[ فتاة يمنية في صنعاء تضع واقيا على وجهها بعد التحذيرات الدولية من خطورة انتشار الفيروس (رويترز) ]
رغم ما يعانيه اليمن من سنين الحرب وما خلفته ولا تزال من قتلى ومشردين طاردهم وباء الكوليرا، نزلت عليه جائحة فيروس كورونا لتزداد المأساة في بلد ممزق يعاني نقصا في الغذاء والدواء وانهيارا لمعظم مؤسسات الدولة خصوصا المرافق الصحية.
دفعت هذه الحال منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من أن فيروس كورونا إذا تفشى في البلاد فسيحدث كوارث فعلية، وهو ما زاد من مخاوف المواطنين الذين يرون أن الاحترازات المعلنة لا تكفي لوقايتهم من خطر كورونا، في وقت لا يزال فيه أغلبهم يصارع الكوليرا وحمى الضنك وأوبئة أخرى منذ بداية الحرب.
وفيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية والوقائية على الأرض، اتخذت الحكومة الشرعية سلسلة من التدابير شملت تعليق الرحلات الجوية، وإغلاق المنافذ البرية باستثناء حركة الشحن التجاري والإغاثي، وقررت وزارة الأوقاف وقف صلاة الجمعة والجماعة، كما دعت الحكومة أيضا إلى إغلاق أسواق بيع القات.
في هذا الإطار أيضا، وجّه وزير الدولة في الحكومة الشرعية عبد الرب السلامي دعوة لتشكيل خلية مشتركة من وزارة الصحة في حكومته وسلطات الحوثيين في صنعاء، وذلك برعاية منظمة الصحة العالمية.
من جهته، دعا محافظ حضرموت المواطنين إلى التزام منازلهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى، ونفذ العشرات من المتطوعين الشباب في المدينة حملة توعوية ميدانية في العديد من الشوارع والأحياء السكنية.
عجز الحجر
على الجانب الآخر، أقرّ الناطق باسم وزارة الصحة التابعة للحوثيين يوسف الحاضري، بوجود تقصير في المناطق التي يقومون باحتجاز المسافرين فيها بين المحافظات، وقال "ليس لدينا إمكانيات لإنشاء محاجر صحية كما يحدث في منطقة الخليج ودول العالم"، وحمّل التحالف السعودي الإماراتي مسؤولية تردي الوضع.
ونفى الحاضري صحة ما تردد عن ابتزاز جماعته المواطنين في مناطق الحجر ومطالبتهم بدفع المال مقابل فحصهم أو السماح لهم بالعبور، معتبرا ذلك "إشاعات مغرضة"، مضيفا أن سبب الإجراءات التي اتخذوها في مناطقهم هو "حالة الاستهتار التي تقوم بها سلطات الشرعية وعدم فحصها للمسافرين".
وفيما يتعلق بما تداولته وسائل الإعلام وناشطون عن وجود عشرين حالة مصابة بكورونا في "المستشفى الجمهوري" بصنعاء، ومنع الحوثيين أهالي المرضى من الحديث للإعلام، قال الحاضري "ليس هناك أية حالة إصابة، وتم الاشتباه بحالتين وجرى فحصهما وكانت نتيجتهما سلبية".
وبشأن الاحترازات التي اتخذتها سلطات صنعاء، قال إنهم شرعوا في تشكيل فرق استجابة سريعة لإنشاء محاجر صحية واتخاذ قرارات بإيقاف الدراسة وإغلاق صالات الأفراح وتقليص ساعات العمل، وكذلك إغلاق بعض الأسواق المزدحمة والاستراحات والمطاعم.
انهيار المرافق
ويرى الصيدلاني هيثم الورافي أن جميع الإجراءات التي اتخذتها حكومتا الحوثي والشرعية حتى الآن "غير كافية، وذلك بسبب البنية التحتية المنهارة للقطاع الصحي والتي تعمل بعض قطاعاته بنسبة ضئيلة جدا من قدراتها التشغيلية".
ودعا الوارفي إلى وجوب اتخاذ احترازات أقوى وتوفير مناطق عزل مزودة بجميع الأجهزة الطبية، وتوفير مراكز المراقبة والاستجابة السريعة والتشخيص المخبري المبكر، إضافة إلى تكثيف حملات التثقيف الصحي عبر مختلف الوسائل وإيجاد الدعم اللازم للفرق الطبية المتخصصة.
كما دعا المواطنين إلى الالتزام بالبقاء بالمنازل والابتعاد عن أماكن التجمعات والحرص على غسل اليدين باستمرار وتجنب لمس العينين والأنف والفم، وممارسات النظافة التنفسية من خلال تغطية الفم والأنف بثني المرفق أو بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، تجنبا لانتشار الفيروس.
وفي ظل هذه الأجواء وشعورا بالمسؤولية، أطلقت مجموعات شبابية في عدة محافظات يمنية -مثل حضرموت وتعز- مبادرات للتوعية بالفيروس وتوزيع كمامات على المواطنين.
ولكن أكثر ما يخيف المواطن اليمني عبد الرحمن العزب -المقيم في صنعاء- هي تلك العادات الاجتماعية التي يتمسك بها اليمنيون من مجالس القات والمناسبات إلى الأسواق، ويقول "نحن تحديدا بخلاف العالم لا ينقصنا الموت بكورونا، يكفي ما فعلته الكوليرا والحرب بنا من مجاعة وتشرد وإفقار منذ خمسة أعوام".