[ الحوثيون يحاولون زيادة موارد البلاد بفرض الخمس على اليمنيين ]
لم تكتف جماعة الحوثي بما أصاب أغلب اليمنيين من فقر ونصَب جراء الحرب المشتعلة في بلادهم منذ سنوات، بل أقرت -بالتزامن مع شهر رمضان- تعديلات كبيرة على قانون الزكاة، أقرها مهدي المشاط رئيس ما يُسمى "المجلس السياسي الأعلى" (أعلى سلطة سياسية للحوثيين).
وستزيد تلك التعديلات من وطأة الوضع الاقتصادي المنهار لليمنيين الذين يعيش ستة ملايين منهم في فقر مدقع حسب تقرير لمنظمة يمنية غير حكومية، إثر انقطاع رواتب نحو 1.2 مليون موظف منذ 19 شهرا.
وسيكون على اليمنيين الفقراء دفع أموالهم "للسادة والهاشميين"، حسب ما يقوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي احتجوا على القرار.
وفرضت الجماعة "الخمس" ضمن قانون الزكاة، وهو ما يعني دفع 20% من موارد البلاد والأرباح والإيرادات الخاصة بالمواطنين والشركات؛ إلى من يسمون "آل البيت" أو "السادة" أو "الهاشميين"، أي الذين ينتسبون للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومسألة "الخمس" -ومن بينها زكاة "الركاز" وهي ما يوجد في باطن الأرض من ثروات- وكيف تؤدى؟ وهل هي شاملة لكل الموارد أم لا؟ قد أثارت جدلا فقيها بين علماء المسلمين.
وكان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي -وهو أحد الشخصيات التي تدعي انتسابها للحسن بن علي بن أبي طالب- قد طالب البرلمان بإنجاز قانون الزكاة قبل حلول شهر رمضان، ليصبح القانون نافذا بالقرار الذي أصدره المشاط الثلاثاء الماضي.
ويقول عضو لجنة العدل والأوقاف بمجلس النواب منصور علي واصل إن التعديلات أكملت النواقص في القانون، وإن العمل التشريعي لا ينبغي التهاون به، حسب تصريحه لصحيفة "الثورة" التي يسيطر عليها الحوثيون.
أين ستذهب تلك الأموال؟
يقول الحوثيون بأن تلك الأموال المقدرة بـ20% من موارد البلاد، ستذهب إلى الفقراء وأسر القتلى والجرحى الذين يقاتلون في صفوف الجماعة منذ بداية حروبها ضد القوات الحكومية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية.
ويقول عبد الله الشرفي -وهو أحد الموالين للحوثيين والمنتمين "لآل البيت"- إن "الخمس هي الأموال التي ستعين المجاهدين من آل البيت على ظروف الحياة، وستوزع على أبناء الشهداء والجرحى".
ويضيف الشرفي للجزيرة نت "نعلم جميعا أن الزكاة حُرّمت على آل بيت النبي، لكن الله خصص لفقرائهم وأسر شهدائهم وجرحاهم الخمس من أموال المسلمين، وآية الفيء في سورة الحشر قطعية الثبوت والدلالة ولا تحتاج إلى اجتهاد".
وحتى اليوم لم تَجبِ إدارة الواجبات الزكوية في صنعاء والمدن الخاضعة للحوثيين الأموال باسم "الخمس"، لكن تجارا أكدوا أن الواجبات أجبرتهم على دفع أموال مضاعفة خلافا للأعوام الماضية.
وقال أحد التجار للجزيرة نت مفضلا عدم كشف اسمه لدواعِ أمنية، إن الزكاة لن تذهب إلى مستحقيها مطلقا، "وإن الحوثيين سيجبروننا في نهاية الأمر على أن نسلمهم أموالنا، وسيأتي اليوم الذي نعمل فيه ونسلمهم الأجرة".
وبلهجة غاضبة، يتابع التاجر "دمّرنا هؤلاء الهاشميون الذين يرون أنفسهم أفضل منا".
الهاشميون
ولا توجد حصيلة محددة توضح حجم الهاشميين الذين سكنوا اليمن في القرن الثالث الهجري، لكن تقديرات سكانية تقول إنهم يشكلون 10% من عدد السكان على الأغلب.
وأبرز هذه الأسر الهاشمية هي أسرة زعيم جماعة الحوثيين التي تسكن في مديرية مران وسط محافظة صعدة (شمالي اليمن)، بالإضافة إلى أسرة حميد الدين، وهي الأسرة التي كانت تحكم شمال اليمن منذ منتصف القرن 19 حتى قيام ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962.
وكان اليمن قبل اندلاع الثورة مقسما إلى طبقات، أعلاها طبقة "الهاشميين"، وهي الطبقة التي استفردت بالحكم والقضاء والثروة، تليها طبقة "القبائل" وهي الطبقة التي كانت تشكل الجند للطبقة العليا وحظيت بامتيازات قليلة، ثم طبقة "المزينين" وهي التي تضم أصحاب الصناعة والحرف، تليها طبقة العبيد.
ولكون طبقة "الهاشميين" هي التي ملكت وحكمت فإنها توزعت على عدد من مدن البلاد، واستقرت أسر "المؤيد" و"المطهر" و"المنصور" و"الأمير" في صنعاء، بينما توزعت أسر "الهاشمي" و"الشامي" و"الأهدل" و"السقاف" و"المتوكل" في صنعاء وحجة وإب وذمار والحديدة.
كما سكنت أسر هاشمية أخرى مثل "الجفري" و"السيد" و"العيدروس" محافظة حضرموت (جنوب شرقي اليمن)، بينما سكنت أسرة "الجنيد" وآخرين محافظة تعز.
لكن تبقى محافظات صعدة وعمران وحجة وصنعاء (شمالي اليمن) هي التي سكنتها أغلب الأسر الهاشمية منذ قرون، وشكلت تلك المساحة الجغرافية معقلا لنفوذ تلك الأسر.