[ قوات الحزام الأمني ارتكبت انتهاكات واسعة بحق مواطنين شماليين (مواقع التواصل) ]
مداهمات للمحالّ التجارية التي يملكها مواطنون شماليون، وملاحقات لمئات الباعة المتجولين والعمال العاديين في الشوارع بعد إحراق بسطاتهم التي كانت وسيلتهم لكسب الرزق، وجمعهم من كل مكان على متن شاحنات كبيرة تحت تهديدات السلاح المصحوبة بإهانات.
تلك كانت الحال التي بدت عليها الصورة خلال الأيام الماضية في مدينة عدن جنوب اليمن.
فقد شهدت المدينة عمليات انتهاكات واسعة ارتكبها أفراد الحزام الأمني الذي تدعمه الإمارات بحق مواطنين شماليين، في رد فعل على القصف الذي نفذه الحوثيون على أحد المعسكرات التابعة للحزام الأمني والذي قتل على إثره العشرات من الجنود والقيادات.
التهجير قسرا
"ضاقت بنا عدن، المدينة التي كبرنا في أزقتها أصبحنا نشعر بعدم الأمان فيها"، هكذا لخص لنا الحال "فيصل س" وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في عدن منذ قرابة 32 عاما وهو أحد أبناء مدينة تعز.
ويقول "تعرضت خلال اليومين الماضيين لاستفزازات لا تحتمل، فقد جاء مسلحون يرتدون زي الحزام الأمني العسكري ويطلبون هويتي الشخصية وسألوني من أين أنت، قلت لهم إني من تعز، وقاموا بتهديدي على الفور بسحبي إذا لم أغلق البقالة وأغادر عدن مباشرة".
وفيصل واحد من بين عشرات الأشخاص الذين تعرضوا لأعمال عنف ومضايقات وتهجير قسري وثقت الجزيرة نت قصصهم وتحدثت مع عينة منهم، ومن بينهم هشام الصبري الذي أفاد بأنه وصل مدينة تعز بعد أن أجبره مسلحون على صعود إحدى الشاحنات وهم يطالبونه بالرحيل من أرض الجنوب، ولم يسمحوا له حتى بأخذ أمتعته الشخصية التي كانت في أحد المطاعم الشعبية التي يعمل بها.
ويروي المحامي عمر الحميري ما تعرض له في إحدى النقاط العسكرية بأحد مداخل مدينة عدن، إذ استوقفه جنود يتبعون الحزام الأمني وطلبوا منه مغادرة سيارته والصعود على متن شاحنة تقل أكثر من 150 شخصا وبعضهم كان يتم سحبهم بالقوة من سياراتهم ومنهم من يتعرضون للضرب أثناء اقتيادهم إلى الشاحنات.
وتفاوتت الممارسات بحق المواطنين -التي لا تزال متواصلة حتى اليوم- ونفذت القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات حملات مداهمة لسوق المنصورة في المدينة وقامت بمطاردة العمال وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وتكرر الأمر ذاته أيضا في سوق الشيخ عثمان الذي جرى فيه الاعتداء على ممتلكات العمال.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن الإهانات والتهديدات التي وجهها الجنود للعمال بلغت مبلغا جعلهم يشعرون بالخوف والتفكير بمغادرة عدن بشكل نهائي، كما أكد بعض المواطنين الذين تحدثت معهم الجزيرة نت.
ردود أفعال
وأشعلت هذه الممارسات ردود أفعال الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا مع انتشار مقاطع فيديوهات لترحيل المواطنين وتعرضهم للضرب والشتائم بطريقة مهينة، كما قالوا.
ولم يتردد نائب رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في التحريض علنا ضد المواطنين من أبناء الشمال، وزعم في تغريدة له على تويتر أن بعض المطاعم التابعة لهم احتفلت بتوزيع المشروبات بمقتل جنود الحزام الأمني، وطالب المواطنين في الشمال بعدم اللجوء إلى الجنوب هذه الفترة لأن الشعب ثائر، على حد قوله.
بالمقابل، حمل مستشار وزير الإعلام في الحكومة الشرعية مختار الرحبي دولة الإمارات مسؤولية كل الجرائم والممارسات التي يتعرض لها أبناء الشمال في عدن، لأن أبو ظبي هي من شكلت ودعمت تلك المليشيات والعصابات في المدينة.
وقال الرحبي إنه حتى الآن لا يوجد موقف واضح من قبل السعودية والتحالف على ما يحدث من جرائم وانتهاكات وتهجير، وأضاف "هناك إشكالية يجب الاعتراف بها، وهي أن عدن ليست تابعة للشرعية، والتي تسيطر عليها هي مليشيا وعصابات تابعة للإمارات".
وفي أول رد فعل رسمي،أمر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي السلطات المحلية والأجهزةَ الأمنية في المحافظات الجنوبية بوقف أي ممارسات خارجة عن النظام والقانون، ووجهت وزارة الداخلية شرطة عدن بوقف الاعتداءات على أبناء المحافظات الشمالية والعاملين في العاصمة المؤقتة عدن.
وفي السياق، أصدر محافظ تعز نبيل شمسان قرارا بتشكيل لجنة لاستقبال وإيواء المهجّرين قسرا من المحافظات الجنوبية، والتواصل مع منظمات المجتمع المدني الحقوقية، لتوثيق عملية التهجير وفق المعايير الدولية لميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالتهجير القسري.