[ أرشيفية ]
موجة ثالثة من مرض الكوليرا بدأت تظهر في الحديدة وعدد من المحافظات اليمنية، من جرّاء تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية، كنتيجة طبيعية لتصاعد الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يؤكد أحد سكان مديرية الحالي في الحديدة عبده يحيى أن طفله البالغ من العمر سبع سنوات أصيب بالكوليرا، وظهرت عليه أعراض المرض، وأسعفه إلى المستشفى على الفور. ويقول إن ابنه أصيب بإسهال حاد وحمّى، "ولولا أنّني أسرعت في نقله إلى المستشفى لتوفي".
يضيف: "تلقّى العلاج على مدى يومين وتحسنت حالته وعاد إلى طبيعته. وفي الوقت الحالي، يُكثر من تناول السوائل بحسب نصيحة الطبيب"، مشيراً إلى وجود حالات يشتبه بإصابتها بالمرض بين الأطفال وكبار السن في المنطقة التي يعيش فيها. ويوضح أنه رأى العديد من الحالات المشتبه بإصابتها بالمرض في المستشفى، لافتاً إلى أن "الأطباء قالوا إنّ المرض انتقل إلى ولدي من خلال المياه الملوثة وعدم توفر أدوات النظافة الصحية. ليس لدينا خدمات جيدة".
من جهتها، تشكو أم إبراهيم من عدم توفر المياه الصالحة للشرب، ما يجعلها وأفراد أسرتها عرضة للإصابة بمرض الكوليرا.
تقول لـ "العربي الجديد": "تنصحنا وزارة الصحة والمنظمات بتجنّب استخدام المياه غير النظيفة كونها تتسبب في الإصابة بالكوليرا، لكن ليس أمامنا من خيار. المياه الموجودة غير نظيفة، فإما أن نموت من العطش أو الأمراض"، مضيفة أن أسعار المياه النظيفة باهظة جداً، ولا يمكن توفيرها.
وكانت الأمم المتحدة قد دعت الأطراف المتحاربة إلى إلقاء أسلحتها لمدة ثلاثة أيام ليتمكن عمال الإغاثة من تحصين السكان ضد المرض ومواجهة تفشيه. إلا أنّ مصادر طبية في الحديدة تنفي لـ "العربي الجديد" وجود أي هدنة لوقف القتال.
في السياق، يقول مدير إدارة الإعلام والتثقيف الصحي في الحديدة يحيى الجنيد أن هناك حالات مشتبه بإصابتها بالكوليرا ظهرت في خمس مديريات، بحسب تقارير صحية. يضيف أنّ مكتب الصحة والسكان في المحافظة، وبالتعاون مع المنظمات الدولية، بدأ حملة تحصين في مديرتين كمرحلة أولية باعتبار أن الحالات المشتبه إصابتها بالمرض مرتفعة.
ويؤكّد لـ "العربي الجديد" أن الحملة مستمرة على الرغم من المخاطر والأوضاع الأمنية التي تمر بها المحافظة بسبب الحرب والقصف الذي يستهدف المرافق الخدماتية والأحياء السكنية، وتدمير آبار المياه وبالتالي زيادة معاناة السكان".
ويشير إلى أن ظهور حالات جديدة يشتبه بإصابتها في المديريات "يؤكد انتشار المرض بشكل مخيف، ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وطارئة لاحتواء المرض، وسيبذل القطاع الصحي في المحافظة جهوداً كبيرة بحسب الإمكانيات المتاحة، إضافة إلى دعم بعض المنظمات الدولية".
وكانت منظمتا "يونيسف" والصحة العالمية قد نفذتا حملة التحصين ضد الكوليرا في بعض مديريات المحافظة، بالتعاون مع السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة الحوثيين. الحملة التي بدأت في الرابع من أغسطس/ آب الحالي واستمرت ثلاثة أيام، استهدفت مديريات الحالي والمراوعة في محافظة الحديدة، ومديرية حزم العدين في إب (وسط)، لحماية السكان في المناطق التي تأثرت بهذا المرض القاتل. وتؤكد منظّمة الصحة العالمية أنّ فرق التحصين تعمل على إعطاء اللقاح الفموي ضد الكوليرا لأكثر من 500 ألف شخص من الكبار والصغار في مديريات الحالي والمراوعة وحزم العدين، بتمويل من البنك الدولي والتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتحصين (غافي). وأشارت على موقعها الإلكتروني إلى تقديم 800 ألف لقاح من التحالف ضد مرض الكوليرا في الحديدة وإب، و"هناك نحو 62 ألف شخص محميين الآن ضد الكوليرا من الرجال والنساء والأطفال في مديرية حزم العدين في إب".
واستهدف 172 فريقاً متنقلاً و6 فرق ثابتة 107 آلاف و579 شخصاً، وفقاً لما ذكرته المنظمة في إطار استمرار الجهود المبذولة لمنع أي عودة لهذا المرض إلى اليمن مستقبلاً. وشارك في تنفيذ الحملة نحو ثلاثة آلاف من العاملين الصحيين، وسط تحذير منظمة الصحة العالمية من موجة كوليرا جديدة في اليمن، قالت إنها ستكون الأعنف، وقد تزيد معدل الوفيات بسبب سوء التغذية.
إلى ذلك، يشير تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية إلى أن الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في البلاد ما بين 27 أبريل/ نيسان 2017 و22 يوليو/ تموز 2018، بلغت مليوناً و125 ألفاً و189 حالة، في وقت بلغ عدد الوفيات بسبب المرض 2326 حالة، مشيراً إلى أن الحالات المشتبه بإصابتها في الحديدة بلغت 165 ألفاً و275، في وقت توفي 292 شخصاً.
وبحسب التقرير، فإن المناطق التي تشهد أعلى حالات الاشتباه التراكمي هي مديرية الحالي في الحديدة (6278 حالة)، ومعين في العاصمة صنعاء (2578 حالة)، وردمان عواض في البيضاء (2388 حالة)، ومدينة ذمار (2290 حالة)، والمخلاف في تعز (2279 حالة).
وحذرت الأمم المتحدة من أن كل الجهود المبذولة للتصدي للكوليرا معرّضة للخطر في ظل استمرار استهداف منشآت المياه والصرف الصحي في البلاد.