[ بدأ بيع التمور بالأسواق اليمنية قبل رمضان (الجزيرة نت) ]
يعيش اليمنيون أزمات مركبة هذه الأيام لاسيما مع الظروف الاقتصادية المتدهورة التي يكابدونها منذ أكثر من خمسة أعوام من الحرب وانقطاع المرتبات والأعمال، وأيضاً كوارث الانخفاض المداري الذي ضرب العديد من المدن، والحديث عن إيقاف الأمم المتحدة المساعدات الإنسانية، فضلا عن التحذيرات من نفاد الوديعة السعودية (ملياري دولار) والدخول في مجاعة حقيقية إذا تفشى فيروس كورونا.
ومع بداية شهر رمضان وجد أغلب المواطنين أنفسهم عاجزين عن شراء حاجاتهم الأساسية حيث قام التجار برفع أسعار السلع المختلفة أو احتكارها من أجل زيادة الطلب عليها في الأسواق.
استعداد باهت
يقول المعلم التربوي عبد الرحمن غالب (محافظة تعز) في حديثه للجزيرة نت إنه ترك الكثير من الأشياء المثالية التي كان يحرص على شرائها سابقاً من أجل الاستعداد لرمضان مكتفيا هذا العام بشراء التمر وكميات قليلة من السكر والأرز والدقيق وبعض السلع التي لا تكفي لأسبوع، في وقت نفدت أمواله التي كان يدخرها.
يتابع "وضع الناس مزر، التجار يتخذون رمضان فرصة للربح، راتبي الذي أتسلمه بشكل متقطع (150 دولارا أميركيا) لا يكفي لتغطية أول أسبوع من الشهر وما يتطلبه من مصروفات، وهناك من يعيش بدون أعمال ولا يجد قوت يومه".
غالب ليس وحده من تقطعت به السبل في توفير احتياجات رمضان، ولكن طارق أحمد (32 عاماً) يؤكد أنه يعيل أسرة من ستة أشخاص، ومصدر دخله الوحيد هو دراجته النارية التي يجول بها الشوارع من أجل نقل الناس وتوفير بعض المال وشراء الحاجات الأساسية التي لا يكتمل رمضان إلا بها، لكنها أصبحت حلما بعيد المنال بسبب ارتفاع الأسعار.
وبحسب مواطنين في تعز تحدثت معهم الجزيرة نت فإن من بين أبرز السلع الأساسية التي ارتفعت السكر الذي وصل سعر الكيس الواحد منه إلى 19 ألف ريال، والقمح 15 ألفا، والأرز 39 ألفا (دولار يعادل نحو 250 ريالا).
ولكن تبقى أزمة الغاز المنزلي أكثر ما يؤرق حياة المواطنين في أغلب المدن، حيث يشكل كابوس اختفاء الغاز من الأسواق قلقاً كبيراً لهم، ولذلك يلجأ أغلبهم للحصول عليه من السوق السوداء بأسعار باهظة.
فوضى الأسواق
يقول رئيس جمعية حماية المستهلك فضل منصور إنه مع اقتراب رمضان يقبل المستهلكون على شراء السلع، ويستغل هذه الفرصة ضعاف النفوس من التجار في زيادة الأسعار بل وممارسة الغش في جميع أنواع السلع والخدمات.
وبحسب منصور فإن المخاوف من انتشار فيروس كورونا جعل المستهلكين يقدمون على شراء السلع الغذائية وحتى الدوائية مثل المعقمات وتخزينها، مما أثر على توفرها في الأسواق وارتفاع أسعارها خمسة أضعاف ما كانت عليه.
وبات هناك -وفقاً لمنصور- غش الموازين لبعض السلع الغذائية مثل الدقيق والأرز والسكر، حيث يقوم البعض بخفض الوزن نصف كيلوغرام إلى كيلوغرام في العبوات الصغيرة، ويقوم آخرون بوضع أربعة كيلوغرامات في الأكياس الكبيرة (50 كيلوغراما) كما أن هناك سلعا تباع بدون بيانات وهو مخالف للمواصفات القياسية.
ويشير إلى أن تدني مستوى الوعي لدى المستهلكين وانخفاض مستوى المعيشة وتوقف صرف المرتبات وزيادة مساحة الفقر وارتفاع الأسعار، مما أدى مؤخراً إلى زيادة الغش والتدليس، وإقبال المواطنين على شراء السلع المقلدة لانخفاض أسعارها وسد احتياجاتهم ولو على حساب صحتهم.
ويؤكد الباحث الاقتصادي محمد راجح للجزيرة نت أن الأسواق تعاني من تشوهات عديدة نتيجة الاحتكار وانعدام المنافسة خصوصاً السلع الغذائية والتي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في ظل غياب الرقابة الرسمية.
ويقول أيضا "نتيجة لهذه التشوهات والفوضى في الأسواق وارتفاع أسعار السلع يلاحظ تراجع القوة الشرائية للمستهلكين في ظل محدودية الدخل وتردي الوضع المعيشي لأغلب شرائح المجتمع".
ويبرر بعض التجار ارتفاع الأسعار بارتفاع العملات الأجنبية أمام المحلية، غير أنه في الواقع حدث خلال الفترات الأخيرة.
وفي محاولة لوقف هذه الفوضى كلفت السلطات في العديد من المدن فرقا ميدانية لمراقبة أسعار السلع الأساسية وإلزام التجار بتوحيد الأسعار ومنع الاحتكار، وفقاً لمسؤول بالغرفة التجارية في العاصمة المؤقتة عدن تواصلت معه الجزيرة نت عبر الهاتف.