[ طفلة مصابة بحمى الضنك في تعز ]
مع استمرار الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام على مدينة تعز تتفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية ونفق الموت الذي يلاحقها من وقت لآخر، حيث أصبحت حمى الضنك آلات موت جديدة، لحصد أرواح السكان في تعز التي تعاني الإهمال الرسمي في ظل عجز من قبل السلطات الصحية والمحلية في توفير الإمكانات الطبية وغياب شبه تام للمنظمات الصحية التي يمكن أن تقوم بالتدخل في تقديم الخدمات العلاجية العاجلة.
ويقول الأطباء في مستشفيات مدينة تعز: إن وباء حمى الضنك انتشر بشكل غير عادي في مدينة تعز، وإن قرابة إحدى عشرة حالة وفاة بوباء حمى الضنك حتى اليوم، فيما ارتفع عدد المصابين بالوباء إلى أكثر من ألف وخمسمئة حالة مصابة بوباء حمى الضنك.
أعداد الوفيات بوباء حمى الضنك غير ثابت وقابل للازدياد، بينما تطالب المؤسسات الطبية بدعمها في توفير العلاج، أو القضاء على العوامل المسببة لوباء حمى الضنك.
ويتزامن تزايد الحالات المرضية المصابة بوباء حمى الضنك مع انتشار مياه الصرف الصحي، ومياه الأمطار التي تراكمت مع النفايات في عدد من أحياء وشوارع مدينة تعز، خصوصا مع موسم الأمطار والذي قد يحمل كارثة صحية كبيرة.
وأفادت مصادر طبية، بوفاة إحدى عشرة حالة مصابة بوباء حمى الضنك بالإضافة إلى تسجيل أكثر من الف وخمسمئة إصابة بالوباء والتي وصلت إلى المستشفيات حتى اليوم وخلال أقل من نصف شهر، لافتاً إلى أن المرض انتشر بشكل واسع، و90 في المئة من تلك الحالات في الثلاث المديريات داخل مدينة تعز، وهي مديريات المظفر والقاهرة وصالة وكذلك أجزاء من مديرية التعزية .
وقالت المصادر لـ"الموقع بوست" إن سبب انتشار وباء حمى الضنك في مدينة تعز هو انتشار البعوض بسبب انتشار القاذورات المنتشرة في أرصفة الشوارع، وبسبب تجمع المياه الراكدة في جميع أنحاء المدينة، التي لا يوجد فيها تصريف لتلك المياه الراكدة، والتي أدت إلى انتشار البعوض وانتشار حمى الضنك .
وأضافت المصادر أن مستشفى الثورة العام بتعز يستقيل باليوم ما يزيد عن خمسة وعشرين حالة إلى ثلاثين حالة إلى أربعين حالة، ومنها حالات خطرة جداً تحتاج إلى نقل صفائح، بالإضافة إلى أنه لا توجد الإمكانات التي يحتاجها المريض، وتوفير المحاليل الوريدية والعلاجات.
وأشارت المصادر إلى أن مستشفى الثورة العام بتعز يعاني من عجز وصعوبة من فتح قسم الحميات داخل المستشفى، وذلك بسبب العراقيل التي يقوم بها رئيس هيئة مستشفى الثورة الدكتور أحمد أنعم، الذي قام بإقالة الدكتور أحمد الدميني، بعد أن كان قد افتتح القسم لمواجهة حمى الضنك في تعز.
وأوضحت أن القطاع الصحي بمدينة تعز، يعاني من شح الإمكانات نتيجة الوضع الراهن والحالة الاستثنائية نتيجة استمرار الحرب على مدينة تعز للعام الرابع على التوالي، خصوصاً مع التراجع الواضح لتدخلات المنظمات الدولية في محافظة تعز، مشيرة إلى أن الوضع الذي تعيشه مدينة تعز خطير ولا بد من الإسراع بالتدخل للحد من انتشار وباء حمى الضنك الذي ينتشر في مدينة تعز بشكل غير طبيعي بالإضافة إلى انتشار الوباء في عدد من المديريات التابعة للمحافظة.
ولفتت المصادر أنه في الوقت الذي يهمل فيه محافظ محافظة تعز الأوضاع الصحية في مدينة تعز ، هناك المئات من المرضى المصابين بمرض حمى الضنك يتكدسون في وضعيات مزرية أمام المستشفيات والعيادات الخصوصية، بسبب الانتشار الواسع لوباء حمى الضنك.
