[ اليمنيون يعانون من نقص حاد في الوقود (فرانس برس) ]
التحقت عدن، جنوب اليمن، إلى العاصمة صنعاء ومناطق الشمال، بقائمة المدن التي تجتاحها أزمة الوقود، بعد إغلاق معظم محطات التعبئة أبوابها منذ نهاية الأسبوع الماضي.
وفرضت الشركة اليمنية الحكومية للنفط في عدن منذ مطلع يوليو/ تموز الحالي لائحة سعرية جديدة للوقود، شملت معظم المناطق الواقعة في نطاق الشركة الحكومية، ارتفعت بموجبها صفيحة الـ20 لتراً من البنزين، من 3500 ريال إلى 5600 ريال، ونحو 5800 ريال لصفيحة الـ20 لتراً من مادة الديزل، من 3700 ريال (الدولار في عدن يساوي 765 ريالاً). ويعيش اليمن على وقع أزمة وقود خانقة منذ منتصف شهر يونيو/ حزيران الماضي في سيناريو مكرر للأزمات التي تشهدها البلاد منذ بداية الحرب قبل ما يزيد على خمس سنوات في المشتقات النفطية التي انعكست على شكل صدمات قوية أثرت بشدة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وتفاقمت أزمة الوقود على خلفية تبادل الاتهامات بين أطرف الصراع حول التسبب في الأزمة. وأعلن الحوثيون أمس الأحد، وصول ناقلة وقود إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم غربي اليمن، في وقت ارتفعت فيه حدة الاتهامات الموجهة إلى التحالف العربي بقيادة السعودية، بمنع وصول الناقلات إلى الميناء. جاء ذلك في تغريدة نشرها عبر حسابه على تويتر، رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر (خاضعة للحوثيين)، يحيى شرف الدين نائب.
وأول من أمس، حذر الحوثيون، من كارثة إنسانية حقيقية بسبب قرب نفاد كميات المشتقات النفطية في المخازن، حيث إن الاحتياج الفعلي من مادتي البنزين والديزل يصل إلى 10 ملايين و500 ألف لتر في اليوم الواحد. واتهمت الجماعة على لسان مدير شركة النفط بصنعاء عمار الأضرعي، التحالف العربي، بأنه يواصل احتجاز 20 سفينة نفطية ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة.
وألقت الأزمة بظلالها على حياة المواطنين اليمنيين ومختلف القطاعات التي أصيبت بشلل شبه كامل بسبب نقص الوقود.
وتفاجأ ملاك المركبات والسيارات في عدن بانخفاض المعروض من المشتقات النفطية منذ نحو عشرة أيام، وصولاً إلى اختفائها وإغلاق معظم محطات التعبئة الخاصة بالوقود أبوابها في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية عدن. وأفاد المواطن سامي عبد الناصر، من سكان عدن، وهو صاحب سيارة أجرة، بأنه ذهب كالمعتاد إلى إحدى المحطات في منطقة الشيخ عثمان شمال عدن لتعبئة سيارته التي يعمل عليها ويعيل أسرة مكونة من ستة أفراد، لكن الدهشة أصابته حسب قوله لـ"العربي الجديد"، عندما وجدها مغلقة والسيارات والمركبات تتجمع حولها.
وتعيش عدن منذ سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي عليها بشكل رسمي وعلني في شهر إبريل/ نيسان الماضي، عقب إعلان حلفاء الإمارات ما يسمى الإدارة الذاتية لعدن ومحافظات جنوب اليمن، على وقع أزمات معيشية وخدمية متعددة، شملت الكهرباء والماء والصرف الصحي وارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية وتوقف صرف رواتب الموظفين المدنيين للشهر الثالث على التوالي، وتدهور كبير في سعر صرف العملة.
وامتدت الأزمة لتشمل أجور النقل والمواصلات التي زادت بنحو 500%، وخصوصاً بين المحافظات اليمنية، إذ تكلف أُجرة الرحلة حالياً من صنعاء إلى تعز نحو 10 آلاف ريال من 7 آلاف كانت عليها قبل منتصف يونيو/ حزيران الماضي، بينما لم تكن تزيد على ثلاثة آلاف ريال قبل نشوب الحرب في اليمن في عام 2015. ولم تتوقف الأزمة عند حدود المشتقات النفطية وانخفاض المعروض منها وتراجع الكميات المستوردة، بل أيضاً شملت واردات المواد الغذائية التي شهدت تراجعاً ملحوظاً منذ إبريل/ نيسان الماضي.
وحسب الباحث الاقتصادي مراد منصور، استهدفت الحرب والصراع الدائر في اليمن بشكل رئيسي حياة الناس البسطاء وأرزاقهم ورواتبهم وأعمالهم، وسط تشكل فئات تجارية استغلت الحرب والصراع الدائر لتنشط في الاقتصاد الموازي الذي استنزف مقدرات اليمنيين وثرواتهم ومواردهم، والثراء على حساب معاناتهم المتفاقمة. ويرى منصور في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا الصراع تركز بشكل رئيسي منذ عامين تحديداً على مختلف الجوانب الاقتصادية، وهو ما يلاحظ في أزمات الوقود المستفحلة وانهيار العملة.