ترزح محافظة عمران، كغيرها من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تحت فوضى عارمة وفرز طائفي مقيت وقتل خارج نطاق القانون، وموت بعض الأهالي جوعا وخوفا من تهديدات المشرفين، ناهيك عن المشهد اليومي المتكرر بعودة عشرات الجثث من جبهات القتال كل ذلك أصبح شبحا يخيم على سكان المحافظة.
 
 تعامل عنصري وفرز طائفي
 
في 9 سبتمبر الجاري، أقدم عنصر حوثي يدعى زمام غميظي، على قتل مواطن في باب منزله وظلت الجثة في مكانها حتى صباح اليوم الثاني وجاء البحث الجنائي التابع للحوثيين ليأخذ جثة المقتول صالح هادي غميظي ويودعها في الثلاجة، متغاضيا في ذات الوقت عن التحري عن القاتل المعروف الذي لا يبعد منزله من مسرح الجريمة سوى أمتار.
 
 في حين أن القاتل له سوابق قتل كان آخرها في 2017 بقتله للشيخ حزام غميظي، ولم تقم بأي إجراءات حيال الإمساك بالقاتل وسجنه والتحقيق معه كونه عنصر تابع لهم في تغاض فج من شأنه توسيع الفجوة الموجودة أصلا بين عناصره والمجتمع.
 
وفي ليلة أخرى من نفس الشهر وهي 11 سبتمبر، أقدمت مجموعة تابعة  لمليشيا الحوثي على مهاجمة عيادة طبية في سوق مفخذ بمديرية المدان والتي كان يتواجد فيها ممرضتان وألقت عددا من القنابل المتفجرة عليها مما سبب لإحداهن فقدان الوعي، كما قامت بإغلاق باب العيادة عليهن لمدة تجاوزت الــ 12 ساعة جرى ذلك كله بذريعة أن الممرضتين أصولهن من فئة مجتمعية غير القبائل وأنهن من (البياعة أو ما يسموهم بالمزاينة) وهن زوجتان لرجلين من نفس قبيلة المهاجمين التابعين للمليشيات، وقد قاموا بسجن الزوجين قبل المهاجمة بعد ذلك تدخلت وساطة مجتمعة لإخراجهن ولكن بتنفيذ شرط المليشيات بمغادرة الممرضتين محافظة عمران نهائيا ويعود أصولهن لمحافظة حجة المجاورة.
 
غياب الدولة يغذي الثأرات
 
لم يمر على جريمة قتل صالح هادي غميظي سوى أيام وفي ظل غياب الحوثيين المفتعل والغير مبرر وبعد أخذهم الجثة ومعرفتهم للقاتل وتغاضيهم عنه صحونا يوم الرابع عشر من سبتمبر الجاري، على خبر قيام مجموعة من أقارب صالح هادي بقتل المدعو زمام غميظي، مفكرين بأخذ حقهم بأيديهم وإن كان خارج نطاق القانون والقضاء متعللين في الوقت ذاته أن زمام له سوابق قتل حيث قام في 2017 بقتل الشيخ غميظي والغياب المتعمد من قبل مليشيا الحوثي.
 
 من جانب آخر أكدت مصادر قبيلة في مديرية عذر، أن اشتباكات ليلية عنيفة تجددت مساء الثلاثاء الماضي ،بمنطقة الكدنة بين قبيلتي الوروري و ذو مشهف بعد شهرين فقط من توقيع صلح قبلي بين القبيلتين يأتي هذا في ظل سياسة الحوثيين المتعمدة لاستمرار هذه النزاعات القبلية وغيابها التام عن القيام بدورها في إنهاء هذه الخلافات كونها سلطة الأمر الواقع.
 
قتلى بسبب خلافات حوثية
 
وفي الثالث عشر من الشهر الجاري ليلا وبحسب مصادر خاصة في مدينة عمران ذكرت أن مقاتلا حوثيا عائدا من جبهة القتال وأثناء مروره بنقطة حوثية في سوق الليل وسط مدينة عمران طلبه مشرف النقطة هويته فأجابه ممتعضا أنا من إسرائيل وبعد إصرار المشرف على إبراز هويته خرج من السيارة وباشر بإطلاق الرصاص على المشرف فقتله وفر هاربا وبعد لحاقه بدورية حوثية استطاع قتل اثنين من أفراد الدورية واختفى ولا تزال مليشيا الحوثي تبحث عنه.
 
أما مساء الاثنين الفائت السابع عشر من سبتمبر الجاري فقد جرت اشتباكات مسلحة بين قيادات حوثية في مديرية جبل يزيد إثر خلافات حادة على تولي منصب مشرف المديرية بين القديم والجديد نتج عنها قتلى وجرحى من مرافقي الطرفين بينما القيادات لم يصابوا بأذى.
 
جوع وتهديد يسبب الموت
 
في صباح الحادي عشر من سبتمبر الجاري أفاقت مدينة عمران على قصة انسانية مفزعة حيث وجدوا امرأة ميتة على قارعة الطريق، وبعد معرفتها من قبل جيرانها، تبين أنها فارقت الحياة جوعا وهي تقوم بعملية البحث عن ما يسد رمق أطفالها الأيتام الذين فارقهم والدهم قتيلا في إحدى جبهات الحوثي قبل أشهر في حين تناستهم المليشيات وتركتهم يواجهون مصيرهم المحتوم متناسية أن عائلهم قد قتل في معاركهم العبثية.
 
 أمّا في التاسع من ذات الشهر فقد فارق الحياة  المواطن محمد يحيى قاسم بنوبة قلبيه بعد شجار مع المشرف الحوثي في حارة النهضة بمدينة عمران المدعو ناصر المهدي بسبب تلاعبه بتوزيع الغاز في حين أن الضحية ظل ملتزما بطابوره لأكثر من 6 ساعات بغية حصوله على إسطوانة غاز منزلي ولكنه فارق الحياة بعد تهديد المشرف وارتفاع حالة الضغط عنده حيث يتجاوز عمره الــ60 عاما وقبل حصوله على مبتغاه الذي انتظره لساعات.
 
مقتل كابتن رياضي وعودة عشرات الجثث
 
في الثالث عشر من الشهر الجاري نعت وزارة الشباب والرياضة التابع لحكومة صنعاء (الانقلاب) الرياضي وكابتن فريق وحدة عمران الرياضي ذو 27 ربيعا الكابتن محمد علي مطهر الوادعي "الأشتر" الذي قتل في جبهة الساحل الغربي وهو يقاتل في صفوف الحوثيين ويعتبر الوادعي أحد نجوم كرة القدم في المحافظة هذا وقد شيع الرياضي تاركا وراءه لعنات الدنيا لمن كان سببا في ملشنة البلاد ونخبه المجتمعية. 
 
ولا يكاد يمر يوما واحدا في محافظة عمران من دون استقبالها لجثث قتلاها المشاركين في معارك الانقلابيين سواء كانوا فرادى أو جماعات حيث تم تشييع أكثر من عشرين جثة يوم الاثنين الماضي السابع عشر من سبتمبر الجاري.