[ صدور كتاب رؤية يمنية في أدب الرحلات مترجماً للإنجليزية ]
صدر للكاتب والدبلوماسي اليمني عبد الوهاب العمراني عدة كتب سياسية وفي أدب الرحلات وله مسودة كتابين آخرين قد تطبع في أقرب فرصة ممكنة.
وكتابه الأخير مشاهدات وانطباعات من الشرق والغرب رؤية يمنية في أدب الرحلات والذي قدم له الأديب اليمني الشهير الدكتور عبد العزيز المقالح، وكذلك راجعه وقدم له الدكتور حميد العواضي سفير اليمن السابق في اليونسكو بباريس، ولقى الكتاب في أوساط المجتمع اليمني ومن المثقفين تحديداً صدى وتفاعلا كبيرين.
وهو الأمر نفسه عربياً ومن ضمنهم أكاديمي عراقي من أسرة الراوي العريقة كتب عنه في موقع عربي يصدر من لندن ومن ضمن ما جاء في ملاحظاته:
ولعلي من القلة ممن تسنى لهم قراءة الكتاب عندما كان مجرد مسودة ومشروع كتاب لعلاقتي بالكاتب من جهة وحبي لهذا النوع من الأدب من جهة ثانية، ومن ثم قرأته حينما أنجزه مطبوعاً في حلة قشيبة ومجلد فاخر طبع في بيروت..
وأنا أصلا مغرم بالكتابات ذات الطابع الأدبي والتاريخي، وسبق وأن قرأت بعض نماذج من هذا اللون من الأدب، ولكني حقيقة كنت أجهل بعض التفاصيل ولا سيما فيما يتعلق بتاريخ أدب الرحلات عند العرب، وكذا أعلام من اليمن في هذا المجال ودور اليمنيين فيه، ناهيك عن تفاصيل سير الرحلة الطويلة للكاتب نفسه في عدد من البلدان في أغلب قارات المعمورة زهاء ثلث قرن، واعتبره بدون مبالغة أو مجاملة لكاتبه (والذي سيفاجأ حتماً بهذه الخاطرة) كتحفة وآية في الإبداع في مجال أدب الرحلات شكلاً ومضمونا.
استقى الكاتب مصادره من أمُهات الكتب في هذا اللون من الأدب ولم يكتف بآخر ما يصدر من الكتب والدوريات، بل لاحظت اهتمامه بأقدمها وأشهرها عبر كل العصور ولاحظت أيضا همته ومثابرته وتيقنت عن قرب مدى عشق كثير من المثقفين اليمنيين للمعرفة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية التي تلازم بلداننا العربية ومنها اليمن، الذي يمثل جيلا من الدبلوماسيين الموهوبين بملكات الكتابة الغنية بالثقافة المتنوعة، وما إن استهللت قراءة هذا الإنجاز الرائع وبرغبة مزدوجة إلا وقد انغمست في آفاق رحبة لبستان من المعرفة من خلال أدب الرحلات الذي خُيل لي أن الكتاب سيكون على غرار ما قرأته لكُتاب آخرين يحصرون اهتمامهم بالتركيز فقط على مشاهداتهم دون التعمق فيما وراء الأسباب كما يقول المؤلف في رحلتي بين صفحات الكتاب سواء في المتن أو الهوامش.
انتابني أحاسيس بعشق المعرفة واكتشاف المجهول وبعبق التاريخ الذي يلازم معظم فصول الكتاب، زادت من حبي لهذا النوع من الكتابات الشيقة ولاسيما أن كاتبه يُضفي عليها صبغة أدبية وبعمق تاريخي.
