[ قوات من الجيش الوطني في الحديدة ]
"الله ينتقم منهم كلهم"، بهذه العبارات اختتم المواطن اليمني محمد بعكر، الذي ينتمي لبلدة "حيس" بمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، حديثه للجزيرة نت عن معاناة السكان في المناطق التي سيطرت عليها قوات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، وفشلها في تأمينها من قذائف الحوثيين.
في 23 يوليو/تموز الماضي، سقطت قذيفة أطلقتها مليشيات الحوثيين على منزل "بعكر"، في مديرية حيس، أصابت طفلته وعمرها عامان ونصف العام، لتسقط أيضا بعد يومين قذيفة أخرى، على المنزل ذاته، لتقتل اثنين من أبناء عمه وتصيب سبعة آخرين من أسرته، وتدمر منزله بشكل كبير.
يقول بعكر للجزيرة نت إنه كان يحلم مع أبناء بلدته أن يأتي التحالف لإنهاء معاناتهم من الحوثيين، لكن "للأسف اكتشفنا أننا صرنا الآن أسوأ مما سبق، كان لدي منزل وأسرة، الآن أنا بلا منزل، وأسرتي قتل اثنان من أفرادها"، حسب قوله.
ويضيف "الآن أصبحت لدي ثلاث أسر أعيلها بعد استشهاد أبناء عمي، والسبب الطرفان".
وكانت قوات التحالف أعلنت منذ أكثر من نصف عام بدء معركة سموها "تحرير الحديدة"، لكنها لم تتمكن من السيطرة سوى على جزء من المناطق الجنوبية للمدينة، كما لم تستطع تأمينها، حيث تتساقط قذائف الحوثيين بشكل يومي، ويذهب ضحيتها مدنيون.
فشل تأمين
وتقول إحصائيات حقوقية، حصلت عليها الجزيرة نت، إن مديريات الحديدة التي تمت السيطرة عليها جنوب المدينة، شهدت مقتل أكثر من مئتي مدني وإصابة المئات، وكان آخرها مقتل امرأة وإصابة 13 آخرين، بينهم ثمانية أطفال في الخامس من الشهر الحالي في مديرية الخوخة.
ويقول الناشط غالب القديمي للجزيرة نت إن سقوط قتلى مدنيين بشكل مستمر في المناطق المحررة، يرجع إلى ما أسماه "التحرير المنقوص"، من قبل التحالف السعودي الإماراتي.
ويضيف أنه "مع سقوط الضحايا المدنيين، هناك ما يقارب خمسمئة منزل تم تدميره بسبب القصف الحوثي المستمر حتى الآن، وإتلاف ثلاثة آلاف شجرة نخيل محصول عام كامل، في وقت عجز فيه التحالف عن حماية تلك المناطق المحررة".
ويرى الباحث السياسي مصطفى الجبزي أن العملية العسكرية في الحديدة كانت تهدف إلى انتشار القوات العسكرية بإسناد التحالف، خاصة القوات الإماراتية، كسهم ممتد على الشريط الساحلي في إطار عملية عسكرية خاطفة تبلغ الحديدة وتحقق هدفها ومن ثم يمكن تأمين المناطق التي خلفها التقدم العسكري.
وأوضح أن التراجع عن الخطة وتعثرها جعلها ذات كلفة باهظة للجنود والمدنيين، خاصة مع سقوط شبه يومي لقتلى من المدنيين.
القذائف لا تتوقف
ويرى كثير من اليمنيين أن توقف المعارك مع جزء من المناوشات المحدودة، واستمرار سيطرة الحوثيين على الميناء والمدينة يمنح مليشيات الحوثيين دورة حياة جديدة، ويعطيهم قوة لقصف المناطق المحررة، ومحاولة استعادتها.
ويشير الناشط الحقوقي غالب القديمي إلى أن مديرية حيس في الحديدة أكثر المناطق تضررا من قصف الحوثيين، مضيفا "أنا وكثير من سكان هذه المدينة نتوقع في أي لحظة أن تسقط قذيفة على رؤوسنا".
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن السكان يشعرون بالتذمر من قدوم التحالف إلى مدينتهم، وعجزه عن تأمينها، لافتا إلى أنهم لا يستطيعون الخروج بعد السادسة مساء بسبب تدهور الوضع وسماع أصوات الاشتباكات وسقوط القذائف اليومية.
وقال الشاب جمال علي -وهو أحد أبناء الحديدة النازحين في مأرب- إنه يحلم بالعودة مع أسرته إلى المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف، لكن الوضع الأمني غير المستقر فيها -حسب قوله- "يجعل ذلك المطلب صعبا، بسبب عدم وجود نماذج جيدة للأمن في معظم المناطق".
وأضاف أنه "في حيس يموت المدنيون بشكل شبه يومي؛ قوات الحوثي لا زالت على مشارف المدينة وتقصفها بالقذائف كل يوم، ويستطيع التحالف تحريك القوات لتحرير المدينة وتأمينها، لكنه لم يفعل ذلك منذ ستة أشهر.