[ أحد جرحى تعز في مستشفيات الهند ]
ستشعر بالخيبة وأنت تتواجد في جروب جرحى تعز بالهند حيث يمتد الحديث هناك عن شخص يدعى "الجرادي" عين على حين غفلة رئيسا للجنة الطبية بالهند، دون معرفة الكفاءة التي يمتلكها ولا المؤهل الذي يخوله تولي أكثر ملف حساس وطارئ خصصت له ميزانية ضخمة من دولة رئيس الوزراء، ولا يتطلب أكثر من كادر مؤهل ومسؤول وذا اختصاص لتسيير شؤون الجرحى.
ستقف أمام معاناتهم وستفكر مليا في كتابة كلام طويل وتنشره في ساعة متأخرة من الليل في حين يظنون أن صوتهم لا يتعدى عتبة الواتس.
تتضاربك الاسئلة عن جدوى وصوابية نشر الجراحات على قارعة الفيسبوك، بعد أن ضاقت بهم أزقة بنجلور الهندية، تتلاطمك رياح الحيرة، هل سيتشفى الحوثيين، هل سيشعر جنود الجيش الوطني بفداحة الخذلان، أم أن الخذلان الحقيقي هو السكوت عن القبح الحاصل بالتكسب والارتزاق من وراء جراحات الجرحى ؟
وبينما تعارك هذا الشرود.. تطالعك العديد من القصص المأساوية التي يتعرض لها الجرحى، من لجنة الهند والمجسدة نوع أخر وقبيح من الابتزاز والانتهازية والاضطهاد الذي لا يفسره الا سلوك المافيا، ستمر على رسائل تتحدث حرفيا عن مافيا تمتهن السمسرة وتشكل لوبي مع هنود يعملون في ذات المجال، سيتنبه الجريح أنه وقع في يد عصابة تمسك بزمام الامور رسميا، سيوقن اكثر بذلك بعد وقوع عمليات خاطئة ومشارط طبية غير موثوقة سرت في أجساد جرحى أخرين، وحينما يطالب بتقارير العمليات ليعرف الاجراءات الطبية التي تلقاها سيفزع بتشدد لجنة الهند في رفضها تسليمه تقارير عملياته وفحوصاته والأشعة المعمولة له.
تاليا ستنفجر خلافات كثيرة بين الجرحى وسلوك المافيا.. لتتوقف بعدها برهبة لقراءة مسلسل وطرق تركيع الجرحى وإذلالهم وعدم الرد عليهم، في حين يكابدون حالات إسعافية طارئة فيما يحرم غالبيتهم من المصاريف والايجارات.. عبر لوبي خبر هذه المهنة، مهنة السمسرةوالدلالة بالجراحات والامراض.
ليلة في جروب جرحى تعز بالهند
ستندهش لرسالة كتبها مرافق الجريح رشاد الشمساني تتضمن احتجاز الجرادي رئيس لجنة الهند لجوازه وتهربه من تسليمه له، مما أدى لعدم مقدرته على تجديد الاقامة وكسر الفيزا، خالد مرافق الجريح رشاد في رسالة أخرى يوضح أنهم قاموا بذلك لإرغامهم على مغادرة الهند وعدم التمكن من دخول المستشفيات بسبب كسر الفيزا الطبية، بعد أن قامت اللجنة بعملية فاشلة بمبلغ كبير تحصلوا فائدتهم منها، والان لم يعد من جسده المشلول فائدة، يريدونه أن يغادر.
وهنا تخليت عن تفكيري الأحمق؛ وبدأت التواصل لمعرفة القصة كاملة بتفاصيلها المريعة وطلب نسخة من شكاويهم الموقعة .. وأدركت أن الجرحى يحتاجون عمل جهاز طبقي محوري لمعاناتهم قبل جراحهم.
تواصلت مع الجريح المصاب بشلل نصفي رشاد الشمساني تحدث معي بصوت متقطع يكتمه غيظ وغصص، أخبرني أن جواز مرافقه محتجز لدى لجنة الهند، وأنه لم يتسلم مصاريف وإيجارات الشهر الماضي حتى اليوم، والهنود لا يدينون، يقول أنه ببساطة نشر فيديو يتحدث فيه عن طرده من المستشفى وأن كل هذه المشاق التي هطلت على جسده القعيد بسبب شكوى مفصلة ارسلها للجنة تعز تتضمن العذابات التي ألحقتها لجنة الهند به.
وصلت شكوى رشاد طاولة لجنة تعز؛ أرسلها للدكتورة ايلان، ووعدت بمناقشتها وارسال الرد للجنة الهند، لم يعرف أحد ماذا كان الرد .. لكن رشاد منح المزيد من المشاق والمعاناة.
وتراكمت في حلقه المزيد من الغصص.
أوجاع وكبرياء
أما مرافق الجريح مروان عبدالله (المصاب بشلل نصفي وتقرحات بالظهر) والمقيم على بعد عدة شوارع في ذات المدينة الهندية فلم يستطع أن يحبس غصصه وانفجر هذه المرة كبركان يصرخ, يشتكي, ويلعن العجز والزمن الرديء، على غير نبرته المعتادة وصوته الواجم الذي كنا نعلم انه يتورى خلفه الكثير من الأوجاع والكبرياء.
