[ أهالي الحديدة يعانون في تأمين احتياجاتهم الأساسية ]
أغلقت عشرات المصانع المحلية أبوابها وأوقفت الإنتاج على وقع المعارك التي تدور جنوبي مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر (غرب اليمن)، كما أغلقت مراكز التسوق والمحلات التجارية، فيما تشهد المدينة نزوحاً لرؤوس أموال هرباً من الحرب.
وأعلنت قوات الحكومة اليمنية الشرعية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، الاثنين الماضي، سيطرتها على مطار الحديدة المدني بعد يومين من المعارك تمكنت خلالها من طرد قوات جماعة أنصار الله (الحوثيين).
ويتخوف ما تبقى من القطاع الصناعي والتجاري من دمار سيلحق بالمنشآت القريبة من المطار والمصانع الواقعة في شارع 16، عند مدخل المدينة الجنوبي، حيث ستحاول القوات الحكومية التقدم باتجاه ميناء الحديدة، كما يتخوف من حدوث عمليات نهب للمصانع ومخازن السلع والمواد.
وقالت مصادر تجارية لـ"العربي الجديد"، إن مجموعة "إخوان ثابت"، وهي ثاني أكبر مجموعة صناعية وتجارية على مستوى البلاد، أغلقت مصانعها الواقعة بالقرب من الجهة الغربية للمطار حيث تدور المعارك.
وحسب المصادر، فإن موظفي المجموعة يقضون إجازة العيد، مع أنه كان يجب الاستمرار في الإنتاج خلال هذه الفترة من خلال ثلاث مناوبات، لكن الإدارة أوقفت العمل وسرحت بعض عمالها، الأحد الماضي.
وتملك المجموعة مصانع للسمن والصابون والألبان والزيوت الطبيعية والمطاحن وصوامع للغلال والأغذية الخفيفة.
وأوضحت المصادر التجارية أن مصانع "نانا" التابعة لمجموعة "عبد الجليل ردمان" ومصانع مجموعة "إخوان ثابت" قامت بإخلاء مخازنها من المواد في شاحنات إلى أماكن بعيدة عن المعارك، خوفا من تعرض المخازن للدمار وتحسبا لحدوث عمليات نهب.
وتسببت المعارك في تدمير منشآت تجارية وخدمية، منها مستشفى المختار للمسالك البولية، الواقع على الخط الساحلي بجانب جامعة الحديدة والذي تعرض لدمار جزئي.
وانسحب ما تبقى من قوات الحوثيين إلى داخل الأحياء السكنية بمدينة الحديدة، ما ينذر بحرب شوارع مدمرة، ستجعل من المدينة الساحلية اليمنية نسخة أخرى من مدينة حلب السورية.
والحديدة هي رابع أكبر المدن اليمنية من حيث الأهمية وتعتبر مركزا تجاريا واقتصاديا للبلاد، وتوجد فيها المقرات الرئيسية لكبريات شركات الملاحة البحرية والشركات الصناعية والتجارية التي تشغل آلاف الموظفين والعمال.
وتتميز مدينة الحديدة بامتلاكها لأكبر المطاحن وصوامع الغلال المتخصصة في طحن القمح والدقيق، وعبّر تجار وخبراء في الاقتصاد عن مخاوفهم من تعرض هذه المطاحن والصوامع للدمار، ما سينعكس في أزمة غذاء حادة وفي ارتفاع أسعار القمح والدقيق.
ومن جانبه، أكد الباحث والمحلل الاقتصادي حسام السعيدي، لـ"العربي الجديد"، أن معركة الحديدة ستلقي بتداعيات خطيرة على النشاط الصناعي والتجاري في مدينة الحديدة، لكنها من ناحية أخرى ستعمل على تجفيف موارد الحوثيين.
وقال السعيدي: "سيعمل تحرير الحديدة على تقليل قدرة الحوثيين على تمويل الحرب، حيث تمثل أهم مدينة يمنية تمدهم بالمال من خلال الضرائب على القطاع التجاري والصناعي وإيرادات الميناء وعائدات الثروة السمكية والزراعية".
وأشار الباحث اليمني إلى أن القطاع الصناعي في الحديدة سيتأثر بالحرب حاليا، لكنه سوف ينتعش لاحقا في أعقاب تحرير المدينة، حيث سيتخلص من ممارسات الابتزاز التي يفرضها الحوثيون من خلال الإتاوات والضرائب غير القانونية.
وتسببت المخاوف من هجوم عسكري على المدينة في تعطل النشاط التجاري وشلل في حركة الأسواق، فيما شهدت المحلات التجارية التي لا تزال تعمل إقبالا شديدا من السكان لشراء مخزونات كافية من المواد الغذائية قبل اقتحام القوات الحكومية للمدينة.
وقال الموظف بالقطاع الخاص زكريا عبد الصمد، لـ"العربي الجديد": "توقفت مظاهر الحياة في المدينة على وقع العمليات العسكرية، وتعطّل النشاط التجاري والصناعي، وهرب الكثير من التجار وموظفي القطاع الخاص من الحرب إلى مدن مجاورة، تاركين الفقراء يواجهون مصيرهم".
وشهدت أسواق المدينة حالة من الهلع وأزمة خانقة في البنزين والديزل والغاز المنزلي، وطوابير المركبات أمام محطات الوقود مع ارتفاع الأسعار.
وقال سكان محليون لـ"العربي الجديد"، إن الوقود اختفى من السوق الموازية في المدينة، بينما قامت محطات الوقود الرسمية برفع الأسعار إلى الضعف، في ظل تسابق المواطنين على تعبئة سياراتهم تحسبا لحرب شوارع قد تشهدها المدينة قريباً.