لقد أذهلني حجم وكثافة المعلومات بين دفتي هذا الكتاب وفي مفردة واحدة ضمن أحد عشر موضوعا شملها الكتاب وهي العراق، لقد عرفت خلال حواري مع مؤلفه مدى حبه لتاريخ العراق وشعبه ليس فقط لأنه عاش مع أقرانه أثناء دراسته الجامعية نهاية السبعينيات، ولكنه في مؤلفه كتب عن العراق بأحاسيس أبناء الرافدين ولفت نظري مدى غزارة المعلومات التي عكست لا شك معرفة ودقة في مصادر قد لا يعرفها الكثير من العراقيين أنفسهم، سواء بوصف المجتمع العراقي أوتاريخه الحديث ودياناته وقومياته. ولقد أعجبت بتواضع الكاتب في مقدمته عندما يقول: "لست شاعراً أديبا ولا مؤرخا، ولكني أحاول ببساطة نقل مشاعري في تجربة أدبية متواضعة".
وبدوري أشارك الأديب عبدالعزيز المقالح والذي سطر بقلمه الرشيق كلمات الإعجاب والثناء في مقدمة الكتاب ومما قاله أديب اليمن الكبير المقالح في هذا العمل الأدبي المميز: ".. كما جاءت لغة الكتاب بديعة خالية من التكلف والتصنع يمكن للقارئ متابعتها بسلاسة ويسر، وكلما قطع جزءاً من الكتاب زاد شوقه إلى استكمال بقية الأجزاء. وبوصفي واحداً من أوائل قرائه أتمنى أن يواصل المؤلف كتاباته عن أسفاره الجديدة بالمستوى الأدبي الراقي وإخلاص الأديب المبدع".
بينما قدم الإصدار الأخير (الذي نحن بصدده) الدكتور حميد العواضي سفير اليمن السابق في اليونسكو، وهو مثقف يمني ومبدع في علم اللسانيات، وقد أجاد الوصف في مقدمته الرائعة فيبدو بأنه قد قرأ مسودة الكتاب بعناية وتأنٍ، حيث تناول أدق التفاصيل.
ومما جاء في تلك المقدمة ".. ومن وجه آخر فإن المكتبة اليمنية تفتقر لهذا النوع من الكتب مقارنة بمجمل محتويات المكتبة العربية، ويضيف مقدم هذا الكتاب الدكتور العواضي في هذا السياق .. "بكتابه هذا يعد أول مؤلف تناول بهذه الشمولية نطاقا واسعا من الدول والأماكن التي شملتها تلك المشاهدات أو في وصف أدب الرحلات كجانب نظري حيث تضمنت مقدمة الكتاب طرفا من تاريخ أدب الرحلات عند العرب وغيرهم منذ اقدم العصور وحتى عصرنا الحاضر. كما يحسب له أنه أوجز في هذا السياق دور اليمنيين في هذا الجنس من الكتابة".
لقد لفت انتباهي عشق المؤلف لهكذا كتابة في وصف البلدان والأمصار في لغة اليوم بعبق تاريخ تلك الأمم، فوصفه لاصفهان وبلاد الهند والسند وأقصى الشرق في الملايو وسنغفورة، أما في تركيا بالإضافة لسرد رحلته وتداخلها مع بعض الانطباعات الاجتماعية والثقافية فقد ربط بين تأثير توسع العثمانيين في المشرق بتداخل مفرداتهم في اللهجات العربية المحلية، وضرب مثلا لعشرات المفردات التي دخلت قواميس الأمم المغلوبة، وهو الأمر نفسه لأكثر من محطة في رحلاته فلا يكتفي بوصف وسرد رحلاته بل يبحث فيما وراء الأسباب ويتطرق لطبائع تلك الشعوب ومقارنتها ببلدان عربية وباليمن تحديدا، واتجه الكاتب غربا ليستطلع المغرب الأقصى متنقلا بين مراكش وفاس ومكناس وأقصى شماله في طنجه منطلق الرحالة ابن بطوطه فينقل بصورة سلسلة وبليغة طبائع تلك المجتمعات من عرب وأفارقة وبربر، ويربط بين تاريخ المغرب بآثآر حضارة الأندلس التي يتكون جزء من المجتمعات المغربية من بقايا المهجرين فيتحدث عن فنونهم وثقافتهم وطباعهم فضلا عن المشاهدات السياحية المعتادة، ومن ثم يصعد بنا شمالا إلى اسبانيا في صورتها العربية.
