[ المبعوث الأممي غريفيث خلال زيارته لعدن ]
أثارت الزيارة التي قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى مدينة عدن، الخميس الماضي، انزعاج جماعة الحوثيين، التي اعتبرتها، على لسان قادة الصف الأول، بأنها "روتينية وفارغة المحتوى تبيع الوهم للعالم".
ونفّذ المبعوث الأممي، أواخر الأسبوع الماضي، جولة تضامنية، شملت الرياض وعدن، التقى فيها قيادات الدولة اليمنية والحكومة الجديدة للتضامن معها عقب الهجوم الدامي الذي استهدف مطار عدن أواخر ديسمبر الماضي، وأسفر عن مقتل 28 شخصا وإصابة 109 وفقا لآخر الإحصائيات الرسمية.
وفي بيان هو الثالث من نوعه للتنديد بالهجوم، اعتبر المبعوث الأممي، في ختام زيارته لعدن، أن الهجوم الذي اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا جماعة الحوثيين بتنفيذه، كان كارثيا، ليس للخسائر البشرية التي تسبب بها، ولكن للتداعيات السياسية، وخلق "حالة عميقة "من انعدام الثقة.
ولم يوجه غريفيث اتهامات لأي جهة بالوقوف وراء الهجوم، لكن تحركه إلى عدن رغم الظروف الأمنية التي تعيشها أثار حفيظة جماعة الحوثيين، التي سخرت من التحركات التي يقوم بها المبعوث الأممي، وانتقدت المعايير المزدوجة لديه في التضامن مع هجوم عدن من دون التطرق لما تصفه باستمرار الحصار على اليمن من التحالف بقيادة السعودية.
وبعد ساعات من اتهامات وجهها كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبدالسلام، للمبعوث الأممي، بالانشغال بـ"الشكليات والزيارات فارغة المحتوى"، خرج عدد من القادة الحوثيين تباعا للتنديد بالجهود الروتينية للأمم المتحدة، فيما كرست وسائل إعلام الجماعة، مساء السبت، سلسلة برامج خاصة للهجوم على الدور الذي يلعبه غريفيث في الأزمة اليمنية.
وينظر الحوثيون للزيارات الأممية التضامنية بأنها تهدف إلى التغطية على استمرار الحرب، وتتجاهل المعاناة الإنسانية الكبرى، والمتمثلة في الحصار وإغلاق الموانئ والمطارات، في إشارة للحظر المفروض من التحالف على اليمن منذ 26 مارس/آذار 2015.
وذكر عبدالملك العجري، وهو عضو الوفد الحوثي المفاوض في مشاورات السلام، أن استمرار الأمم المتحدة في العمل الروتيني، وتجاهل الحصار، يجعلهم في موقع المتهم بالتواطؤ مع دول العدوان، في إشارة إلى دول التحالف بقيادة السعودية.
وقال العجري، في تصريحات نقلتها قناة "المسيرة" المتحدثة بلسان الجماعة، مساء السبت "لا نتوقع من الأمم المتحدة أن توقف العدوان على اليمن ولا نطلب المستحيل من المبعوث غريفيث، لكن نريد منها موقفا واضحا تجاه موضوع الحصار، وإلا فإنهم بجهودهم الروتينية، يبيعون الوهم للعالم ويعملون على ذر الرماد في العيون".
وفي موقف يكشف حجم الانزعاج الحوثي من التصريحات التي أطلقها غريفيث واعتبر فيها هجوم عدن يقوّض فرص السلام في اليمن، أشار القيادي العجري إلى أن الأمم المتحدة "لا تعتبر حصار 20 مليون يمني تعطيلا للسلام، فيما تقول عندما يسقط صاروخ على الرياض، إن هذا فعل يعطّل السلام".
ويبدو أن زيارة المبعوث الأممي ستفتح هوة جديدة بينه وبين جماعة الحوثيين، حيث ألمح القيادي العجري إلى تجميد المشاورات، وعدم الاستمرار فيما أسماها بـ"الحوارات العدمية" مع وجود الحصار، لافتا إلى أنهم أعطوا غريفيث "فرصة كبيرة" للتحرك من أجل رفع الحصار لكنه لم يفعل شيئا.
وكشف القيادي الحوثي، بشكل صريح، أن الهدف الرئيسي لجماعته هو الخروج بتفاهمات إنسانية واقتصادية فقط وليس وقف الحرب بشكل كامل، وقال "نحرص في التفاوض على دخول المشتقات النفطية وألا تتوقف، سواء توقفت الحرب أم لم تتوقف، إضافة لما يتعلق بالمطار والمرتبات".
وأضاف "القضايا الإنسانية لا يجب أن ترتبط بأي مسألة سياسية أو عسكرية، والحرب لا تعني الحصار ومنع دخول المشتقات النفطية".
واستبعد القيادي العجري، حدوث أي اختراق مستقبلي في مسار الحل السياسي في اليمن مع بدء فترة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، لافتا إلى أن جماعته "لا تراهن على تغيّر الإدارة الأميركية".
وقال "حتى الآن لا توجد مؤشرات على اقتراب الحل السياسي، فالرياض ترفض الحديث حتى عن الإعلان المشترك الخاص بالملفات الإنسانية، لا يمكن الجزم بأي شيء متعلق بالحل السياسي في الوقت الحالي، ولا شيء واضحا في الأفق، والكل في موقع الانتظار والترقب".
المفاوض الحوثي في ملف الأسرى والمعتقلين، عبدالقادر المرتضى، هاجم هو الآخر الدور الأممي فيما يتعلق بالجانب الإنساني، واتهمها بعدم القيام بأي جهود حقيقية لإجبار الجانب الحكومي، للعودة إلى طاولة المشاورات لإتمام الجولة الثانية من التبادل.
وقال المرتضى، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام حوثية، مساء السبت "ننتظر تنفيذ الأمم المتحدة وعودها بإقناع الطرف الآخر للعودة إلى التفاوض، لكن حتى الآن لم نتلقَ تطمينات أممية".
ولم يتوقف الهجوم على الأمم المتحدة عند ذلك، فالقيادي البارز وعضو المكتب السياسي للجماعة، محمد علي الحوثي، سخر من الجولة الأممية الأخيرة، وقال في تغريدة على "تويتر"، مساء السبت، إن "بعض التحركات الأممية ممكن تصنيفها، بأنها بناء جسر إلى لا مكان"، في إشارة إلى عدميّتها.