[ بفيلم استقصائي.. الجزيرة تروي معاناة الطفلة بثينة اليمنية من القصف إلى الخطف ]
أطلق التحالف بقيادة السعودية عمليته العسكرية "عاصفة الحزم" في اليمن بهدف معلن هو إنهاء الانقلاب الذي قامت به جماعة الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ومع تقدم عمليات قصف التحالف بدأت المنظمات الحقوقية تتحدث عن الأخطاء التي يرتكبها طيرانه الحربي باعتبارها عاملا رئيسيا في سقوط المدنيين، مشيرة إلى تنفيذه أكثر من 90 غارة غير قانونية استهدفت المؤسسات المدنية من مستشفيات ومدارس ومساجد، وقتلت 6872 مدنيا كان عدد الأطفال بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل.
الفيلم الاستقصائي "عين بثينة" -الذي أنتجته الجزيرة وبثته مساء الأحد - سلط الضوء على معاناة أطفال اليمن بوصفهم الفئة الأكثر تضررا من "الغارات الخاطئة" التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي على أماكن المدنيين، وذلك انطلاقا من حالة الطفلة بثينة منصور الريمي التي كانت الناجية الوحيدة من قصف جوي استهدف منزل أسرتها في صنعاء يوم 26 أغسطس/آب 2017.
فإذا كان أطفال اليمن هم الضحايا الأكثر تعبيرا عن مأساة شعبه -التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم- فإن قصة بثينة صارت أيقونة قصص هذه الكارثة الإنسانية على المستوى الإقليمي والدولي، رغم ما قاله التحالف من أن قصفه لمنزل ذويها كان "ناتجا عن خطأ تقني وهو حادث عرضي غير مقصود"، وأعلن إحالة هذه الحادثة إلى "الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن" للتحقيق في ملابساتها.
غير أن قصة الطفلة بثينة الريمي لاقت تفاعلا عالميا على كل المستويات عبر هاشتاغ "عين الإنسانية"، وصارت حركة يديها وهي تحاول فتح عينيها أيقونة دولية؛ خاصة أنها كانت في الخامسة من عمرها، وخرجت من تحت الأنقاض بأعجوبة لتكتشف أنها فقدت جميع أفراد أسرتها في هذا القصف.
مهزلة الاختطاف
ولم يتوقف الأمر بالنسبة لبثينة عند حادثة قصف منزل أهلها؛ إذ سرعان ما بدأ الحديث عن "استدراج" أو "اختطاف" عمها علي الريمي وبصحبته عائلته وابنة أخيه بثينة إلى الأراضي السعودية، وتبين لاحقا أن هذا الاستدراج تم من خلال جمعية "مؤسسة سماء للتنمية الإنسانية" التي ترأسها الإعلامية اليمنية سماء أحمد بدعوى مناصرة قضية بثينة وترويجها للعالم.
وقد روى عمها علي للجزيرة تفاصيل عملية الاستدراج التي يصفها بـ"الاختطاف"؛ فقال إنها تمت تحت عنوان تنظيم "رحلة استجمام" لعائلته ولبثينة، انتهت بالوصول إلى عدن ومنها تم ترحيلهم جوا إلى العاصمة السعودية الرياض. وأضاف أنهم استقبلهم المسؤولون السعوديون الذين قدموا له "ظرفا" يحوي مبلغا من المال، لكنه رفض تسلمه منهم لأنه شعر بأنهم يريدون بذلك شراء سكوته على قضية بثينة التي يعتبرها "قضية وطن"، بينما كان الشارع اليمني يعتقد أنه لم "يُختطف" بل ذهب إلى الرياض للمساومة بشان تعويض مالي.
قرر الريمي -وهو في ضيافة السعوديين- أن يتوجه إلى الرأي العام العالمي لشرح عملية "اختطافه"؛ فنشر صوره هو وعائلته وبثينة على فيسبوك بمساعدة أحد اليمنيين في الرياض ومعها مناشدته العالم مساعدتهم في الخلاص من وضعية الاختطاف. وبعدها طُلب منه المسؤولون السعوديون الذهاب إلى جدة لملاقاة ولي العهد محمد بن سلمان، وحين رفض المساومة "أجبـِر" هو وعائلته على الإقامة في منزل بالرياض وأخضِعوا "للإقامة الجبرية".
وفي يوليو/تموز 2018 أدخلوه السجن وظل فيه أكثر من ستة أشهر لا يدري شيئا عن عائلته، ثم أطلقوا سراحه وسفروهم برا إلى "منفذ الوديعة" بمحافظة حضرموت اليمنية ومنه نقلوهم إلى صنعاء منهين بذلك رحلة "الاختطاف". وسواء أكان علي الريمي ذهب برغبة منه أم باختطاف؛ فإن المؤكد هو أن الطفلة بثينة تعرضت لانتهاكات تتحمل مسؤوليتها قيادة التحالف وعلى رأسها محمد بن سلمان.
وفي الوقت الذي تتعدد فيه انتهاكات التحالف السعودي الإماراتي في حرب اليمن؛ يبقى السؤال قائما عن جهود المتابعة القانونية لمحاسبة المسؤولين عن قصة بثينة الريمي وغيرها من قصص اليمنيين المأساوية، خاصة أن من يُتهمون بالمسؤولية عنها دول وشخصيات ليس من السهل مقاضاتها في اعتقاد كثيرين.