[ اللواء أحمد مساعد يتحدث عن تفاصيل عشية توقيع الوحدة وإقصاء الاشتراكي لجماعة علي ناصر محمد ]
كشف القيادي الجنوبي اللواء أحمد مساعد حقائق جديدة حول اللحظات الأخيرة قبل الاحتفال بالوحدة اليمنية، واشتراط رفاقهم في الحزب الاشتراكي مغادرتهم صنعاء لتنفيذ اتفاق الوحدة الموقع بين الرئيس الشمالي علي عبد الله صالح والرئيس الجنوبي علي سالم البيض، في العام 1990.
وجاء تدوين اللواء مساعد ردا على الكاتب الصحفي شفيع العبد الذي قارن إقصاء قيادة الحزب الاشتراكي لرفاقهم المتواجدين في صنعاء لحظة التوقيع على الوحدة في 22 مايو 1990، وما تمارسه قيادة الانتقالي الجنوبي في عدن من إقصاء وتهميش لكل المخالفين لها.
وكان الصحفي شفيع العبد قد قارن -في صفحته على فيسبوك- اشتراطات ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بإخراج الوزيرين الجنوبيين صالح الجبواني وأحمد الميسري باشتراطات الحزب الاشتراكي بإخراج خصومهم الذين كانوا يعرفون بـ”الزمرة" (جماعة علي ناصر محمد) من صنعاء واليمن ككل كشرط أساسي لتوقيع اتفاقية الوحدة.
وقال مساعد "أتذكر أنه بعد الإعلان عن اتفاق عدن حول الوحدة الاندماجية، استدعانا الرئيس المرحوم علي عبد الله صالح ومما قاله لنا بأنه عند مناقشة وضع المعارضين الجنوبيين في الشمال والمعارضين الشماليين في الجنوب طرح مقترح بأن كل شطر يرتب وضع المعارضين عنده في إطار حصته الـ 5%، إلا أن قيادة الحزب الإشتراكي رفضت ترتيب وضع أي شخص من المحسوبين على الزمرة مطلقاً، وأنه يمكن لها النظر في ترتيب وضع بعض الشخصيات الجنوبية المعارضة ما قبل يناير 1986".
وذكر أن صالح قال لقيادة الحزب الإشتراكي "بالنسبة لنا في الشمال ليس لدينا أي تحفظ على أي معارض شمالي ترون ترتيب وضعه في أي منصب على حصتكم".
وأشار إلى أن الصفقة تمت والتي كانت نتيجتها إقصاء تيار جنوبي واسع حتى من المشاركة في احتفالات الوحدة وليس من المناصب فحسب.
وقال مساعد "بالنسبة للرئيس علي ناصر محمد فقد تحدثوا عن موضوع مغادرته صنعاء بصورة ثنائية لم نكن حاضرين فيها، أقصد لقاء بينه والرئيس صالح، وهذا ما بلغنا فيما بعد".
وأردف "أما محمد علي أحمد وعبد الله علي عليوه وعبد ربه منصورهادي وأحمد عبد الله الحسني وأنا، فقد جلس معنا الرئيس صالح بعد مغادرة علي ناصر محمد، وقال لنا بأنه يرى بأن يرتب وضعنا في السفارات اليمنية، على أساس محمد علي أحمد وأنا سيتم تعييننا سفراء في دولتين من الدول الكبرى، وبالنسبة لعبد الله علي عليوه وعبد ربه منصور هادي وأحمد عبد الله الحسني سيعينهم ملحقين عسكريين في سفاراتنا لدى موسكو وواشنطن ولندن على التوالي".
اقرأ أيضا: القيادي الاشتراكي محمد علي أحمد: صالح أشهر مسدسه في وجهي عشية الوحدة والأحمر احتوى الموقف
ولفت مساعد إلى أن كل الجماعة ردت على مقترح صالح بالرفض. وقال "قلنا بصوت واحد يكفي أنكم طردتم علي ناصر الذي تمت في عهده صياغة دستور دولة الوحدة، وهو الذي أوقف الحرب في المناطق الوسطى بعد سنوات من القتال وسفك الدماء وساعدكم في تهدئة الأوضاع في الشطر الشمالي وبنى معكم علاقات إستراتيجية سبقت الوحدة بسنوات كحسن نية، تبدأ بالتنقل بين الشطرين بالبطاقة وغيرها من الإنجازات على طريق التمهيد لتحقيق الوحدة".
وأردف "رد علينا صالح، بأنه لم يطرد علي ناصر وإنما رتب أموره وأسرته حتى تهدأ النفوس وأنه سيعود إلى صنعاء، وقال أما أنتم لا تفهمون شيئا في السياسة ولكن ساعدونا في تحقيق الوحدة".