يقول الجريح سمير المقيم مع مروان في نفس الشقة و المصاب بعدة شظايا في جسمه نتيجة لغم أرضي أصاب أيضا كلتا عينيه ومنذ خمسة أشهر من المعاناة والإهمال يجاهد لتدارك ما تبقى من بصيص إحدى عينيه بعد فقدان الاخرى وعلاج جروح متفرعة في جسده ذوقته لجنة الهند المعاناة علقم لاتمام علاج نصفها فقط، وهو الأخر كحال معظم جرحى الهند بقي حتى اليوم لثلاثة أشهر دون اعتمادت المصاريف والايجار، والهنود لا يدينون. يقول سمير أن شقيق الجريح مروان الذي يحتاج لرعاية طبية مشددة وعملية ربط أنسجة وإغلاق التقرحات، يذهب منذ شهرين للعمل كمباشر في كفتيريا لأحد المستثمرين اليمنيين بغية تغطية قيمة علاجات شقيقه ومصاريفه الشهرية المتوقفة.
في الجروب الخاص بالجرحى على الواتس آب، يتداولون معاناتهم بشكل يومي ويشكي كل واحد منهم قصته مع المهزلة القائمة كمسرح مظلم، تتحكم فيه خيوط المافيا الطبية بمصائرهم كالدمى، يقولها أحدهم بصراحة كيف وصلنا إلى هذا الوضع ونحن الذين طوينا الجبال وصببنا أنهر الدم من نحورنا لأجل المدينة الثرثارة، كيف تعامت عنا، كيف أثرت الصمت هذه المرة ؟.. ينهي كلامه بلغته العامية "أين الناس، يعني تغلقت علينا ونجلس نبقبق داخل هذا الجروب"
يرد الجريح يوسف الدهش وقد بذل جهد مضني لايصال صوته عبر الفيس ولا من مجيب "يا خبرة يرجعونا تعز وخلاص، ما في غيرها تعرف قيمتنا وكرامة جراحنا".
صمت مطبق
تتكرر فصول المأساة التي يتداول الجرحى سردها، فيما يطالع المسؤولون الرسائل بصمت مطبق، يتلصصون على محادثاتهم دون أن يتجرؤوا على مد أيديهم للكتابة والرد على الجرحى، كما يتجرؤون على مد أيديهم للطش حقوقهم، سينفضحون عند أول كلمة.
في ذات الجروب، يحكي هشام الكامل الديون التي عليه لتغطية احتياجاته الطبية، والتي كان يقترضها كلما أخبره رئيس لجنة الهند "أن العهد المالية لم تصل من تعز، دبروا نفسكم على بال ما تصل"، ويشترك مع رمزي الجبل الجريح المقعد في حديث عن تهديد الأونر الهندي "مالك الشقة" بطردهم، ويضيف يوسف شقيق رمزي ومرافقه أنهم تذكروا تعز حينما قطع الماء والكهرباء عليهم بسبب عدم تسديد الفوتير.. يدخل الجريح محمد رياض على الخط معقبا على الجريح هشام أنه هو الأخر لم تسلم له قيمة فواتير العلاجات التي استخدمها بشكل دوري لمدة شهر، استدانها والده وار
في ذات الجروب، يحكي هشام الكامل، الديون التي عليه لتغطية احتياجاته الطبية، والتي كان يقترضها كلما أخبره رئيس لجنة الهند "أن العهد المالية لم تصل من تعز، دبروا نفسكم على بال ما تصل" ويشترك مع رمزي الجبل الجريح المقعد في حديث عن تهديد الأونر الهندي "مالك الشقة" بطردهم، ويضيف يوسف شقيق رمزي ومرافقه أنهم تذكروا تعز حينما قطع الماء والكهرباء عليهم بسبب عدم تسديد الفوتير. يدخل الجريح محمد رياض على الخط معقبا على الجريح هشام أنه هو الأخر لم تسلم له قيمة فواتير العلاجات التي استخدمها بشكل دوري لمدة شهر، استدانها والده وارسلها من عدن، لكن اللجنة التي طالبت أن يدبر قيمتها لحين وصول التعزيز المالي من تعز تجاهلته وتهرب رئيسها الجرادي الغارق في ليالي بنجلور الحمراء.. أما المصروف فهو العامل المشترك للحديث بين الجميع..
فيما تتحدث رئيسة اللجنة الطبية بتعز د.ايلان عن ارسال قرابة مليون دولار إلى الهند، حتى الان ؟!!
