واشنطن بوست: قرارات بايدن عن اليمن هي الجزء الأسهل وأمامه حرب معقدة وهي الجزء الأصعب
- القدس العربي الإثنين, 08 فبراير, 2021 - 09:41 صباحاً
واشنطن بوست: قرارات بايدن عن اليمن هي الجزء الأسهل وأمامه حرب معقدة وهي الجزء الأصعب

أشار تقرير في صحيفة "واشنطن بوست" إلى تغير المسار الأمريكي فيما يتعلق بالحرب التي تقودها السعودية في اليمن. وقال معدا التقرير سودرسان راغفان وميسي رايان إن الإعلان عن تغير الموقف هو الجزء الأيسر لكن المهمة الأصعب قد بدأت.

 

ففي أسبوع واحد اتخذت إدارة جوزيف بايدن سلسلة من القرارات تتعلق بالحرب الكارثية الطاحنة من ستة أعوام، فقد أعلن بايدن يوم الخميس عن وقف الدعم العسكري للحرب في اليمن وتعهد بإحياء المسار الدبلوماسي وعين دبلوماسيا مجربا كمبعوث خاص له في اليمن.

 

وقبل ذلك علقت إدارته صفقات أسلحة لكل من السعودية والإمارات العربية المتحدة بذريعة المراجعة ثم أعلنت عن إلغاء قرار اتخذته إدارة دونالد ترامب في آخر أيامها بتصنيف الحركة الحوثية كجماعة إرهابية. وأشارت الصحيفة إلى أن اليمن تحول ومنذ 2015 إلى ساحة حرب مستعصية ومعقدة قتل فيها ألاف اليمنيين ووضعت الملايين على حافة المجاعة.

 

وتحول البلد اليوم إلى ميدان صراع متداخل على السلطة تدفعه الأيديولوجيا ويغذيه اللاعبون الإقليميون الطامحون لتقوية مصالحهم الأمنية والإستراتيجية.

 

وفي الوقت الذي يواجه فيه أفقر بلد أزمة إنسانية إلا أنه منقسم بناء على الخطوط الدينية والجهوية والقبلية والسياسية. ولا يزال الملجأ الآمن لأهم فرع من تنظيم القاعدة الذي استهدف أوروربا والولايات المتحدة واستثمر عدم الإستقرار الذي نتج عن النزاع.

 

وقال بيتر سالزبري، المتخصص بشؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية في تغريدة على تويتر: “وقف الدعم لا يعني بالضرورة وقف الحرب” و”يجب بناء توازن لطيف بهدف وقف الحرب ويمكن أن تقبل به الجماعات السياسية والمسلحة ومنظمات المجتمع المدني به وهو أمر ليس سهلا”.

 

وكان إعلان يوم الخميس تحركا سياسيا ورمزيا ويعني التحول عن سياسة ترامب والإشارة إلى أن الإدارة الجديدة تريد الإستثمار في الحل الدبلوماسي ووضع ثقلها من أجل تسوية سلمية. فالحرب في اليمن بدأت بين حركة الحوثيين ضد السعودية والإمارات ومن انضم إليهما من القوى السنية لإخراج الجماعة الزيدية التي احتلت العاصمة صنعاء وإعادة الحكومة الشرعية التي أنقلبت عليها.

 

ولكن الحرب في اليمن هي إقليمية، فهي بين السعودية والإمارات من جهة وإيران على الطرف الأخر وتدعم الحركة الحوثية. وهي بالضرورة محاولة من السعودية منع طهران من التمدد قريبا على الحدود الجنوبية لها.

 

وهناك حرب ثالثة دائرة في اليمن وهي جزء من الحرب على الإرهاب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة وتنظيم صغير تابع للدولة الإسلامية. وهناك تساعد الجماعات الوكيلة للإمارات في هذه الحرب لكنها تخوض حروبا أخرى مع جماعات محلية. ولإرباك الوضع أكثر تشارك الحركة الحوثية في الحرب ضد تنظيم الدولة والقاعدة.

 

ويضاف إلى هذه التشكيلة من التعقيدات، انقسام وسط التحالف وبين الحكومة الشرعية التي تدعمها السعودية والجماعات الإنفصالية في الجنوب التي تدعمها الإمارات مما قاد إلى مواجهات مسلحة بينهما في السنوات القليلة الماضية. وينظر الإنفصاليون في جنوب اليمن بشك إلى الحكومة اليمنية التي سيطر عليها ولعقود الشماليون، كما إنهم مع حلفائهم الإماراتيين لا يدعمون موقف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من حركة الإصلاح اليمنية، القريبة من الإخوان المسلمين الذين تحاربهم الإمارات.

 

وفشلت معظم المحاولات الدبلوماسية التي رعتها القوى الإقليمية والأمم المتحدة التي دعمت لقاء في الكويت عام 2016. ومنذ ذلك الوقت ظهرت عدة قوى جديدة وعزز الحوثيون من قوتهم في الشمال الذي يعيش فيه غالبية سكان اليمن وعددهم 30 مليون نسمة.