وتابع "كان ردنا له هذه المرة بأنه يكفي خروجنا من عدن ولن نخرج مرة أخرى خارج حدود اليمن".
واستدرك "بعد ذلك استدعانا الأخ علي محسن الأحمر، وقال لنا إن الأخ علي سالم البيض وقيادة الحزب رافضين يدخلوا صنعاء وأنتم موجودون فيها. وسألناه ما المطلوب منا؟ فقال تغادروا صنعاء إلى أي محافظة تختارونها من محافظات مأرب وصعدة وحجة والحديدة وتعز وإب، والقصور الرئاسية فيها مفتوحة لكم واستضافتكم على نفقة المحافظين كاملة".
واستطرد اللواء مساعد "بدوري قلت له نحن جاهزون للتنفيذ في سبيل إتمام عملية الوحدة التي هي هدف لنا منذ استقلال الشطر الجنوبي وبناء دولته"، مشيرا إلى أن محمد علي أحمد تدخل هنا وقال لي من فوضك توافق؟ فقلت له أنا شخصياً ذاهب ومن يريد معي إلى صعدة.
وقال "غادرنا صنعاء إلى صعدة نزولاً عند رغبة قيادة الحزب، وكان معي العم عبد الله علي عليوه والشهيد البطل العم سالم علي قطن، وآخرون لم تسعفني الذاكرة لحصر أسمائهم".
اقرأ أيضا: إقصاء وهيمنة.. التاريخ يعيد نفسه في عدن وعلي ناصر يؤكد وياسين سعيد نعمان يعتبره نكرانا
وأضاف "بالنسبة لبقية الأخوة توزعوا على المحافظات فعبد ربه منصور هادي غادر إلى حجة، وأحمد عبد الله الحسني غادر إلى الحديدة، أما محمد علي أحمد فقد عاد إلى بيته وغلّق على نفسه وقطع الاتصالات كما أخبرنا عند عودتنا إلى صنعاء بعد حوالي 15 يوما".
يمضي مساعد بالقول "ليس المهم اشتراط خروجنا من صنعاء، بل هناك ما هو أهم منه وأخطر ودليل لا يقبل الشك على أن ما حدث توجه رسمي لقيادة الحزب، والمتمثل في اشتراطهم بأن الألوية التابعة لنا أي (الزمرة) لا يتم ضمها إلى القوات المسلحة، وتبقى تحت تصنيف الفئة (ب) كما كانت قبل الوحدة، وهو ما انعكس على منتسبيها الذين ظلوا محرومين من أي امتيازات أو استحقاق وظيفي، بل إن كل المحسوبين على الزمرة من عسكريين وأمنيين ومدنيين ظلوا محرومين من كل الامتيازات الوظيفية التي حصل عليها طرفا الوحدة".
وقال "ليس هذا فحسب بل إن أسر شهداء 86 المحسوبين على الزمرة أيضاً طالهم الحرمان من كل الاستحقاقات القانونية".
وتابع "إزاء هذه المعاملة المهينة وما خلفته في نفوسنا وواقعنا الوظيفي والسياسي والاجتماعي كان ردنا في 1994 في غاية الأهمية ووقوفنا إلى جانب الجيش في شمال الوطن، حيث كنا في الصفوف الأولى للمقاتلين، بل قادة للمعارك في المناطق الجنوبية والشرقية دفاعاً عن الوحدة، وكان أبناء الجنوب في الأغلب بما يمثل 90% من السكان مع الوحدة، لأنهم استفادوا منها مادياً ومعنوياً، قبل أن تهجم عليهم عصابات المتنفذين والناهبين".
وأكد أن هذين العاملين أدّيا بدورهما إلى هزيمة قيادة الاشتراكي وجيشها بسرعة كبيرة بالمقارنة مع الإمكانيات المادية المدعومة بها من دول الجوار وتضاريس الجنوب الجغرافية ومساحتها المترامية الأطراف.
وختم اللواء أحمد مساعد رسالته بالقول "في آخر شهادتي هذه أنصح الجنوبيين بشكل عام، بالاعتراف ببعضهم البعض على قاعدة التعايش والقبول بالتنوع، وتطبيق قيم التصالح والتسامح على أرض الواقع وليس في الشعارات والخطابات، وهذا يتطلب -حسب قوله- شجاعة أدبية وأخلاقية ووطنية توجب كبت العواطف المناطقية والعصبوية والانفتاح والتعايش مع الجميع، ودون هذا سنظل ننتقل من السيئ الذي نعترف به إلى الأسوأ لا سمح الله".