[ تصاعد الدخان من صالة مطار عدن لحظة الانفجارات ]
يخيم حزن شديد وصدمة قوية على سكان العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوب)، بعد تفجيرات ضربت مطار المدينة الدولي، الأربعاء، بالتزامن مع هبوط طائرة على متنها أعضاء حكومة جديدة علق يمنيون عليها الآمال لانتشالهم من براثن حرب مستمرة منذ 6 سنوات.
وأغلقت قوات الأمن عددا من الشوارع الرئيسية، خاصة القريبة من المطار في مدينة خور مكسر والمؤدية إلى قصر "معاشيق" الرئاسي في مدينة كريتر، إضافة إلى مقار مؤسسات حكومية، منها مبنى رئاسة الوزراء وميناء عدن ومقر التحالف العربي، بقيادة السعودية، في مدينة البريقة.
وظهر الأربعاء، هزت ثلاثة تفجيرات قوية ساحة المطار، واستهدف أحدها صالته الرئيسية بينما كانت مكتظة بعدد كبير من المسافرين والمستقبلين لأعضاء الحكومة، ما أسقط ما لا يقل عن 22 قتيلا، بينهم وكيل وزارة الأشغال العامة ياسمين العواضي، و51 جريحا، وفق مصادر طبية.
وقال سكان محليون، في أحاديث منفصلة مع مراسل الأناضول، إن قوات الأمن طوقت محيط مطار عدن من جميع الجهات، وفرضت سياجًا أمنيًا واسعًا حول الشوارع المؤدية إلى المطار وقصر "معاشيق"، ومنعت مرور المركبات والمواطنين فيها.
وبدت أسواق المدينة شبه خاوية، وأغلقت بعض المحلات التجارية أبوابها، مع إقبال ضعيف على المراكز التجارية الكبيرة، حيث التزمت غالبية السكان منازلهم خوفا من تفجيرات جديدة.
حسرات كبيرة
قال الصحفي فرحان المنتصر، رئيس موقع "أنباء عدن" الإخباري للأناضول: "أورثت تفجيرات المطار حسرات كبيرة في نفوس غالبية السكان، بعد أن خلفت عشرات الضحايا بين قتيل وجريح".
وتابع: "الحالة النفسية للناس سيئة، حيث تزامنت التفجيرات مع عودة الحكومة، التي كان المواطنون يترقبون وصولها".
ووصل أعضاء الحكومة الجديدة إلى عدن، قادمين من السعودية، لتبدأ مهامها بناء على "اتفاق الرياض" لعام 2019 بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات.
وأردف المنتصر: "استبشر الناس في عدن والمحافظات المجاورة خيرًا بخبر وصول الحكومة وممارسة مهامها من عدن، باعتبار ذلك مصدر أمل واطمئنان للمواطن العادي الذي تسحقه ظروف الحياة المختلفة".
واستدرك: "لكن هذه التفجيرات ستلقي بظلالها حتمًا على الكثير من الأمور في الأيام القادمة، وستحد دون شكٍ من تحركاتهم (أعضاء الحكومة) ونشاطهم في المدينة".
وكانت حكومة مناصفة بين محافظات الشمال والجنوب أدت اليمين الدستورية، أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، السبت، وهي تتألف من 24 حقيبة وزارية، حصل المجلس الانتقالي الجنوبي على 5 منها ضمن حصة الجنوب.
"اليمن السعيد"
رأت نوال مكيش، أستاذ مساعد في جامعة عدن، أن تلك التفجيرات ستبقى شاهدة على سوء أحوال حياة الناس في بلد كان يُسمى وإلى وقت قريب بـ"اليمن السعيد".
وتابعت للأناضول: "قد يبدو خبر القتل والتفجيرات اعتياديا في بلد سافرت منه الطمأنينة منذ زمن، لكن تفجير المطار، بالتزامن مع وصول الحكومة، شكل واقعة صادمة لكل سكان عدن، ويعبر عن سوء الحال الذي وصلت إليه الأوضاع".
ويشهد اليمن، منذ 6 سنوات، حربا بين القوات الحكومية، مسنودة بالتحالف العربي من جهة، وبين الحوثيين، المدعومين من إيران من جهة أخرى، والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.
وتمنى محمد منصور، مواطن يمني، في حديثه مع الأناضول، "ألا يشكل الحادث الأليم عائقًا أمام الحكومة التي ينتظرها عمل كبير، خاصة في ما يتعلق باستتباب الوضع وتوفير الخدمات و(مواجهة) التلاعب في العملة وارتفاع الأسعار".
وخلفت الحرب في اليمن ما لا يقل عن 233 ألف قتيل، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
"استعادة الدولة"
بعد التفجيرات، ظهر رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، في تسجيل مصور، محاولا طمأنة الشعب اليمني بمواصلة العمل من أجل "استعادة الدولة والقضاء على إرهاب الحوثيين".
واتهمت وزارة الداخلية، في بيان، الحوثيين بشن الهجوم على المطار، لكن الجماعة نفت صحة هذا الاتهام.
وفي أول تحرك له على الأرض، زار عبد الملك مستشفى البريهي (خاص) في مدينة المنصورة، للاطمئنان على حالة عدد من جرحى التفجير، بحسب مصادر طبية في المستشفى للأناضول.
وأضافت المصادر، طلبت عدم نشر أسمائها، أن رئيس الوزراء وجه إدارة المستشفى إلى إيلاء المصابين الرعاية الطبية اللازمة، مؤكدًا عزم الحكومة على الوقوف بجانبهم ومساعدتهم، مع إمكانية السفر إلى الخارج إذا لزم الأمر.
وقال عاملون في المستشفى إن زيارة معين للجرحى والاطمئنان عليهم خلفت حالة من الارتياح، معتبرين إياها خطوة أولى في رعاية المواطنين وتخفيف معاناتهم من تداعيات الحرب المتواصلة بين القوات الحكومية والحوثيين.
ويهدف تشكيل الحكومة الجديدة، وفق مراقبين، إلى إنهاء الخلاف بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي والتفرغ لمواجهة الحوثيين، الذين اقتربوا من السيطرة على مأرب، آخر معاقل الحكومة شمالي البلاد.