دخل أمس الثلاثاء قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن برفع جماعة الحوثي من قائمة الجماعات الإرهابية حيز التنفيذ، إلا أن الآراء بشأن هذا القرار منقسمة بين التأييد والمعارضة.
وجاء القرار كخطوة ثانية عقب توقف واشنطن عن تقديم الدعم العسكري للتحالف العربي بعد أكثر من 5 سنوات من الحرب التي تسببت في مأساة إنسانية مروعة.
ووصف القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي القرار الأميركي بالإيجابي، في حين انقسمت آراء المعلقين الأميركيين بشأن القرار بين مؤيد ومعارض.
ورفض بعض المعلقين ربط قرار إدارة بايدن تجاه الحوثيين بإيران، في حين اعتبره آخرون بمثابة غصن زيتون يقدمه بايدن لطهران كإشارة إلى رغبته في تهدئة القضايا الإقليمية تمهيدا لعقد صفقة كبرى جديدة مع إيران ترتبط بملفها النووي وملفات إقليمية أخرى.
ويسيطر الحوثيون حاليا على أراض يمنية يعيش فيها 70-80% من سكان البلاد، كما أن المكاسب الحوثية في منطقة مأرب تسلط الضوء على الضعف النسبي للحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة المدعومة من الرياض.
يأتي ذلك على خلفية التحولات في السياسة الخارجية الأميركية التي تحد من دعم واشنطن للتحالف العربي الذي يقاتل من أجل تمكين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من السيطرة على اليمن.
أهمية ومساع
بدوره، اعتبر المدير التنفيذي لمركز تحليلات دول الخليج بواشنطن جورجيو كافيارو في حديث مع الجزيرة نت أن "رفع تصنيف الحوثي من قائمة الإرهاب يأتي ضمن مساعي إدارة بايدن إلى إعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي، مع رغبتها في حل حرب اليمن دبلوماسيا".
وأشار كافيارو إلى أن هناك ما يدعو إلى الأمل، فمن السهل نسبيا على طهران أن تفكر في تهدئة تدخلها في اليمن مقابل بعض التنازلات من واشنطن، ومقارنة بالعراق وسوريا ولبنان فإن الصراع في اليمن أقل أهمية إستراتيجية بكثير بالنسبة للمصالح الجيوسياسية والأمنية لإيران.
واعتبر أن خطوة واشنطن تمثل "مزيدا من الضغط على المملكة العربية السعودية وحكومة الرئيس هادي لتقديم تنازلات للحوثيين، لكنه لن يغير موقفهم العام تجاه المتمردين المدعومين من إيران".
فوضى وتمكين
وفي حديث مع الجزيرة نت، انتقد ماثيو كونتينيتي الخبير في السياسة الأميركية تجاه اليمن بمعهد معهد "أميركان إنتربرايز" (American Enterprise) سياسة الرئيس بايدن، معتبرا أنها تؤدي لمزيد من الفوضى.
وقال كونتينيتي إن "سياسة بايدن تجاه الحوثيين هي الفوضى، وعندما ألغى بايدن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية لم يردوا بالمثل، وبدلا من ذلك صعّدوا الهجمات على المدنيين وعلى مأرب وعلى أهداف في السعودية، لقد تصرفوا كإرهابيين، ومع تزايد العنف لا تزال إدارة بايدن تقول إنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، ولا يرى الحوثيون ذلك".
وأكد كونتينيتي إلى أن "الحوثيين يضغطون ويستغلون خطوة بايدن، والنتيجة هي المزيد من الموت، والمزيد من الدمار، والمزيد من التمكين لإيران".
غصن زيتون
من جانبه اعتبر مايكل روبين المسؤول السابق في وزارة الدفاع والخبير بمعهد "أميركان إنتربرايز" أن رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب يسهل الحديث مع الحوثيين، لكن إدراجهم لم يكن ليمنع ذلك.
وبين أن واشنطن تتحدث إلى إيران على الرغم من تصنيفها دولة راعية للإرهاب، ويسمح رفع الشطب من القائمة ببساطة لواشنطن والمنظمات غير الحكومية بتقديم المساعدات الإنسانية.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار روبين إلى أن "وزير الخارجية أنتوني بلينكن قد يخطئ إذا افترض أن المملكة العربية السعودية ستوقف معركتها بسبب خطوة واشنطن، فالرياض -عن حق أو خطأ- ترى اليمن أولوية للأمن القومي الخاص بها".
وأكد أن "ذلك صراع بالوكالة بين إيران والسعودية، وواشنطن تعتقد بسذاجة أننا نهم أيا من الطرفين، كلاهما لا يكترث بنا".
وربط روبين بين رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب ورغبة إدارة بايدن في العودة للاتفاق النووي.
وأكد للجزيرة نت أن "إدارة بايدن ترى في شطب الحوثيين من قائمة الإرهاب بمثابة غصن زيتون تقدمه لإيران في السياق الأوسع المتمثل في الرغبة في العودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن في الوقت نفسه هناك خطر إذا استمر القتال في اليمن أو حتى تفاقم، لأن ذلك سيصعب فرص الدبلوماسية مع إيران، وسيقلل أيضا أي فرص لموافقة الكونغرس على أي تنازلات أخرى".
خطوة مهمة
من جانبها، تعتقد آنيل شنايل خبيرة الشؤون الخليجية في معهد كوينسي بواشنطن أن الرفع الرسمي لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية أمر جدير بالثناء، لأنه يعكس رغبة المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة التي أعربت بشكل موحد عن انزعاجها من أن تصنيف جماعة الحوثي بالإرهاب سيدفع اليمن إلى أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ 40 عاما.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت شانيل إلى أنه "من المهم أن نضع في اعتبارنا أنه على الرغم من أن التدخل الأجنبي قد أدى إلى تعقيد النزاع في اليمن وترسخه بشكل كبير فإن هذه ليست حربا بالوكالة، وفي حين أنه من الضروري أن يتوقف التدخل الأجنبي -وتحديدا من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران- فإن هذه ليست سوى خطوة أولى نحو تحويل حوافز الجهات الفاعلة المحلية في اليمن، بعيدا عن العنف الدائم الذي يموله الغرباء ونحو التوصل إلى حل سياسي".
وأشارت إلى أنه في الوقت الحالي "لا تربط الولايات المتحدة أي علاقات وظيفية مع إيران، ولا تملك واشنطن أي وسيلة للضغط على طهران أو إقناعها بالتوقف عن دعم الحوثيين، ولهذا السبب ينبغي على بايدن أن ينضم مجددا إلى الاتفاق النووي دون شروط مسبقة، لأن الولايات المتحدة هي التي انسحبت منه".
وتابعت أنه بمجرد أن تصبح واشنطن وطهران طرفين في الاتفاق مرة أخرى فسيكون فريق بايدن في وضع يسمح له بالنهوض ببنود أخرى من جدول الأعمال مع طهران، وتحديدا الإجراءات التي يتخذانها في اليمن وأماكن أخرى في المنطقة التي تثير القلق في دول مثل المملكة العربية السعودية.