[ بلومبيرغ: الخصومة بين السعودية وإيران تفاقمت بعد بدء الحرب الأهلية في اليمن (رويترز) ]
حذرت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء من أن التنافس المحتدم بين السعودية وإيران ينذر باندلاع صراع مباشر بينهما، في وقت تخوضان فيه صراعا ضد بعضهما عبر وكلائهما في المنطقة.
جاء ذلك في مقال نشرته الوكالة على موقعها الإلكتروني للكاتب بنجامين هارفي، الذي يعزو الصراع بين الخصمين اللدودين إلى "عداوات معقدة قوامها العنصرية والدين والتاريخ وحتى النفط بطبيعة الحال".
على أن الخصومة بين السعودية وإيران تفاقمت في الآونة الأخيرة عقب اشتعال الحرب الأهلية في اليمن عام 2015.
عربي أم مسلم؟
وعاد الكاتب بالذاكرة إلى أبريل/نيسان 2008، عندما طار وزير الخارجية الإيراني آنذاك منوشهر متقي إلى الرياض للقاء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، غير أن اللقاء لم يسر على الوجه المطلوب.
فبينما كان متقي يأمل في إرساء علاقات جيدة مع "خصم بلاده اللدود"، استمع إلى "محاضرة" من الملك السعودي حول تدخل طهران في الشأن الفلسطيني.
ونقل هارفي عن برقيات دبلوماسية أميركية سرَّبها موقع ويكيليكس، أن وزير الخارجية الإيراني رد على كلام الملك بالقول "لكن الفلسطينيين مسلمون"، فعاجله الملك السعودي بالنفي قائلا: "لا، إنهم عرب.. وأنتم كفرس لا يحق لكم التدخل بالشؤون العربية".
ولم يكتف الملك عبد الله بذلك القدر، بل أبلغ وفدا ضم عددا من المسؤولين الأميركيين بعد ذلك بقليل أن الإيرانيين "ليسوا جديرين بالثقة"، وناشد الأميركيين "قطع رأس الأفعى" عبر ضرب منشآت إيران النووية وفرض عقوبات اقتصادية عليها.
عداوات قديمة
ويقول هارفي في مقاله إن الرئيس الأميركي باراك أوباما حينذاك لم يفعل شيئا إزاء مناشدة العائلة الحاكمة له ضرب إيران، واضطرت السعودية للانتظار عشرة أعوام تقريبا حتى وصل إلى سدة السلطة في واشنطن "رئيس سهل الانقياد"، في إشارة إلى دونالد ترامب، لكن الملك عبد الله لم يعش حتى يرى التحول في السياسة الأميركية يتحقق.
ووفقا للكاتب، فإن مواقف ترامب عندما كان مرشحا للرئاسة اتسمت بالرفض المطلق لأي تدخل أميركي في شؤون الدول الأخرى، وفي ما سماها "حروب أميركا التي لا تنتهي".
غير أن ترامب الرئيس أدخل الولايات المتحدة في الصراع على صياغة الشرق الأوسط، فالصراع في المنطقة "من نسج عداوات قديمة تتمثل بالعِرق والدين والتاريخ، وحتى النفط بطبيعة الحال".
يا للدهشة!
ففي أحد جانبي الصراع تقف السعودية والإمارات و"يا للدهشة" إسرائيل، وعلى الجانب الآخر هناك إيران، وحليفاتها سوريا والعراق وحزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن.
فالسعوديون والإسرائيليون ينحون باللائمة في ما آلت إليه الأوضاع على طموحات إيران بالهيمنة على المنطقة، بينما تُحمّل إيران المسؤولية لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
ويمضي الكاتب إلى القول إن ترامب ما إن استقر على كرسي الرئاسة حتى بدأت إدارته تتودد إلى وريث العرش السعودي محمد بن سلمان، وباتت إيران -من ثم- الشغل الشاغل للسعودية إلى درجة جعلت محللين يتساءلون عما إذا كانت الرياض ستكسر أحد المحرمات الجوهرية في العالم الإسلامي، ألا وهو إقامة علاقات مع إسرائيل.
ويعتبر الكاتب أن التهديد الإيراني له انعكاس إيجابي على إسرائيل إذ يساعدها في التقارب مع دول الخليج العربية، وتجلى ذلك في تعاونهم معا في مسائل الأمن والاستخبارات من أجل التصدي لمحاولات إيران بسط نفوذها في المنطقة.