[ أتلانتك: الوجود الإماراتي في اليمن كان محل انتقادات وأثار ردود فعل سلبية- جيتي ]
نشر موقع مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية آدم بارون، يرى فيه أن دولة الإمارات العربية تؤدي دورا في الحملة التي تقودها السعودية ضد الحوثيين، وفي محاربة تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن بقاءها في اليمن كان محل انتقادات، وأثار ردود فعل سلبية من قوى يمنية.
ويقول بارون في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "ميناء المكلا يبدو في حر آب/ أغسطس لامعا مثل الجوهرة، حيث تقع بيوتها المدينة البيضاء ومساجدها التاريخية بين الجبال الوعرة والمياه الزرقاء البلورية للمحيط الهندي، وعلى جانب شوارع المدينة المحفرة، عدد كبير من أصحاب الأكشاك والصيادين الذين يرتدون العباءات الملونة وهم يعرضون سلعهم، فالهمهمة الهادئة للسوق تعطي فكرة ناقصة عن تاريخ المكلا الحاضر".
ويشير الباحث إلى أنه "قبل عامين كانت المدينة تحت سيطرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وعندما اجتاح التنظيم المكلا في نيسان/ أبريل عام 2015 كان اليمن يتفكك، فسيطر الحوثيون الزيديون على البلاد، ما أدى إلى قيام السعودية والإمارات بطردهم من العاصمة، وإعادة الحكومة الشرعية لعبد ربه منصور هادي، وعندما دخل تنظيم القاعدة المكلا وقفت القوات اليمنية جانبا أو هربت، وعندما استقر وضع التنظيم فإنه قام بوضع جذور له، حيث جمع الجمارك، وأنشأ محاكم شرعية، وقام بإعدامات عامة، بل إنه قدم عروضا لأفلام جهادية في مركز المدينة" .
ويلفت بارون إلى أنه "مع تقوية تنظيم القاعدة جذوره في المكلا، كانت هناك خطط لهزيمته، وقال مسؤولون عسكريون تحدثوا إلى الكاتب في آب/ أغسطس، إنه بعد طرد الحوثيين من مأرب وعدن نهاية عام 2015، فإنهم حرفوا انتباهم نحو المكلا، وجند الإماراتيون وحلفاؤهم 12 ألف مقاتل من أبناء القبائل في منطقة حضرموت، وجلبوا القائد العسكري فرج سالم البحسني من منفاه في الخارج؛ لتدريب القوات البرية التي استطاعت طرد تنظيم القاعدة من المكلا في أيام بدعم إماراتي".
ويقول الكاتب إن "حملة المكلا أثبتت أهمية الإمارات في مواجهة تنظيم القاعدة، وإعادة بناء وتحقيق الاستقرار في مناطق كهذه، ونظرا لعدم معرفة مدى الطموحات الإماراتية في اليمن، فإن هناك حالة قلق وسط بعض الدوائر حول الأثر طويل الأمد عن حضورهم في البلاد، ووصف مسؤولون إماراتيون في مقابلات معهم الحرب الجارية ضد الحوثيين وتنظيم القاعدة بأنها جبهتان في الحرب الواسعة التي تخوضها الإمارات ضد التهديدات الإقليمية".
ويجد بارون أنه "في الوقت الذي تطورت فيه الحرب ضد الحوثيين إلى حالة جمود، فإن المعركة ضد تنظيم القاعدة تحولت وعبر سلسلة من العمليات العسكرية السريعة من أقوى فروع تنظيم القاعدة إلى تنظيم هارب، وفي هذه العمليات يبدو الإماراتيون وشركاؤهم اليمنيون يركزون على أولوية تحقيق الاستقرار وليس العمل العسكري فقط".
وينوه الباحث إلى أنه "رغم أن الجهود التي قامت بها القوات اليمنية ضد تنظيم القاعدة نجحت، إلا أنها فشلت في محو الظروف التي سمحت للتنظيم بالدخول وبناء موطئ قدم في المقام الأول، ففي مناطق، مثل جعار وزنجبار، فإن غياب جهود الإعمار والتنمية والخدمات الحكومية غير المتوازية يعني بقاءها مهمشة".
وينقل الموقع عن الزميل في معهد تشاتام في لندن بيتر سالزبري، قوله: "بعدما غادر تنظيم القاعدة لم يتغير شيء"، في إشارة إلى قصور المحاولات الأخرى لمواجهة الإرهاب، وأضاف أن الوضع الأمني والحكم المحلي كان في بعض الحالات أسوأ.
