[ الشاب اليمني أيمن الخليدي في إحدى غابات السويد التي عاش فيها ظروفا صعبة ]
"كنت أسمع أخبار الحرب في اليمن وأشعر بالإحباط، أدركت أنه ليس هنالك من أفق واضح أبني عليه مستقبلي، تواصلت مع أصدقاء سوريين وعراقيين واقترضت بعض الأموال، وقررنا المغامرة قبل عام ونصف والهروب عبر البحر إلى اليونان وتنقلت حتى وصلت السويد، وطالبت بحق اللجوء بعد أن أوقفت دراستي الجامعية في إسطنبول" بهذا بادرنا الشاب اليمني أيمن الخليدي (26 عاما).
لم تكن طريق أيمن إلى أوروبا سالكة أو مفروشة بالورود، وبحسب روايته للجزيرة نت فقد أُنقذت حياته من سرطان في الدماغ بعد أربعة أشهر من وصوله إلى السويد وتعرضه لمشاكل نفسية جسيمة في مخيم مخصص للاجئين في إحدى الغابات وسط الجليد والبرد وشعور بالوحدة القاسية.
قصص مؤلمة وثقتها الجزيرة نت تكشف جانبا من المعاناة المنسية لشباب يمنيين حاولوا الفرار من جحيم الحرب في بلادهم أو الخروج النهائي من السعودية بسبب الإجراءات الأخيرة أو حتى الموجودين في دول أخرى مثل تركيا والأردن ومصر وبعضهم وصلوا إلى أوروبا بصعوبة بالغة، ومنهم من فشلوا مرات عدة ولا يزالون يحاولون.
مغامرات ومعاناة
الثلاثيني أحمد محرم واحد من ثلاثة شباب يمنيين خاطروا بحياتهم بالهروب عبر البحر من تركيا وتم القبض عليهم في المياه اليونانية وإرجاعهم إلى مدينة إزمير التركية ليتم بعدها ترحيلهم في تمام فجر الـ15 من أبريل/نيسان الماضي مع شباب سوريين وعرب آخرين إلى سوريا.
يقول أحمد للجزيرة نت "أخذت السلطات الأمنية التركية هواتفنا وأوصلتنا إلى داخل الحدود السورية رغم محاولتنا إقناعها بأننا غير سوريين، صادفنا بعض قطاع الطرق هناك وتم إلقاء القبض علينا لاحقا من قبل الأمن السوري والتحقيق معنا، وحاولنا التواصل مع سفارة اليمن بأنقرة ولكن حتى الآن لم تجد لنا حلا، نحن لا نبحث سوى عن الأمان ولقمة العيش والمستقبل".
وسيم العامري شاب آخر كان لديه محل تجاري في السعودية التي غادرها قبل تسعة أشهر بسبب الإجراءات تحدث للجزيرة نت عن المغامرة التي خاضها مع شابين يمنيين و45 مهاجرا عربيا.
يقول "بعد منتصف الليل التقينا المهرب في إزمير التركية، دفع كل واحد منا خمسمئة دولار له، وركبنا جميعا قاربا مطاطيا لكنه تعطل في عرض البحر، بقينا أربع ساعات وكنا على وشك الموت، وأنقذتنا سفينة بعد وصولنا المياه اليونانية".
فكرة الهروب عبر البحر إلى أوروبا بركوب قارب مطاطي ترعب الشاب العشريني مراد محمد، ولهذا جرب التفكير بوسيلة أكثر أمانا حيث قدم قبل عام طلبات هجرة لسفارات دول أميركا الجنوبية في تركيا.
بعد شهرين حصل على الفيزا، وشعر بأنه اقترب من حلمه بمغادرة مطار أنقرة إلى وجهته المحددة على أن ينزل قبلها في محطة ترانزيت بدولة أوروبية حددها مسبقا.
حمل مراد حقائبه وودع أصدقاءه بعد أن اشترى تذكرة السفر ولكنه صدم في مطار أنقرة بمنعه من السفر من قبل شركة الطيران الأوروبية التي حجز عبرها بحجة أنه يجب عليه توفير تأشيرة "شنغن" لإكمال رحلته.
"رغم إنفاقي الكثير من الأموال وشراء تذاكر ما زلت أفكر بالهجرة إلى وطن بديل أستطيع فيه أن أكمل دراستي وأستقر بدلا كل هذا الشتات" بهذا ينهي مراد حديثه للجزيرة نت.
وزير المغتربين اليمنيين علوي بافقيه قال في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إنه ليست هناك إحصائيات دقيقة موثقة لديهم عن أعداد المهاجرين اليمنيين من الشباب مؤخرا أو حتى المغتربين في أوروبا.
لكن الأمين العام للمجلس الأعلى للجاليات اليمنية حول العالم مقبول الرفاعي أفاد للجزيرة نت بأن عدد الشباب اليمنيين اللاجئين مؤخرا في أوروبا بلغ قرابة ستة آلاف لاجئ موزعين على ألمانيا وهولندا والسويد والنمسا والنرويج وفرنسا وسويسرا واليونان ودول أخرى، علاوة على خمسين ألف يمني يقيمون في الدول ذاتها منذ سنوات سابقة، وأغلبهم في بريطانيا.
ويواجه الشباب اليمنيون مشاكل شديدة التعقيد داخل اليمن نتيجة التدهور الاقتصادي وارتفاع البطالة والفقر إلى 75% مما جعل 80% من سكان اليمن بحاجة إلى غذاء، بحسب تقرير حديث للبنك الدولي.
وتبدأ معاناة الشباب اليمنيين من داخل بلادهم حيث تواجههم مشكلات وتبعات انهيار الدولة الذي ترتب عليه غياب الكثير من الإدارات الخدمية كإصدار الجوازات والمحاكم الخاصة بالأحوال الشخصية، ومغادرة جميع سفارات العالم البلاد بسبب الحرب، وتوقف أغلب المطارات، وارتفاع تذاكر الطيران المتوفرة، وهو ما يجعل تفكير الشباب بالسفر مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وعلى مستوى معاناتهم في دول المهجر يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي للجزيرة نت إن السفارات والبعثات اليمنية لا تقوم بواجباتها تجاه الشباب اليمنيين الذين توجهوا إلى دول أوروبية لنيل اللجوء.
وهناك مئات الشباب الذين يواجهون حاليا تحديات الاندماج والتكيف مع مجتمعهم الجديد في أوروبا، وضعف التأهيل المهني لسوق العمل، بحسب الحميدي، إضافة إلى مشكلة تأخرهم في الحصول على الإقامة هناك ورفض طلبات لجوء بعضهم.