[ يحشد المجلس الانتقالي أنصاره لانتفاضة ضد الحكومة ]
مع اقتراب ذكرى ثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول، يواصل ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" في اليمن، التحشيد استعداداً لما يصفه بـ"الانتفاضة ضد الحكومة الشرعية"، جنباً إلى جنبٍ، مع تحركات جماهيرية وعسكرية، تسعى إلى فرض سيطرة القوات الموالية للمجلس على أكبر عددٍ من المناطق الجنوبية، في ظل الفراغ، الذي يتركه غياب الحكومة الشرعية وتواجدها خارج البلاد.
وأفادت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد"، بأن "الانتقالي كثّف خلال الأيام القليلة الماضية أنشطته على صعيد الاجتماعات واللقاءات التي يقول إنها تُحضّر لتنفيذ مضامين بيانه الذي صدر مطلع الشهر الحالي، بالسيطرة على المؤسسات الحكومية ولدعم ما يصفه بالانتفاضة، والتي يتخذ منها غطاءً لتصعيده ضد الحكومة الشرعية، ويستعد لإسقاطها بمبررات لا تختلف كثيراً عن الشعارات التي رفعها مسلحو جماعة الحوثيين، قبل اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014".
ووفقاً للمصادر، فقد "شهدت عدن تحركات عسكرية مترافقة للقوات والمليشيات الموالية للانفصاليين وللإمارات خلال الأيام الأخيرة، شملت استحداث مواقع عسكرية في المدينة ونشر آليات، فسيطرت ما يُعرف بقوات الحزام الأمني في معسكر الدفاع الجوي، في منطقة بير فضل، بمديرية المنصورة، بالإضافة إلى معلومات عن استحداث الانتقالي معسكراً في منطقة كريتر، القريبة من القصر الرئاسي (مقر الحكومة في عدن)، ودفعه بآليات ثقيلة باتجاه مناطق وسط عدن، بما فيها دبابات.
كما شملت التحركات محافظات أخرى، أبرزها شبوة، التي سيطرت فيها قوات النخبة الشبوانية التابعة للإمارات، أخيراً، على ميناء النشيمة لتصدير النفط، في إطار ما بدا استراتيجية، تشمل فرض السيطرة العسكرية على أكبر عددٍ من المناطق، قبل أي خطوات تصعيدية جديدة، يلوّح بها قادة المجلس الانتقالي، بلغة لا تخلو من التهديد والوعيد، لكل القوى العسكرية والأمنية، التي ترفض التجاوب بإعلان الولاء لهم، تحت مسمى دعم الانتفاضة الشعبية".
وفي وقتٍ بدا رد الفعل الحكومي مشلولاً، أصدرت قيادة المنطقة العسكرية الرابعة الموالية للشرعية، والتي تشمل عدن والمدن المحيطة بها (محافظات لحج والضالع وأبين وتعز)، بياناً يوم الأحد الماضي، أكدت فيه أنها "تراقب المشهد ومستجداته أولاً بأول وتدرس الموقف تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي"، مشيرة إلى أنها "ستتصدى لكل ما يمس قدسية مكتسبات وأهداف النصر"، الذي قالت إنه "تحقق بنهر من دماء الشهداء والجرحى"، بدعم من دول التحالف ممثلة بالسعودية والإمارات.
ومع تطرق قيادة الجيش في عدن إلى تجارب الصراع السابقة، أشارت في الوقت ذاته، إلى "وجود نُذر تصعيد عسكري ستكون نتائجه أقرب إلى خدمة العدو الأول الانقلابين الحوثيين".
وقالت إنه "بقدر تحذيرنا ومنذ وقت مبكر من خطورة الأزمة الاقتصادية وخطورة الإبقاء على أسباب تفاقمها إلى حدّ صادم، نحذر ومن موقع مسؤولياتنا من جرّ هذه الأزمة الكارثية إلى ما هو أشدّ فداحة، إلا وهو الاقتتال الداخلي الذي لن يخدم أحدا أو يصب في مصلحة القضية الجنوبية واستحقاقاتها، بل سيحوّلها إلى قضايا صغيرة".
وأكدت أنها "لن تنساق خارج ولائها للرئيس هادي، وأن أنصارها ملتزمون بالتصدي لمن تذهب به أجنداته إلى استغلال الوضع بدفع المواقف نحو مغبة خيارات إشعال الفتنة وإعادة عدن إلى مربع الدخان والدم".
ويأتي الموقف، في ظل التحركات المستمرة من قبل "الانتقالي"، الذي يطلق قادته تصريحات ودعوات متفرقة محملة بعبارات الترغيب والترهيب، تستهدف بصورة أساسية القيادات العسكرية والأمنية ومسؤولي السلطة المحلية في المحافظات الجنوبية لليمن، لدعوتهم إلى ما شأنهم التوجه بالولاء إلى "المجلس"، وبالتالي إكمال الانقلاب على الحكومة الشرعية في المناطق الجنوبية.
وعلى الرغم من عدم تحديد المجلس موعداً لـ"الانتفاضة"، التي تشير إليها مختلف بياناته، بوصفها الخطوة القادمة لإسقاط الشرعية، تأتي التطورات قبل أيام من الاحتفال بالذكرى الـ55 لثورة أكتوبر 1963، التي تمثل المناسبة التاريخية الأهم جنوباً، ومن المتوقع أن يحييها "الانتقالي" بفعالية رسمية في عدن، على غرار ما شهدته المدينة ذاتها، العام الماضي، وأعلن خلالها عن تأسيس ما سُمي "الجمعية الوطنية الجنوبية"، التي يصفها بأنها "البرلمان الجنوبي".
وفي ظل تمسك الحكومة الشرعية بمواقفها الرافضة للتصعيد، وتشديدها على "على رفض السلوكيات التي من شأنها تقسيم وتجزئة اليمن والانقلاب على الجمهورية"، وفقاً لأحدث تصريحات رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، بدت الشرعية عملياً، معطلة من أي تحركٍ فاعلٍ مانع للانفجار الذي يرتب له حلفاء الإمارات في عدن.
وتبدو الشرعية، أضعف، مع استمرار تواجد هادي وبن دغر، خارج البلاد، في وقتٍ يتحرك الانفصاليون لفرض سيطرة "أمر واقع"، على غرار السلطة الانقلابية للحوثيين في صنعاء.