تقع مدينة الراهدة جنوب شرق محافظة تعز وتبعد عن مدينة "تعز" التي تتبعها إدارياً 49 كيلو متراً تقريبا ، حيث بلغ تعداد سكانها 12430 نسمة حسب الإحصاء الذي أجري عام 2004م ..
تعتبر مدينة "الراهدة" هي البوابة الجنوبية لمدينة تعز ، حيث كانت المدينة تمثل منطقة الحدود بين شمال الوطن وجنوبه قبل إعلان الوحدة اليمنية عام 1990م وقد شهدت مواجهات عنيفة وكانت منطقة تماس وخط نار في حرب عام 1994م المندلعة بين القوات المحسوبة على الرئيس اليمني آنذاك "علي عبدالله صالح" ونائبه الذي خرج عن طوره "علي سالم البيض" ..
في يونيو من هذا العام 2015 وبعد اندلاع المواجهات في مدينة "عدن" بين القوات الموالية للرئيس المخلوع "علي عبدالله صالح" و"الحوثي" من جهة واللجان الشعبية المحسوبة على الرئيس اليمني الحالي "عبدربه منصور هادي" تدخلت قوات التحالف العربي التي تقودها السعودية وأجرت تغييراً في المحافظة ، حيث قامت بدحر قوات "علي عبدالله صالح" والحوثي واستمرت في دحرها حتى منطقة كرش التي تتبع إدارياً محافظة "لحج" وتبعد كيلو مترات قليلة عن مدينة الراهدة أولى المناطق الجنوبية لمحافظة تعز ..
كان أبناء المنطقة واليمنيين ككل ينتظرون التحالف الذي كانت الإمارات تتكلف بقيادته في عدن أن يعبر مدينة الراهدة ومن ثم يصل إلى تعز ، وهذا مالم يتم آنذاك ..
في بداية شهر أكتوبر أسس أبناء الراهدة مقاومة شعبية لتضييق الخناق على الحوثي في المدينة ، وتمركزت المقاومة في الجبال المطلة على القرى المجاورة لمدينة الراهدة ، وما إن بدأت بالتحركات الملحوظة حتى أعلن الرئيس "عبدربه منصور هادي" عملية (نصر الحالمة) التي تهدف إلى تحرير تعز كاملة من قبضة الحوثي وصالح ، تزامناً مع تواجده في مدينة عدن بعد أن عاد من المملكة العربية السعودية ..
في مطلع شهر نوفمبر الجاري تحركت قوات الجيش الوطني مسنودة بآليات ومدرعات ثقيلة تابعة للتحالف من منطقة كرش باتجاه مدينة الراهدة التابعة لمحافظة تعز ، واستمرت تحركات القوات الشرعية حتى وصلت منطقة الشريجة والتي تتبع إدارياً محافظة لحج كذلك ..
ظلت هذه القوات ما يقارب الأسبوعين في منطقة تسمى (النفق) بالقرب من سوق الشريجة ولم تتحرك إلا قبيل زيارة الرئيس "عبدربه منصور هادي" إلى معسكر لبوزة القريب من منطقتي كرش والشريجة ، وهناك أنباء تحدثت عن التقائه بقيادة الجيش الذي سيسعى لتحرير الراهدة ومن ثم مدينة تعز ..
تحركت هذه القوات أمتارا قليلة على الأرض ، حيث تقدمت من منطقة النفق إلى جوار مدرسة عمار بن ياسر في مشارف منطقة بيت حاميم لتقف هناك لأيام ، لكن بعد ذلك سرعان ما انسحبت هذه القوات مبررة ذلك بالتراجع التكتيكي بسبب وجود قناصة حوثيين يستهدفون الأفراد من الجبال البعيدة التي لم تسيطر عليها المقاومة بعد .
أما توضيح المكتب الإعلامي لجبهة الراهدة والذي هو عبارة عن تصريح لقائد المقاومة في الراهدة "حربي سرور الصبيحي" فقد برر التوقفات والانسحابات المتكررة باختلاف تضاريس المنطقة عن سابقاتها مثل العند وغيرها ، حيث قال : إن طبيعة المنطقة الجغرافية وتضاريسها الممتدة من حدود الشريجة حتى الراهدة ليست صحراوية مفتوحة مثلها مثل العند ذات التضاريس السلسة ، إنما هي جبلية تبدأ من منطقة الربوع جنوباً وتمتد حتى أطراف منطقة الهجر شمالاً ، إلى جانب سلسة أخرى جبلية تبدأ من مدخل منطقة الحويمي شمالاً حتى منطقة حمالة غرباً ..
وأضاف : وكذلك الطريق الإسفلتية الممتدة من كرش حتى الراهدة لا تكاد تعبر مائتي متر إلا ووجدت عبارات أو جسر أو طريق ضيقة قد قام الحوثيون بتلغيمها ووضع براميل متفجرة فيها ..
حديث قائد المقاومة الذي ذكر في بداية التوضيح بأن أفراد المقاومة لا يمتلكون سوى أسلحة بسيطة وخفيفة ومتوسطة ويسيطرون على عدة مواقع مهمة بهذه الأسلحة منطقي جداً ، لكن ما يطرحه مواطنون من الراهدة والقرى المجاورة من تساؤلات هي :
كيف لقوات كبيرة ك قوات التحالف أن تتراجع ﻷكثر من مرة بعد تهيئة الوضع لها ؟
ولماذا لم يتدخل طيران الأباتشي لحل ولو جزء من هذه المشكلة ، بل إنه لماذا توقفت الفرق الهندسية التي تخلصت من تفكيك الألغام والمتفجرات الموجودة في منطقة النفق ولم تواصل عملها ؟
ومن أسئلة المواطنين التي يطرحونها وبقوة ،
لماذا تسمح المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للحوثي وصالح بأن يؤكدوا للناس بأن التحالف ليس قوة ولا يستطيع مواجهتهم أو إيقافهم عند حدهم؟
وبالتالي تتكون عند المواطن أفكار وتساؤلات وهذا ما يريده صالح وحليفه الحوثي التي تعمل قوات التحالف على محاولة صده في المنطقة .
يقول أحد الجنود المشاركين في الجبهة : تستطيع قوات التحالف السيطرة على المساحة الممتدة من الشريجة حتى الراهدة ومدينة تعز بجبالها ووديانها وسهولها ﻷننا نمتلك قوة مهذلة ، لا يستطيع صالح والحوثي تخيلها أو استيعابها ، وقبل ذلك نمتلك تأييد المواطنين والحاضنة الشعبية لفكرة التحالف والخلاص من الحوثي ، لكنني لا أجد مبرراً لهذا التباطؤ والإهمال وعدم الجدية في التقدم والتحرير ، أما عن المقاومة فهي لم تتراجع شبرا واحداً من المناطق التي تسيطر عليها رغم امتلاكها سلاح بسيط دعمها به التحالف العربي ، وأنا هنا لا أشكك بأحد كما يقول الجندي لكن أدعو التحالف إلى حزم الأمر وحسمه سريعاً فالمواطن لا يستطيع الانتظار والتحمل أكثر من ذلك .
و تبقى مدينة الراهدة تحت رحمة المدافع القنابل و الصواريخ ، في انتظار خلاصها فأطفالها ونساؤها وشيوخها يعيشون الرعب والهلع والخطر .