليوم وتقول إنه دخل مهم لها في ظل انقطاع الرواتب، وانعدام فرص العمل لكنه يصير في رمضان دخلا جيدا يساعد في توفير احتياجات الشهر وعيد الفطر.
وتبين الحاجة زينب للجزيرة نت أن سبب ارتفاع أسعار اللحوح في رمضان ليس بسبب الإقبال عليه فقط، وإنما لارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة أسعار الدقيق.
وتعمل الشابة أروى (28 عاما) في هذه المهنة منذ 8 سنوات ولا ترى في ذلك أي إحراج، كونها تكسب بعرق جبينها دون الحاجة للناس.
وتقول إنها تشعر باعتزاز بهذه المهنة، وإنها تحظى بتقدير واحترام من الناس، ولا تتعرض للمضايقات بسبب خروجها للبيع في السوق.
الصورة غير المرئية لبائعات اللحوح أنهن يُعِلن أسرا كبيرة ويسهمن في توفير مستلزمات المعيشة، في بلد فرضت الحرب على المرأة دورا أساسيا في تحمل المسؤولية لمواجهة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية التي تعد الأسوأ على مستوى العالم.