[ عبد ربه منصور هادي خلال ترؤسه اجتماعا للحكومة في ديسمبر/كانون الأول 2015 في عدن (رويترز) ]
انتخب اليمنيون عبد ربه منصور هادي رئيسا مؤقتا لمدة عامين في 21 فبراير/شباط 2011 عقب ثورة شعبية أطاحت بسلفه علي عبد الله صالح، لكن الرجل الذي شهد اليمن في عهده أسوأ كارثة إنسانية في العالم يمضي في سدة الحكم للعام الثامن دون مساس بمنصبه.
ومثلما وقف القدر إلى جانبه حين اختاره اليمنيون رئيسا توافقيا في انتخابات غير تنافسية أقرب إلى استفتاء يحظى هادي حاليا بشرعية دستورية أجبرت كل القوى اليمنية والدولية على التمسك به رئيسا للبلد الأفقر بالجزيرة العربية للعام الثامن.
وكان هادي -الذي ينحدر من بلدة الوضيع في محافظة أبين جنوبي اليمن- موضع إجماع لليمنيين والمجتمع الدولي في توليه قيادة البلاد والخروج من الأزمة السياسية عام 2011، على أن يظل رئيسا مؤقتا لمدة عامين.
وعلى إثر ذلك حظي الرجل الذي شغل منصب نائب الرئيس في الفترة من (1997-2011) بدعم محلي وإقليمي كبير، غير أن الأمور انحدرت إلى الأسوأ، وبدأ الصراع يتفجر في البلاد.
في فبراير/شباط 2015 كان هادي محاصرا في منزله بصنعاء من قبل الحوثيين ليقدم استقالته، لكن الأوضاع المضطربة حالت دون انعقاد مجلس النواب للبت في الاستقالة، لكنه ما لبث أن ظهر في عدن بعد فراره بصورة غامضة.
وهناك عدل عن الاستقالة ليقصف الحوثيون القصر الجمهوري بالطيران الحربي، ليبدأ هادي من جديد رحلة هروب إلى سلطنة عمان، ومنها إلى السعودية التي يقيم فيها حتى اليوم.
وبالتزامن مع هروبه تدخل التحالف السعودي الإماراتي في اليمن لتذهب البلاد إلى جولة جديدة من العنف أسفرت عن أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب الأمم المتحدة.
جدل يتجدد
غير أن تاريخ 21 فبراير/شباط -وهو التاريخ الذي أعطى اليمنيون فيه ثقتهم لهادي عام 2012- تحول إلى ذكرى "للنكسة"، ويرى عدد منهم أن انتخاب هادي كان خطأ فادحا.
وكتبت الناشطة اليمنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في تدوينة على موقع فيسبوك أن الرئيس هادي انتهت مدة صلاحيته الدستورية، وأصبح بقاؤه يمثل خطرا بالغا على اليمن، ودعت اليمنيين لاختيار بديل له على وجه السرعة.
أما القيادي السابق في جماعة الحوثيين علي البخيتي فأعاد التذكير بأنه كان يشعر بنكبة انتخاب هادي رئيسا لليمن.
ويتفق معه الصحفي سمير النمري، حيث يصف لحظة انتخاب هادي بأنها اللحظة التي يشعر فيها بندم شديد بعد أن كان ينتظرها كلحظة تاريخية.
ولم يذهب الناشط نبيل الأسيدي بعيدا، وقال إن "قناعته في هادي كانت بأنه بضاعة فاسدة، وإن القوى السياسية انتخبته لكونه ضعيف شخصية، ومشكلة أن يجتمع الضعف والغباء في وقت واحد".
لكن آخرين يرون أن هادي يمتلك عوامل القوة في استعادة اليمن والقضاء على جماعة الحوثيين، وأن في عهده سيصبح اليمن في حال أفضل بعد أن ينهي حل جميع المشكلات.
ظروف التمديد
ويعكس هادي حالة اليمن المضطرب، ففي الوقت الذي يقضي أيامه عاجزا ومنفيا للعام الرابع في فندق بالعاصمة السعودية الرياض فإنه يبقى اليد التي يضع اليمنيون أيديهم عليها في الحرب ضد الحوثيين.
ووفق مصدر في الحكومة اليمنية، فإن الرئيس هادي يرى أن الظروف متاحة له أكثر من أي وقت للبقاء في السلطة مدعوما بتأييد سعودي وإماراتي، فهو يملك السلطة الشرعية.
وأضاف للجزيرة نت أن ضعف هادي جعل الدولتين تفرضان سطوتهما في اليمن دون معارضة، ولذلك فإن الرياض وأبو ظبي لن تتخليا عنه، وهما من تتحكمان بالوضع في اليمن.
ورجح المصدر -فضل عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث للإعلام- تعطيل هادي انعقاد مجلس النواب أكثر من مرة حتى لا تكون بيد المجلس سلطة شرعية قد تهدد وجوده.
ويضيف "القوى السياسية اليمنية ضعيفة، وتنظر إلى هادي بأنه شر لا بد منه، ولذلك فإن قضية بقاء الرئيس من عدمه على كرسي الرئاسة لا يتم النقاش فيها أو تداولها بين الأحزاب والقوى السياسية".
ويرى الصحفي والباحث السياسي كمال حيدرة أن سلطة هادي تدور خارج النقاش الفعلي حتى لا تتفاقم حالة الفوضى.
ويضيف "كان مقدرا أن تنتهي فترة رئاسته بانتهاء المرحلة الانتقالية خلال عامين، لكن ظهر من يقول إن المرحلة الانتقالية هي مهام وليست مدة زمنية فقط، وبالتالي كان من الواجب التمديد له".
ويقول إن العجز في إنجاز المهام المقررة أدخل البلاد في فترة تجاذب سياسي حاد، وهذا ساعد هادي على البقاء كضامن وحيد لتمرير الاتفاقات، ومع انقلاب الحوثيين أصبح هادي رمزا للشرعية التي يتم مواجهة الحوثيين تحت لوائها.
وأضاف حيدرة "كما أن تعزيز قوة الانفصاليين في الجنوب وانعدام التوافق السياسي جعلا التفكير بإزاحة هادي وإعادة تشكيل السلطة الشرعية غير وارد، نظرا للمخاطر التي تكتنف مثل هذا التوجه على الرغم من أن كثير من اليمنيين والقوى السياسية أصبحت ترى هادي عبئا وسببا رئيسيا في وصول الأزمة اليمنية إلى هذه المرحلة من السوء".