يظهر رقم أحدهم متسمرا لمدة طويلة في خانة جاري الكتابة... ثم تنط هذه الرسالة إلى جروب أخر يحمل اسم جرحى تعز "أنتم لا تتكلموا عن كل هذا لو تحقق لجنة تعز الطبية فقط ب سرقة لجنة الهند لفارق الصرف الذي يصل الى اقتطاع 5000 روبية لكل الف دولار يعني 75 دولار بعد كل ألف دولار يشلوها بينما تسجل كافة معاملاتها ووثائقها بالدولار قيمة عملياتنا وكمان سلموا لنا الاعتمادات الشهرية السابقة بالروبية مع اخذ فارق الصرف وخلونا مجبرين نوقع على سند استلامها بالدولار .. يحققوا بصدق بهذي بس واضمن لكم يسحبوا الجرادي ولجنته عبر الانتربول"
أنشأ الجرحى العديد من الجروبات لكسر عزلتهم، يخوض الواحد منهم نقاشات متفرقة في ثلاثة جروبات، كمن يريد كسر عزلته يبحثون عن منفذ يمر عبره صوتهم الى هذا الفضاء الكبير.
وفي حين غرة تغادر الدكتورة ايلان رئيسة لجنة تعز الطبية جروب جرحى الهند بغضب بعد أن غمرها الجرحى بالعديد من الشكاوي المكتوبة خطيا والموقعة باسمهم، أما أصحاب الريف فقد ارسلوا شكاوي مصورة بالفيديو، أرسل لي واحد منهم: "تقول شقبلوا الفيديو أنا يا اخي مسكيش اكتب شكوى رسمية لمو شعقدنه علينا قدنا أخبر ايلان كل يوم بالواتس اب حقه انه الجرادي تعبث بنا وجراحنا خاست وهي مطنشنا، ولا قالت لي مابك".
اهمال متعمد
جرى كل هذا بعد أن طلبت د.ايلان شكاوي رسمية موقعة من الجرحى .. ثم غادرت فجأة !
ماطلت لجنة تعز شكاوي ومناشدات جرحى الهند طويلا وتهربت من مطالبات عديدة بتغيير علي الجرادي، وبعد أن قدموا شكاوي خطية قابلتها رئيسة لجنة تعز بالمغادرة الغاضبة من جروبهم.
شبكة سمسرة
ذهب الجرحى يتساءلون عن رابط العلاقة المتين بين د.ايلان والجرادي وجرى حديث طويل عن العمولات والنسب التي تقدمها كل مستشفيات الهند عبر مكاتب (الماركتنج) بشكل رسمي وقانوني تبدأ من 10٪ وتصل الى 40٪ بعد كل عملية ومدى تورط رئيسة لجنة تعز د.ايلان مع الجرادي في ادارة شبكة سمسرة بالهند على حساب عمليات الجرحى خاصة مع حديث عاملين في اللجنة الطبية بتعز عن توريد الدكتورة ايلان لمبلغ مليون دولار الى حسابها الشخصي تتصرف به دون الرجوع لمالية اللجنة الرئيسية بتعز ؟!!
ينتصف الليل ولازال الجرحى يتحدثون بكثير من السخط الذي لا يخلوا من سخرية ولغة عامية كوميدية كمن يضحك وهو يتقيأ الدم، يمخرون في عباب نقاشهم النازف وجع وحسرات يتحدثون عن جراحهم كيف غدت شبيهة الشبه "بأبار النفط" التي تدر على غيرهم مبالغ ضخمة !.. يعرج أحدهم "الحفر والوجع بأجسامنا والرزق السهل لهم"
وهنا تقفز حيرة السؤال عن الاقاويل المتداولة عن ارسال الدكتورة ايلان أحد موظفيها لترقيع الكشوفات المالية بلجنة الهند لاستيعاب ضخامة المبلغ الذي تتحدث عن ارسله العاملين في الهند، ويشرحون بدقة طبيعة السمسرة وسهولتها في بلاد غاندي والتي ستوفر السندات اللازمة لذلك، حتى لو كان المبلغ 10 مليون دولار.
يستمر الجرحى في خوضهم بالحديث عن الملايين وهم لا يمتلكون مصاريف يوم الغد.
مناكفات
تصل رسالة بعد هنيه من الصمت "ذلحين أنا من غير مصاريف ثلاثة أشهر والشهر الرابع قده بنصه وما عملت بقية العمليات واليوم الجرادي ولجنة الهند يقولوا اننا مش جريح" كان هذا الجريح القادم محملا بأوجاعه من جبل جرداد محمد فؤاد ولقصته معاناة تطول .
يرد أخر: "عادهم با ينكروا جراحنا وبنطلع نحن السرق والكذابين ومديونين لهم, وهم الشرفاء المناضلين، صبركم".
جريح أخر يحرف النقاش الى ضفة أخرى بعد رسالة يقول فيها "ارقدوا يا جن والله ما أحد داري وينكم ولا من يقرأ لكم خطكم، ما يعملوا كذا الا وهم راكنين، بتجلسوا تصيحوا اسبوع وبعدها بيردوا عليكم بكلمة: متحزبين ومثيري مشاكل ومناكفات".
سريعا يأتي الرد في تسجيل صوتي لجريح أخر: "يا اخي قد نحن بالهند يعتبرونا هندوسي والا يهودي المهم اننا جريح من تعز وسال دمي بتعز يعالجونا يللللعن...".