ويفيد بارون بأن "الإماراتيين ركزوا في المكلا على إعادة الخدمات الرئيسية ومؤسسات الدولة، وإنعاش الاقتصاد المحلي، وهي جهود فاعلة في الوقت الحالي، وما ساعد في الجهود أن المكلا، وعلى خلاف الموصل والرقة، خرجت من الحرب ضد المتطرفين سالمة، ما ساعد على تحويلها من ملجأ للإرهاب إلى اقتصاد مستقر في سياق الوضع الذي يعيشه اليمن، ويشير الإماراتيون إلى الشراكة الواعدة مع رجال الأعمال المحليين، وهذا بسبب التحسينات في ميناء المكلا، الذي شهد حركة ملاحية ضعف ما كانت عليه قبل خروج تنظيم القاعدة منه، ويشيرون إلى المساعدات التي يقدمها الهلال الأحمر الإماراتي للمكلا والمناطق الأخرى، ورغم بطء إعادة تأهيل الاقتصاد، إلا أنه مستقر في المكلا، خاصة أسعار الأراضي التي ترتفع بحسب أشخاص في المدينة وتوقعات من زيادة الاستثمارات".
ويستدرك الكاتب بأن "الدور المتزايد للإمارات في اليمن كان عرضة للنقد، حيث زعم تقرير أعدته مجموعة من الخبراء الإقليميين والدوليين عن اليمن، وهي مجموعة خبراء فوضتها الأمم المتحدة، التي طلب منها التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، أن بعض المعتقلين في السجون التي تديرها الإمارات تعرضوا للتعذيب، وسجنوا دون توجيه اتهامات لهم، وقادت هذه الاتهامات إلى اعتصامات صغيرة واحتجاجات من عائلات المعتقلين، ولا يزال المسؤولون في حضرموت يعتقدون أن الدعم الإماراتي مهم".
ويورد الموقع نقلا عن فرج سالم البحسني، قوله: "لا نستطيع فصل نجاحنا عن التدريب الذي تلقيناه من الإمارات"، مشيرا إلى أن البحسني يعمل محافظا لحضرموت وقائدا للمنطقة العسكرية الثانية.
وينقل بارون عن الزميلة في الدراسات العربية والإسلامية في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، قولها إن حضورا مفتوحا للإمارات في اليمن سيكون مدعاة للنزاع، "أولا، ستفاقم التوتر داخل الائتلاف بين الإمارات وحكومة عبد ربه منصور هادي التي تدعمها السعودية، حيث اعتبر بعض أفرادها الوجود الإماراتي احتلالا.. ثانيا فإنه (الوجود الإماراتي) سيعطي مبررا لتنظيم القاعدة، الذي أثار الشكوك حول الوجود الإماراتي، وأنه من أجل السلطة والمصادر، وثالثا، فإنها قد تشعل نزاعا شماليا جنوبيا، خاصة المناطق الجنوبية، التي لا تزال معارضة للانفصاليين الذين يعتقدون أنهم يتلقون دعما من الإمارات".
ويعلق الباحث قائلا إن "تحليل كيندال يحظى بدعم الحقائق على الأرض، فمن الواضح أن الإمارات أقامت علاقة منتجة مع المسؤولين في حضرموت، إلا أن علاقاتهم مع رموز في الحكومة اليمنية تعرضت لتوترات، فانتقد الكثير من اليمنيين الإمارات؛ لدعمها مليشيات فشلت في دعم بل قوضت الحكومة المعترف بها دوليا، وفي بعض الحالات اتهموا الإمارات باحتلال البلد فعليا".
وينوه بارون إلى أن "التدخل الإماراتي أدى إلى آثار سلبية، حيث قوى الجماعات التي ضعفت وهمشت في الماضي مثل الانفصاليين، وخسر الذين تحالفوا مع حزب الإصلاح في النظام الجديد في المكلا، وينظر الكثير من اليمنيين في الشمال للإماراتيين بنوع من الشك؛ لأنهم تعاونوا مع الجماعات التي تدعم الانفصال في الجنوب ودربوها، وترفع في المكلا راية الجمهورية الشعبية الديمقراطية في الجنوب لا علم الوحدة اليمنية".
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم دعم الإماراتيين للوحدة، إلا أن أفعالهم لم تؤد إلى تهدئة المخاوف من أنهم يعبدون الطريق لتفكيك اليمن، وأدى انهيار الريال اليمني إلى تظاهرات في البلاد، بما فيها المكلا، حيث كسرت الهدوء السابق".
ويذكر بارون أن "تنظيم القاعدة وصف الإمارات بالقوة الحاقدة التي تريد احتلال اليمن، وصورها في دعايته باعتبارها آلة صغيرة في يد الولايات المتحدة، ولم يخف الإماراتيون بدورهم تعاونهم مع الأمريكيين، الذين توجد قواتهم على الأرض في المكلا، وصور سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، في مقالة كتبها، مقتل القيادي في تنظيم القاعدة إبراهيم العسيري بأنه نتاج للتعاون الأمني الأمريكي الإماراتي".
ويختم الباحث مقاله بالقول إن "استمرار الإماراتيين في اليمن يعني مجالا أكبر للخطأ، وهو أمر يعرفه المسؤولون الإماراتيون، لكنهم (سيظلون حتى تتم هزيمة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قوة دولية وإقليمية) بحسب مسؤول إماراتي".