[ التحالف يكمل عامه الخامس في تدمير اليمن ويسهم في تقسيمه إلى دويلات متناحرة تحت غطاء الشرعية ]
أكمل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في اليمن عامه الخامس، الخميس الماضي، دون أن يحقق أياً من أهدافه سوى تدمير البنية التحتية لليمن وللسعودية، والإسهام بفاعلية في تقسيم اليمن إلى دويلات متناحرة، في الشمال والجنوب والوسط.
وفي ذكراه الخامسة، وصل التحالف العربي باليمن إلى نقطة الصفر، إذ انتهى من حيث بدأ، بل وربما أصبح وضع اليمن حالياً أسوأ من وضعه قبل تدخل التحالف العربي في 26 آذار/مارس عام 2015، وفقاً لكثير من المحللين، الذين يرون أن التدخل السعودي الإماراتي دفع باليمن إلى التمزّق وإلى ساحة صراع إقليمية وتصفية حسابات بين السعودية وإيران، وأفرغ القضية اليمنية من محتواها الحقيقي في رفض القبضة الحديدية للكهنوت الحوثي الذي انقلب على السلطة الشرعية وألغى حقوق الآخرين السياسية بدعوى «الحق الإلهي» في الحكم.
اتخذ التحالف العربي من استعادة الشرعية «شمّاعة» لتدخله في اليمن دون إذن من أحد، بمن فيهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي انقطعت كل سبل التواصل بينه وبين العالم الخارجي أثناء هروبه من مدينة عدن، عشية انطلاق العمليات العسكرية الجوية للتحالف في اليمن المسماة عاصفة الحزم.
وكشفت الأيام «الكذبة» الكبرى التي تذرعت بها دول التحالف، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، في التدخل باليمن، حيث تكشفت أن التحالف أصبح أكبر المناهضين لعودة الشرعية إلى اليمن، بل ويعمل ليل نهار لإفشال كل محاولة لذلك، بدليل منع رئيس الجمهورية اليمني من العودة إلى مدينة عدن والاستقرار فيها لممارسة سلطاته الرئاسية منها، حتى يعطي شرعية فعلية على أرض الواقع لسلطته بدلاً من ممارسة حكمه من المنفى الإجباري في السعودية.
ومنذ تدخل قوات التحالف العربي في اليمن لم يحقق اليمنيون أياً من أهدافهم للتحرر من القبضة الحديدية لجماعة الحوثي الانقلابية، ولم يجنوا سوى تجييش الشارع والاقتتال بعضهم ضد بعض، والدفع نحو تقسيمه إلى طوائف ومجموعات عديدة تحت مسميات ولافتات مدعومة من أطرافه سراً وعلانية ولم تكن موجودة قبل تدخله في البلاد.
بطبيعة الحال، قرار المقاومة اليمنية لجماعة الحوثي في المناطق الجنوبية والشرقية السنية التي تخلو فيها الحاضنة الشعبية للحوثي ذو التوجه الشيعي، كان قراراً شعبياً محلياً محضاً، استغلته دول التحالف العربي بقيادة السعودية واستثمرته للتدخل تحت غطاء دعم الشرعية، التي أثبتت الأيام أن السعودية والإمارات من أكبر الدول التي أفشلت عودة الشرعية إلى اليمن وأجهضت كل المحاولات المستميتة للمقاومة والجيش الوطني في تحرير المناطق والمحافظات التي سيطرت عليها ميليشيا جماعة الحوثي بدعم من القوات العسكرية السابقة الموالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، الذي تحالف مع الحوثيين بغرض الانتقام من خصومه السياسيين الذين انقضوا على نظامه عبر ثورة الربيع العربي التي اندلعت في البلاد في 11 شباط/فبراير 2011.
ولعبت السعودية والإمارات أدواراً متوازية ومتكاملة في لعبة «الخداع» للداخل والخارج، عبر دعم أطراف الصراع اليمني علناً ومن تحت الطاولة، ودعم أطراف على حساب أطراف أخرى، بل وخلق كيانات جديدة وميليشيا موازية لتأجيج بؤر صراع مستحدثة لم تكن موجودة في الشارع اليمني، كما هي الحال في المحافظات الجنوبية التي أنشأت فيه القوات الإماراتية ميليشيا مسلحة من الصفر، بقوام يفوق عددها قوام الجيش الحكومي، حيث كشفت مصادر إماراتية عن تدريبها لأكثر من 90 ألف عنصر مسلح في الجنوب، كما خلقت لهم كياناً سياسياً وهو المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي قاد انقلاباً آخر ضد القوات الحكومية في عدن في آب/أغسطس الماضي بدعم إماراتي عسكري مباشر.
وتقاسمت أبوظبي والرياض الأدوار بينهما، أحدهما يلعب بالمكشوف مثل الإمارات التي تدعم ميليشيا الجنوب، والآخر يلعب من تحت الطاولة، مثل السعودية، التي بدأت التواصل والتفاوض مع الحوثيين بشكل مباشر وغير مباشر، بعيداً عن السلطة الشرعية في اليمن، التي تذرعت بأنها تدخلت في اليمن من أجل إعادتها للبلاد.
وحصد تدخل قوات التحالف العربي في اليمن سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى اليمنيين من الجانبين الحكومي والانقلابي، في موجات الصراع التي غذتها بدرجة أساسية أموال الرياض وأبوظبي وسياساتها القذرة في البلاد، كما دفعت إلى تعزيز قوة الحوثيين عبر الحصول على دعم مماثل من قبل إيران ومن قبل بعض دول التحالف أيضاً بطرق غير مباشرة، من أجل الإبقاء عليهم كذريعة لإطالة أمد الحرب في اليمن، التي كشفت الخمس سنوات الماضية أن تدخل السعودية والإمارات في اليمن لم تكن لسواد عيون اليمنيين، ولكن من أجل تدمير اليمن وتفتيته إلى كيانات متناثرة ومتناحرة بعضها ضد بعض؛ للحيلولة دون نشوء دولة مجاورة للسعودية تملك مكامن القوة العسكرية والاستقرار السياسي.