[ الوباء يفتك بعدن إثر إهمال الانتقالي ]
قالت مصادر طبية في كل من عدن وصنعاء إن الوضع الصحي كارثي فيهما في ظل انتشار سريع وواسع لفيروس كورونا، في ظل غياب شبه كلي لاهتمام سلطات الأمر الواقع في هذين المدينتين، حيث تقع عدن تحت سيطرة المجلس الانتقالي الانفصالي وصنعاء تحت سيطرة جماعة الحوثي الانقلابية.
وذكرت لـ«القدس العربي» أن الوضع خرج عن السيطرة في مدينتي عدن وصنعاء، والوضع مرشح للانهيار السريع، من خلال المؤشرات اليومية الواضحة التي تشهد فيه هاتان المدينتان انتشاراً كبيراً لحالات مصابة بفيروس كورونا ولكن تتجاهله سلطات الأمر الواقع ولا تكثرت بما يحصل هناك، لأسباب غير معلنة.
كارثة صحية
وأعربوا عن قلقهم من احتمالية وصول الوضع الصحي في هاتين المدينتين والمدن اليمنية القريبة منها حد الكارثة الصحية، مع توقعات بارتفاع عدد حالات الوفيات إلى مستوى غير مسبوق في ظل عدم إمكانية القيام بأي دور لمجابهة الانتشار السريع لفيروس كورونا إثر انهيار المنظمة الصحية في اليمن بشكل عام ومدينتي عدن وصنعاء بشكل خاص، بالإضافة إلى غياب الإجراءات الوقائية والتدابير اللازمة للحد من اتساع دائرة انتشاره في البلاد.
إلى ذلك، أطلق رئيس مؤسسة عدن الغد، الإعلامي الجنوبي البارز فتحي بن لرزق أمس، نداء لإغاثة محافظة عدن من جائحة كورونا التي تفتك بسكانها في ظل غياب كامل للخدمات الطبية. وقال إنه قرر إطلاق هذا النداء بعد أن «وصل عدد الحالات التي توفيت الخميس 72 حالة»، وهي أعداد لحالات وفيات يعتقد أنها فارقت الحياة بسبب إصابتها بفيروس كورونا دون أن تعلن رسمياً أسباب ذلك. وقال بن لزرق، في منشور له في صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ترددت كثيراً وتراجعت أكثر من مرة (عن النشر) لكن والرقم يقترب من 100 توكلت على الله، وهي الحقيقة التي يجب أن يعلمها العالم، فالناس في عدن تموت على قارعة الطرقات وحتى قبل الوصول إلى المستشفيات».
الحوثيون يتكتمون على انتشاره في صنعاء حفاظاً على «موسم الهبر» من التجار
وأضاف: «الناس تموت بلا أدوية، بلا فحوصات، بلا رحمة والعدد المنشور للوفيات في عدن المصابة بالوباء أكبر مما يتم نشره، أكبر بكثير مما تتوقعونه ومما تتخيلونه».
ورافق منشوره بفيديو لمريض أصيب قبل أيام بوباء كورونا تنقل بين مستشفيين ومات بعد ساعات من وصوله إلى المحجر الصحي في منطقة البريقة، في أطراف محافظة عدن.
وأوضح: «وثّقنا حالته من مستشفى إلى آخر، من الحياة إلى الموت.. فطر بين أهله صحيحاً معافى وخلال ساعات ودعهم». مشيراً إلى أن هذا المتوفى ليس الحالة الوحيدة، بل العشرات يموتون كل يوم بنفس الطريقة في محافظة عدن.
وذكر أن «الهدف من واقعة التوثيق هذه التي قمنا بها لحالة مريض مشتبه إصابته بفيروس كورونا هو اقناع المنكرين لخطورة الوضع الصحي في عدن وكارثيته». مشيراً إلى أن الأطباء في المحجر الصحي يؤدون واجبهم في أكمل «لكن الإمكانيات صفر، صفر، صفر».
انقذوا عدن أيها العالم
وقال: «ندعو العالم أجمع إلى سرعة التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في عدن، فالناس تموت، تموت، تموت.. انقذوا عدن أيها العالم». موضحاً أن هذه رسالة يود لها أن «تصل إلى العالم الذي يقرأ البيانات الرسمية ويظن أن الأمور يسيرة بينما هي عسيرة للغاية». وكشف أن «الجهات الرسمية تكذب. والمتحكمون بعدن يكذبون أيضاً، أيها العالم تحركوا لإنقاذ الناس في عدن».
وفي العاصمة صنعاء، قد يكون الوضع كارثياً أكبر مما هو عليه الحال في عدن، حيث ذكرت مصادر عديدة أن عدد الحالات المؤكد إصابتها بفيروس كورونا بصنعاء تجاوز عتبة 100 حالة، فارقت الحياة 14 حالة منها، لكن السلطات الحوثية القمعية لا تسمح بإظهار هذه الحقيقة للناس، رغم أنها بدأت باتخاذ بعض الإجراءات الوقائية التي تكشف عن شعورهم بخروج الوضع عن السيطرة.
وقال مصدر في الغرفة التجارية والصناعية بالعاصمة صنعاء لـ«القدس العربي»، طلب عدم الكشف عن هويته حفاظاً على سلامته: «يتستر الحوثيون عن الكشف على حجم انتشار الوباء في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتهم، للإبقاء على الحركة التجارية تسير بشكل طبيعي، لأن شهر رمضان هو الموسم التجاري الأكبر في اليمن، والذي يعده الحوثيون (موسم الهبر) لهم، حيث يستغلونه أسوأ استغلال لابتراز التجار وأصحاب رؤوس الأموال تحت مبررات ولافتات مختلفة».
وأوضح أن الحركة التجارية في الأسواق اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين تعد أحد أبرز الموارد لتمويل جماعة الحوثي، وبالتالي لو طبّقت حضر التجوّل والحضر الصحي والتباعد المجتمعي في صنعاء لتعرضت لخسارة كبيرة لمواردها، بالإضافة إلى أن العديد من التجار الجدد الذي صعدوا في صنعاء منذ سيطرة الحوثيين عليها، أغلبهم من قيادات وأتباع جماعة الحوثي الذين يفضلون الإبقاء على حركة الحياة التجارية طبيعية حتى لا يتعرضوا للخسارة.