في فصل الأندلس يبحر بنا في عمق المجتمع الأندلسي بثقافته وموشحاته وعبق التاريخ على أنغام الحان زرياب، وبعد ذلك يرحل بنا في بضع مدن اوروبية كمدينة النور باريس وعاصمة أوروبا بروكسل ثم يحلق بنا في أقدم الحواضر الأوربية وأعرقها أثينا وبلاد الإغريق فيجول بنا في جزرها ومدنها وآثار أول حضارة أوروبية.
وإجمالا فهذا النوع من الكتابات في مجال أدب الرحلات تجذب الكثيرين، لاسيما وأن كاتبها قد ضمن بين دفتي مؤلفه أنواعا من المعرفة المتداخلة بين التاريخ والأدب والاجتماع واللسانيات والأديان، ونحو ذلك فجعل القارئ وكأنه في بستان متعدد الألوان وبأسلوب سلس وممتع بالفعل.
ومما جاء في مقدمة الكتاب للدكتور عبدالعزيز المقالح:
كتاب الصديق السفير عبدالوهاب العمراني ليس دراسة في أدب الرحلات لكنه فصل من فصول الرحلات المهمة التي حرصت على تقديم أجزاء من هذا العالم عبر الانطباعات العميقة والمشاهدات المتأنية. وما أحوج البشر إلى مثل هذه الكتابات، لاسيما الغالبية العظمى منهم الذين لم تتح لهم الظروف مبارحة أوطانهم فاكتفوا بأن يتعرفوا على العالم من خلال حدقات الرحّالة الذين لم يستأثروا لأنفسهم بما رأوه وعته ذاكرتهم في كثير من خواطر العام، بل كانوا أحرص على أن يشاركهم القارئ متعهم ومرائيهم، وهو نوع من الإيثار جدير بالتقدير والإعجاب.
ولا أخفي أن هذا الكتاب قد أمتعني وأضاف إلى معلوماتي الكثير مما كنت أجهله عن عدد من البلدان التي زارها مؤلفه السفير عبدالوهاب العمراني وأمضى في بعضها وقتاً كافياً يمده بما يرغب فيه من تكوين رؤية الباحث المتتبع لا الزائر السائح العابر الذي ينظر إلى واجهات المدن لا إلى روحها وأبعاد مكوناتها الثقافية والحضارية وما يشغل أبناءها من هموم وما تحركهم من آمال. وإنني ومعي ألوف القراء نغبطه على الظروف التي هيأت له القيام برحلاته الشرقية والغربية ومكنت له من الاطلاع الواسع على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلدان التي زارها أو أقام فيها أثناء عمله الدبلوماسي والتي استطاع خلالها أن يختزن في ذاكرته كما في يومياته جوانب مهمة من المشاهدات والانطباعات الواقعية.
في المقدمة التي كتبها المؤلف أكثر من إشارة إلى أهمية الترحال وإلى ضرورة أن يكون الرحالة واعياً لهدفه باحثاً في البلدان التي يزورها -كما يقول- عن القيمة والمعنى، وليس عن التسلية وشغل القارئ بالسطحي من الأمور وهذا ما يؤكد أنه كان قد استعد لذلك بقراءة قائمة من كتب الرحلات القديم منها والحديث ليتمكن في رحلاته الشرقية والغربية من تمثل القيمة والمعنى لهذه الرحلات، وأعتقد أنه نجح إلى حد بعيد فجاءت رحلاته تطبيقاً لما هدف إليه، كما جاءت لغة الكتاب بديعة تلقائية خالية من التكلف والتصنع يمكن للقارئ متابعتها بسلاسة وبسر، وكلما قطع جزءاً من الكتاب زاد شوقه إلى استكمال بقية الأجزاء.
الكتاب دخل الموسوعة العالمية يوكوبيديا الذي تناول فيه خلاصة هذا المؤلف وصدى انتشاره تزامن مع سيرة ذاتية نشرت أيضا عن المؤلف نفسه باللغتين العربية والانجليزية .
وبالمناسبة الكتاب حاليا يترجم للانجليزية وسيطبع قريبا الإصدار الثالث باللغة الإنجليزية ليأخذ طريقه للعالمية.