[ جانب من الاجتماع الثلاثي (مواقع تواصل) ]
استضافت العاصمة الإيرانية طهران السبت اجتماعا ثلاثيا بحضور وفد من جماعة الحوثي اليمنية وسفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا المعتمدين لديها، فضلا عن ممثلي وزارة الخارجية، لبحث سبل حل الأزمة اليمنية.
وكان السفير البريطاني لدى طهران راب مك إير أول من كشف عن اللقاء، إذ ثمن دور الخارجية الإيرانية في استضافة الاجتماع وكتب في تغريدته على تويتر أنه "مهم للغاية أن نتباحث حول العملية السياسية والأزمة الإنسانية في اليمن".
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية في بيان لها أنها استضافت اجتماعا في إطار المباحثات لحل الأزمة اليمنية سياسيا بحضور وفد إيراني برئاسة علي أصغر خاجي مساعد الوزير للشؤون السياسية، ووفد جماعة أنصار الله (الحوثيين) اليمنية برئاسة المتحدث باسمها محمد عبد السلام، وسفراء ورؤساء البعثات الأوروبية الأربع: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
ووفق بيان طهران، فإن الوفود التي حضرت الاجتماع عرضت رؤية حكومات بلادها حيال التطورات في اليمن، لا سيما الأوضاع السياسية والميدانية والإنسانية، وعبرت عن أسفها لاستمرار الأزمة التي خلفت عشرات آلاف الضحايا، فضلا عن تدمير البنى التحتية اليمنية.
وأكد الاجتماع ضرورة وقف طاحونة الحرب سريعا في اليمن، معتبرا أن الحل السياسي هو الخيار النهائي للأزمة، ومشددا على الإسراع في إرسال المساعدات الإنسانية وتطبيق اتفاق ستوكهولم بشكل كامل وتنفيد تعهدات الجانبين، تمهيدا للحل السياسي للأزمة هناك.
دلالات الاجتماع
من جانبه، اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق سيد أمير موسوي أن الاجتماع الثلاثي "ذو أهمية عالية لوضع حد للأزمة في اليمن"، مشيرا إلى أن الحضور الأوروبي يدل على نجاح توجه حركة أنصار الله اليمنية على الصعيدين السياسي والعسكري.
وقال موسوي للجزيرة نت إن الجانب الأوروبي -ممثلا بسفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا- بدأ يتفهم حقيقة ما يدور في اليمن ويسعی لإنقاذ المملكة العربية السعودية من المستنقع الذي تورطت فيه، خاصة بعد تفكك التحالف السعودي الإماراتي، على حد قوله.
وعزا سبب ذلك إلى أداء جماعة الحوثي في الدفاع عن الشعب اليمني، والتطور العسكري اللافت الذي سجلته من خلال استهدافها مجموعة أهداف على الأراضي السعودية.
تدهور التجارة
وأوضح الدبلوماسي الإيراني السابق أن الجانب الأوروبي أضحى يشعر بالخطر جراء التطور العسكري لدى الحوثيين واحتمالية حدوث اضطرابات في باب المندب، مما قد يؤدي إلى تضرر التجارة العالمية لا سيما فيما يتعلق بتدفق البترول إلى الدول الغربية.
وأضاف موسوي "إذا استطاعت الإمارات تصدير نفطها من خارج مضيق هرمز، فلن يكون بإمكانها تصديره من خارج باب المندب"، مؤكدا أن أي استهداف لناقلات النفط في باب المندب سيفاقم الأوضاع، مما جعل الغرب يتحرك لتهدئة الأوضاع بطريقة تحفظ ماء وجه السعودية.
وتوقع أن يمهد اجتماع طهران الأرضية لاجتماعات أخرى لإنهاء الأزمة اليمنية قد تشمل السعودية في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أن يزور وفد سعودي العاصمة طهران مرة أخرى لوضع النقاط على الحروف بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد الرياض إلى إيران.
استغرقت أياما
وعن نتائج زيارة وفد جماعة الحوثي إلى طهران، قال موسوي إنها استغرقت عدة أيام التقى خلالها الوفد اليمني عددا من المسؤولين الإيرانيين ولم يعلن إلا عن عدد قليل من اللقاءات. كما توجت الزيارة بتعيين إبراهيم الديلمي سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية اليمنية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقال المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام في تغريدة على تويتر من طهران "إن قرارا جمهوريا من المجلس السياسي الأعلى صدر بتعيين إبراهيم الديلمي سفيرا فوق العادة ومفوضا لدى إيران"، مشيرا إلى أن تلك الخطوة تأتي "تعزيزا للعمل المؤسسي الرسمي في إطار المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ".
وختم موسوي بالقول إن الرياض توصلت إلى نتيجة أنه لا جدوى من استمرار الحرب على اليمن، ولم يعد بإمكانها حسمها لصالحها بفعل الصمود اليمني والتطور العسكري لدى الحوثيين، كاشفا عن ضغوط غربية تمارس على الرياض لإنهاء حربها على شعب أعزل والكف عن قتل المزيد من الأبرياء.
قناعة بالحل
من ناحيته، رأى الأمين العام لحزب "سبز" الإيراني حسين كنعاني مقدم أن اجتماع الوفد الحوثي بوفدي إيران والدبلوماسيين الأوروبيين في طهران، مؤشر على فشل ما أسماه "الحصار الغربي العربي العبري على اليمن".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال كنعاني إن بلاده تسعى لإيصال صوت الشعب اليمني إلى الجانب الأوروبي انطلاقا من قناعتها بأنه لا حل سوى الخيار السياسي للأزمة اليمنية، معربا عن أسفه لما كانت تعتقده السعودية في بداية حربها على اليمن بجدوى القبضة الحديدية.
وقال السياسي الإيراني إن ما تعرف بعاصفة الحزم اصطدمت بصمود الشعب اليمني والتطور العسكري لدى الحوثيين، معتبرا أن اليد الطولى في الصراع الدائر بين التحالف السعودي الإماراتي المدعوم بمرتزقة أوتي بهم من بعض الدول العربية وبين اليمن باتت من نصيب الحوثيين.
واعتبر أن اجتماع طهران عقد بعد تلقي الأخيرة رسائل من السعودية والإمارات وباقي الأطراف المتورطة في الحرب على اليمن حول ضرورة إنهاء الأزمة هناك، كما عقد مقاربة بين الحرب على اليمن مع الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 وكيفية توسل المعتدي بأطراف أخرى لإنقاذه من المستنقع، على حد قوله.
ويقول مراقبون في إيران إنه في ظل الشرخ الذي طرأ على علاقات قطبي تحالف "عاصفة الحزم" السعودية والإمارات، فإن طهران ستبذل مزيدا من الجهود لتحقيق مبادرتها التي سبق أن أطلقتها بغية وقف إطلاق النار عن طريق حوار يمني خالص.