[ البيان المشترك للسعودية والإمارات.. رسائل تثير الشكوك ]
بعد أيام من بيان منفرد للملكة العربية السعودية بشأن موقفها من الأحداث الجارية في بعض المحافظات الجنوبية، عقب استيلاء ما يسمى بالمجلس الانتقالي الحنوبي المدعوم إماراتيا فيها على المعسكرات والمؤسسات الحكومية بقوة السلاح، وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو البيان الذي وصف بالجيد ورحبت الحكومة اليمنية بما ورد في مضامينه، أصدرت دولتا الإمارات والمملكة السعودية بيانا مشتركا جديدا، مختلفا في سياق لهجته وتوصيفه للأحداث عما سبق في البيان السعودي، وتضمن دعوة للانخراط في حوار جدة دون الإشارة إلى ضرورة انسحاب مليشيات المجلس الانتقالي من المعسكرات والمؤسسات الحكومية كما ورد في بيان الرياض المنفرد.
فما هي دلالات ومضامين البيان الجديد المشترك؟ وكيف يمكن قراءته وفقا لما ورد فيه؟
اتفاق
كان إصدار السعودية والإمارات لبيانات منفردة قد أثار الشك بوجود خلاف ما بين الدولتين أو سقوف محددة تجاه الانقلاب المسلح الذي قامت به مليشيات الانتقالي بدعم من أبو ظبي في العاصمة المؤقتة عدن، خصوصا وأن البون كان شاسعا بين البيانين، ففي حين وصف البيان الإماراتي القوات الحكومية التي اعترف بقصف طيرانه الحربي لها بالمجاميع الإرهابية، فقد أكد البيان السعودي على دعم الحكومة الشرعية وأن أمن ووحدة اليمن من أمن المملكة، وشدد على ضرورة الانسحاب من المعسكرات والمقرات الحكومية والبدء بحوار بين الجانبين في جدة.
اتضاح الواضح
غير أن البيان المشترك الجديد كان أكثر وضوحا إذ أزال ما كان يعتقد أنه موقف متقدم للمملكة ودعم أقوى للرئيس اليمني وحكومته، وما يقال عن وجود تباين في مواقف البلدين من الانقلاب المسلح في عدن وأبين غير صحيح، إذ كشف البيان عن موقف واحد للبلدين وزاد على التأكيد بالتذكير ببيان البلدين سابقا، في حين لم يشر لبيان الرياض المنفرد، ولم يشر مطلقا لما ورد في مضامينه من ضرورة الانسحاب وتسليم المؤسسات الرسمية التي جرى الاستيلاء عليها بقوة السلاح للحكومة الشرعية.
بيان يكذب بعضه
احتوى البيان ذاته على العديد من المغالطات وبدا كأنه يكذب بعضه بعضا، فقد ورد في البيان: "عملت الدولتان وبتنسيق وثيق مع مختلف الأطراف على متابعة الالتزام بالتهدئة ووقف إطلاق النار، والتهيئة لانطلاق الحوار بشكل بناء يساهم في إنهاء الخلاف ومعالجة آثار الأزمة".
بينما الحقائق على الاأرض تكذب ما ورد فأبو ظبي لم تكتف بدعم أدواتها ومدها بالمال والسلاح بل تعدت ذلك إلى قيامها بالتدخل المباشر عسكريا بقيامها بقصف قوات الجيش الوطني في عدن وأبين وهو ما اعترفت به في بيانها المنفرد وزادت فيه أن وصفت القوات الحكومية بالإرهابية، بينما تواصل حتى اللحظة مد أدواتها الانقلابية بالسلاح والمدرعات والصواريخ.
تناقض
وورد في نهاية البيان بأن "الدولتين تؤكدان على استمرار دعم الحكومة الشرعية في جهودها الرامية للمحافظة على مقومات الدولة اليمنية وهزيمة المشروع الإيراني ودحر المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية في اليمن"، وهو الأمر الذي أثار سخرية كبيرة في أوساط اليمنين إذ تساءل بعضهم عن أي مقومات للدولة اليمنية تتحدث أنها مستمرة في دعمها؟ فالرئاسة والحكومة والبرلمان منعت من العودة إلى أراضي اليمن للقيام بمهامها المنوطة بها، والحكومة قامت دولة الإمارات بدعم مليشيات المجلس الانتقالي لطردها والاستيلاء على آخر ما تبقى من مؤسسات لها في العاصمة المؤقتة للبلاد.
ويخشى وفقا للمؤشرات أن يكون البيان بدءا لمرحلة جديدة يجري فيها الإجهاز على آخر ما تبقى من مقومات للدولة اليمنية، وشرعنة للانقلاب الجديد، والشروع في مرحلة تقسيم البلاد، وقد كان لافتا أن البيان لم يتضمن كعادة البيانات السابقة بالتأكيد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
مرحلة جديدة
ويذهب بعض المتفائلين من خلال قراءة مضامين البيان المشترك الأخير للرياض وأبو ظبي بأن القادم سيكون جمعا لكل الجهود وتوحيد الصف المقاوم للمشروع الحوثي للبدء بمرحلة جديدة توجه فيها كل الطاقات والجهود لمحاربة الحوثيين واستعادة العاصمة اليمنية صنعاء، باعتبار الحوار سيفضي إلى أرضية صلبة تكون من خلالها العلاقة بين كل المكونات المقاومة للمشروع الحوثي والواقعة تحت مضلة التحالف العربي واضحة، فسيتم تأجيل الخلافات السياسية وشكل وبنية الدولة بما فيها مطالب المجلس الانتقالي بانفصال جنوب اليمن إلى مرحلة ما بعد القضاء على المشروع الحوثي واستعادة الدولة، وهو خيار متاح وممكن تحقيقه.
انقلاب
من جانبه رأى السياسي اليمني عبد الهادي العزعزي في البيان المشترك لأبو ظبي والرياض انقلابا في موقف الرياض في بيانها السابق.
وأكد العزعزي في تصريح متلفز تابعه محرر "الموقع بوست" أن البيان يوضح أن هناك ضغوطا من قبل الإمارات والسعودية للدخول في حوار جدة دون تنفيذ مليشيات الانتقالي أي انسحاب كما تشترط الحكومة اليمنية وأكدته الرياض في بيانها المنفرد ولم يتضمنه البيان المشترك.
ووفقا للبيان -حسب العزعزي- فهناك ثلاثة أطراف على الارض هي الحكومة الشرعية والحوثيين والمجلس الانتقالي.
وعن خيارات الحكومة اليمنية قال العزعزي إنه لا مخرج أمامها للحفاظ على هيبتها وما تبقى من السلطة الشرعية لها إلا بالبقاء من موقفها السابق برفض الحوار إلا بعد الانسحاب، والحوار مع الإمارات.
إعادة هيكلة
السياسي اليمني الموالي للمجلس الانتقالي حسين لقور علق من جانبه على البيان المشترك في تغريدة له عبر تويتر بالقول: "قلنا إنه لا طريق أمام الحكومة اليمنية في المنفى إلا الجلوس على طاولة حوار ونقاش مع المجلس الانتقالي وبحث كيفية إعادة هيكلة الشرعية ومواجهة الحوثيين".