[ أنصار جماعة الحوثي في صنعاء (رويترز) ]
الأسبوع الماضي كانت القوات الإماراتية تنزع أجهزة الاتصالات العسكرية والآليات القتالية الخاصة بها من مقرها غربي مدينة عدن ضمن خطة للانسحاب من اليمن، في وقت كانت فيه السعودية تحاول أن تتوصل مع الحوثيين إلى تفاهمات لوقف الحرب على الحدود.
بعد ثلاثة أيام توصلت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات إلى اتفاق بموجبه يتقاسم الجانبان السلطة وتعود الحكومة لعدن، كما سترعى السعودية تشكيل حكومة وحدة مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه.
ويقضي الاتفاق أيضا بدمج التشكيلات العسكرية والأمنية في هياكل وزارتي الدفاع والداخلية.
ووفق مصادر سياسية مطّلعة تحدثت للجزيرة نت، فإن الحرب في اليمن تشهد متغيرات عدة، لكنها في النهاية قد تفضي إلى تغيير ملامح البلد الأفقر في الجزيرة العربية، إذ يبقى شبح التقسيم قائما.
تفاهمات سعودية حوثية
وبالتوازي مع الاتفاق الذي جرى حول الجنوب، تسعى السعودية إلى التوصل لاتفاق يوقف الحرب بين الجانبين على الحدود، وبحسب مصادر في الإدارة الحوثية فإن السعودية عرضت على الجماعة إيقاف الحرب على الحدود.
ويأتي ذلك بعد أيام من حديث مصدر للجزيرة نت عن اتصال بين خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي برئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط.
وقال مصدر حوثي -فضّل عدم الكشف عن هويته- إن الجماعة تريد أن تصل إلى تفاهمات كاملة مع الجانب السعودي، تضمن التوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار، ويكون على أساس الندية ورفع الحصار وإعادة ما دمرته الحرب.
وأشار إلى أن المفاوضات بين الجانبين لم تبدأ حتى اللحظة، إذ طرحت الجماعة قائمة من الضمانات لإنجاح المفاوضات، من بينها وقف الضربات الجوية بشكل فوري وفتح المطارات والموانئ، لكن السعوديين لم يردوا.
وأوضح أن من بين تلك الضمانات هو ألا تتدخل السعودية في مشاكل اليمنيين، "لكن ما حدث هو العكس، إذ شن طيران العدوان غارات مكثفة وصلت إلى خمسين غارة على المناطق الحدودية".
ورفض المصدر توضيح مزيد من التفاصيل حول تلك التفاهمات، واكتفى بالقول "نتعامل مع معطيات على الواقع، ولن نتعاطى مع أي تفاهمات إلا في حال تحققها فعليا على الأرض، وحتى الآن لا نتائج واقعية ملموسة ولا توقف أو تهدئة تمت".
في السياق، رفض قيادي حوثي التعليق، واكتفى بالقول إنها خطوة جيدة.
وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ (حكومة الحوثيين غير معترف بها دوليا) هشام شرف قال إن حكومته ترحّب بأي مبادرة جدية لوقف الحرب، لكنها لن تكون على حساب الشعب اليمني الذي كان ضحية لعدوان غاشم.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن المبادرات لا بد أن يرافقها تحرك فعلي على الأرض، لكن استئناف الضربات الجوية على اليمنيين لا يبشر بأن الرياض تسعى إلى السلام.
أما وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة ضيف الله الشامي فاكتفى بالقول للجزيرة نت "حينما يحدث الاتفاق سيكون لنا حديث".
توتر على الحدود
وخلال اليومين الماضيين تصاعدت حدة المواجهات في منطقة الملاحيظ بمحافظة صعدة على الحدود اليمنية السعودية، حيث دارت معارك عنيفة بين الحوثيين من جهة، وقوات يمنية مدعومة من السعودية والجيش السعودي من جهة أخرى.
كما دارت معارك مماثلة في مديريتي حرض ومستبا بمحافظة حجة على الحدود، وشنت المقاتلات الحربية للتحالف السعودي الإماراتي عددا من الضربات الجوية المكثفة، سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين.
ووفق مصدر عسكري يمني في لواء العروبة، فإن الحوثيين أرادوا تحقيق نصر خاطف واستعادة المناطق التي فقدوها على الحدود من خلال استغلال وقف الضربات الجوية للتحالف. وأضاف "شنوا هجمات عدة لكنهم فشلوا".
ورغم أن التطورات العسكرية تمثل تهديدا للتهدئة بين الحوثيين والسعوديين، فإن مصادر تحدثت في وقت سابق للجزيرة نت أن طرفاً في جماعة الحوثيين لا يريد تحقيق تهدئة واتفاق وقف إطلاق نار بين الجانبين.
اتفاق بتقسيم اليمن
لكن مراقبين سياسيين يرون أن لجوء السعودية إلى توقيع اتفاق مع الحوثيين تأكيد على تقسيم اليمن، وفشل للحرب التي شنتها الرياض في اليمن منذ مارس/آذار 2015 التي كان أبرز أهدافها استعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويقول أستاذ الفلسفة في جامعة صنعاء معن دماج للجزيرة نت إن الاتصالات بين السعوديين والحوثيين قائمة منذ أول عام على الحرب، وسبق أن زار المتحدث باسم الحوثيين ورئيس وفدهم في مشاورات السلام محمد عبد السلام ظهران جنوب السعودية، وظل فيها أكثر من شهر.
وأشار المحلل السياسي اليمني إلى أن التسوية بين الطرفين قد تكون غير ممكنة، والتصور الأقرب تحقيقه سيكون في إحداث تهدئة على الحدود وتحويل الحرب بالكامل إلى حرب داخلية في اليمن، مما يفاقم من مخاطر تقسيم البلاد.
وقال إن تقسيم البلاد سيتم فرضه كأمر واقع من دون تقسيم رسمي، إذ إنه لا توجد أي قوى وطنية قد تقف أمام ما يحدث.