 

وقال غريغوي جونسون المحقق السابق في الأمم المتحدة في تغريدة له يوم الخميس “لم يعد اليمن يعمل كدولة واحدة” و”اليمن هو بلد محطم ولا يظهر أن هناك إمكانية لجمع قطعه من جديد”.

 

لم يعد اليمن يعمل كدولة واحدة وهو بلد محطم ولا يظهر أن هناك إمكانية لجمع قطعه من جديد

 

وأضاف جونسون، مؤلف كتاب عن القاعدة في اليمن “الملجأ الأخير: اليمن، القاعدة والحرب الأمريكية في شبه الجزيرة العربية”، “لا يوجد في اليمن لديه الرجال والسلاح لفرض إرادته على بقية البلاد، لكن كل فصيل لديه ما يكفي من الأمرين للتخريب حالة اعتقادها أنها لم تحصل على ما تريد”.

 

وعينت إدارة بايدن تيم ليندركينغ، الدبلوماسي المخضرم كمبعوث لليمن، ويحظى باحترام من الأمم المتحدة والمحللين وجماعات الإغاثة الدولية.

 

وجاء في بيان للبيت الأبيض “هدفنا الرئيسي هو جمع الأطراف معا للتفاوض على تسوية تنهي الحرب ومعاناة الشعب اليمني”. و”سيكون هذا تحد ولكن علينا جعله أولوية”. وعلم إعلان الخميس مدخلا مختلفا من صفقات الأسلحة إلى السعودية التي يقول المسؤولون إنهم سيراجعونها من خلال عدسة الحرب في اليمن. وهذا يعني أنه لن يتم التقدم بها، وهي تشمل على صفقتي أسلحة مررتها إدارة ترامب في كانون الأول/ ديسمبر على 3.000 قنبلة من نوع جي بي يو- 39 من شركة بوينغ و7.000 ذخيرة بيفوي من شركة ريثيون.

 

واستجابت إدارة بايدن لمطالب المنظمات الدولية إلغاء قرار ترامب تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، حيث أبلغت الكونغرس أنها ستلغي سياسة ترامب، مما سيحسن من عمليات نقل المواد الإنسانية لملايين اليمنيين. مع أن المنظمات الإغاثية ترغب بوقف تام للقيود التي فرضت وإن بشكل مؤقت على عمليات استيراد المواد من الخارج بسبب القرار السابق وترك أثره على القطاع التجاري في اليمن الذي يتولى مهمة الشراء. والسؤال الأهم هو قبول الأطراف المتحاربة بالتدخل الأمريكي والتعامل مع واشنطن كطرف محايد ويمكن التعويل عليها.

 

فقد قتلت القنابل المصنعة في أمريكا وأطلقتها السعودية والدول المتحالفة معها آلافا من اليمنيين ودمرت البنى التحتية الحيوية في البلاد. وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ينظر إلى أمريكا باعتبارها المحرض الرئيسي على الحرب. وفي صنعاء والحديدة والمدن الأخرى رسمت الصور على جدرانها وكتبت شعارات تصور القنابل الأمريكية والمقاتلات وهي تقتل المدنيين.

 

وستواصل الولايات المتحدة حربها ضد تنظيم القاعدة مما سيزيد من مشاعر الحنق بين اليمنيين. ويناقش المحللون أثر وقف الدعم العسكري الأمريكي الذي يقولون إنه لن يترك الكثير من الآثار العملية خاصة أن الكثير من مظاهر الدعم العسكري قد قطعت. ففي 2018 ووسط الشجب في الكونغرس لمقتل المدنيين في اليمن وجريمة قتل صحافي “واشنطن بوست” جمال خاشقجي أعلنت إدارة ترامب وقف عمليات تزويد المقاتلات السعودية والإماراتية بالوقود وهي في الجو، إلا أن متحدثا باسم البيت الأبيض قال إن القيود ستشمل على الحد من المشاركة في المعلومات الأمنية مع السعودية والتحالف الذي تقوده. ويقول مسؤولون إن التشارك في المعلومات الأمنية مقيد أصلا وحدد فقط بتزويدهم بالمعلومات التي تهددهم فقط.

 

ولا يعرف ماذا سيحدث للعقود التي توفر الصيانة للمعدات المصنعة في أمريكا وتشارك في حرب اليمن مثل إف-15 وإف-16. وقال السفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالد فيرستين إن إدارة بايدن ستواصل توفير الدعم للسعودية في أنظمة الدفاع على الحدود مع اليمن وأنظمتهم الجوية لمواجهة صواريخ الحوثيين.

 

وقال فيرستين إن “أثر القرار هو عن موقف أمريكا وإشارة أكثر من تعويقه للقدرات السعودية في اليمن” و”سيكون الرئيس واضحا في تركيزه على استراتيجية سياسية ونهاية للنزاع ويريد من السعودية دعمه لتحقيقها”. وقال “من وجهة نظري يدعم السعوديون نهاية النزاع طالما عكس القرارات المطالب الأمنية الجوهرية”.

 

وحذر محللون من تكرار خطط السلام السابقة التي لم تستجب لمطالب الجنوبيين والجماعات الأخرى.


التعليقات