وطالبت المصادر الحكومة الشرعية والسلطة المحلية والمنظمات الدولية، بسرعة إنقاذ سكان مدينة تعز من انتشار وباء حمى الضنك القاتل ودعم مدينة تعز بالعلاجات الأساسية لعلاج المواطنين من وباء حمى الضنك بالإضافة إلى توفير الاحتياجات الأساسية للتوعية والوقاية ومستلزمات مكافحة الأوبئة الفتاكة، بحسب تعبيرها.
تراخي السلطة المحلية
وفي ظل الانتشار الكبير لوباء حمى الضنك في محافظة تعز، تصر السلطة المحلية والصحية على التعامل مع انتشار الوباء الفيروسي بتراخٍ شديد، إضافة إلى غياب دور المنظمات الدولية والمحلية، مما اضطر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى تدشين حملة إلكترونية، لإظهار معاناة المواطنين الذين يفتك بهم وباء الضنك منذ أشهر.
وقال عبدالباري المغبشي: حمى الضنك تجتاح تعز لتزيد من معاناة وأوجاع وآلام أبناء المدينة، لافتاً أن هناك ازديادا في أعداد المصابين والوفيات وسط حالة من الفقر، مشيرا إلى أن المستشفيات الحكومية عاجزة عن توفير العلاج.
وأضاف "المستشفيات الخاصة يموت المريض الفقير على أبوابها دون رحمة لعدم قدرته على توفير قيمة العلاج، والسلطة المحلية إادارة مكتب الصحة يفترض عليهم أن يعلنوا حالة طوارئ ويسخروا كل جهدهم لمكافحة هذا الوباء من خلال تكثيف الرش المتواصل لمكافحة البعوض ورفع القمامات وفتح أكثر من مركز وتوفير العلاج المجاني واستقبال المرضى وعلاجهم.
ومن جانبه ناشد صهيب أحمد عبدالرزاق، مدير عام الصحة بمحافظة تعز ووزير الصحة بالحكومة والسلطة المحلية بالمحافظة والحكومة الشرعية المنظمات المحلية والدولية وعلى رأسها منظمات الصحة العالمية ومنظمات الأمم المتحدة ومنظمة أطباء بلاحدود، بسرعة إنقاذ سكان مدينة تعز من حمى الضنك .
وأضاف أنه لا يوجد بيت في تعز إلا وفيها مرضى بحمى الضنك.. أقسام الباطنية في المستشفيات الحكومية شبه مغلقة.. الفحوصات والعلاجات فيها منعدمة تماماً، وفحوصات حمى الضنك بالمستشفيات الخاصة غالية علاجاتها مكلفة لطول مدة الحمى .
وطالب بعقد مؤتمر صحفي عاجل تبين فيه السلطة المحلية كارثة هذا الوباء، فعدد المرضى والوفيات بهذه الحمى قد تجاوز الخط الأحمر الذي يتم فيه إعلان حالة الطوارئ في المدينة لمواجهة هذه الحمى الخبيثة .
أجنده ليست خدمية
وعلى ما يبدو فإن محافظ تعز أمين محمود، لا يعنيه انتشار وباء حمى الضنك على الإطلاق، فالقضايا الصحية والإنسانية في مدينة تعز، لا تبدو في جدول أولوياته ولا أعماله مهما كانت كلفتها الإنسانية باهظة.
وبحسب مراقبين فإن أجندة محافظ محافظة تعز أمين محمود ليست خدمية على الإطلاق بل سياسية وعسكرية تهدف إلى تفجير صراعات مستمرة في المحافظة بين القوى السياسية والعسكرية بما يؤدي إلى تقطيع المدينة إلى مربعات أمنية .
ودعا ناشطون محافظ محافظة تعز إلى مراجعة مواقفه اتجاه معاناة المواطنين، وعليه الإدراك بأن اهتمامه بالذين يتدافعون حوله من أجل مصالحهم، وإهماله لمعاناة المواطنين وظروفهم سوف تسبب في تحطم ثقة المواطنين به.
وتعيش مدينة تعز غضباً شعبياً عارما إزاء التجاهل التام الذي تبديه السلطة المحلية والصحية بالمحافظة في مواجهة الأوبئة والأمراض المنتشرة كفيلة بأن تتحول إلى مظاهرات حاشدة قد تسقط المحافظ والسلطة المحلية والصحية التي تولي الإعلام جل اهتمامها وتتخلى عن واجباتها.