[ الأطفال والمدنيون أبرز ضحايا الحرب التي تقودها السعودية على اليمن (رويترز) ]
دعت مجلة ناشونال إنترست الإدارة الأميركية لمحاسبة حلفائها السعوديين والإماراتيين على ما يرتكبونه من أفعال في اليمن، واصفة التحالف السعودي الإماراتي بأنه السبب الرئيسي في سقوط ضحايا مدنيين في تلك الدولة التي تمزقها الحرب.
جاء ذلك في مقال كتبه المحلل بمركز "ناشونال إنترست" ماثيو ريزنر، تعليقا على التحقيق الصحفي الذي بثته شبكة "سي أن أن" الإخبارية وكشفت فيه عن استخدام السعودية والإمارات الأسلحة الأميركية "كعملة لشراء ولاءات الجماعات المسلحة والقبائل" في اليمن.
وورد في التحقيق أن تلك الأسلحة باتت تباع في السوق السوداء وسقطت في أيدي جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وفي أيدي تنظيم القاعدة في اليمن.
وإذا صح ما ذكرته الشبكة الإخبارية الأميركية -كما يقول ريزنر- فتكون السعودية والإمارات قد انتهكتا الشروط المتفق عليها في عقود شراء الأسلحة المبرمة مع الولايات المتحدة التي تحظر نقل الأسلحة الأميركية إلى طرف ثالث داخل اليمن.
غضب الكونغرس
ويقول ريزنر في تقريره إن تحقيق "سي أن أن" أثار غضبا داخل الكونغرس، "الذي لم يعد الكثير من أعضائه يكترثون" لعلاقة بلادهم مع السعودية في أعقاب تورط الأخيرة في مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويضيف أنه من المتوقع أن يصادق مجلس النواب الأميركي قريبا على مشروع قانون يجيز الاحتكام إلى القرار الخاص بصلاحية إعلان الحرب، وذلك بنية وضع حد لمشاركة الولايات المتحدة في الحرب الأهلية باليمن.
وينصح الكاتب الولايات المتحدة بضرورة اعتبار إقدام السعوديين والإماراتيين على تقديم الأسلحة الأميركية لأعدائها بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير"، ويتعين من ثم وقف دعمها للتحالف العربي.
ويمضي تحليل ناشونال إنترست إلى القول بنبرة ساخرة إن التحالف الذي تقوده السعودية أطلق على العملية العسكرية التي يشنها في اليمن اسم "عاصفة الحزم"، "وقد ثبت أنها أبعد ما تكون عن الحسم".
ويستطرد بأن التحالف السعودي ظل أحد الأسباب الرئيسية وراء الأعداد المتزايدة من الضحايا المدنيين في اليمن. فقد أظهرت دراسة أجراها مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها (ACLED) أن السعودية وحلفاءها مسؤولون عن وفاة 4614 مدنيا منذ عام 2016 (أكثر أربع مرات من الضحايا الذين سقطوا على يد الحوثيين وأنصارهم والبالغ عددهم 1027 قتيلا).
هزيمة ذاتية
ومن المفارقات -يضيف ماثيو ريزنر- أن تورط السعودية في النزاع اليمني قوّى على ما يبدو شوكة أعدائها هناك من حيث سعت إلى الوقوف في وجوههم.
ويشير الكاتب في تحليله إلى ما سبق أن ذكره دانييل بايمان من معهد بروكينغز من أن السعودية بدخولها في الحرب باليمن ساهمت في توطيد العلاقة بين الحوثيين وإيران، وهو ما ساعد طهران في ترسيخ أقدامها في شبه الجزيرة العربية.
وكلما طال أمد الصراع في اليمن وزاد انهمار القنابل الأميركية الصنع على رؤوس المدنيين، بات من السهل على جماعات مثل الحوثيين وتنظيم القاعدة تجنيد أجيال جديدة من المقاتلين في صفوفها.
لقد أضحت العملية العسكرية السعودية جراء ذلك "تحمل في طياتها بذور فشلها"، برأي ريزنر.
محاذير
ويقول الكاتب إنه حتى لو تعذر التوصل إلى وقف كامل للعمليات القتالية في الوقت الراهن، فإن التزاما حقيقيا بين تلك الأطراف الخارجية لتقليص تدخلها العسكري في اليمن وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، والاتفاق من حيث المبدأ على القبول بتقاسم السلطة بين الجانبين المتحاربين داخليا، كل ذلك من شأنه أن يفضي إلى تحسين ظروف الحياة اليومية للملايين في اليمن بشكل ملحوظ.
ويختم ريزنر تحليله بالقول إن على أميركا العمل على الحد من وتيرة العنف في اليمن وتشجيع التوصل إلى حل سلمي للصراع حتى لو كان ذلك يستدعي منها الوقوف في وجه حلفائها (السعودية والإمارات).