[ يتردد منذ أسابيع تصاعد خلافات الإمارات والسعودية حول اليمن ]
رغم تحالفهما القوي والتأكيد على المصير المشترك بينهما فإن العلاقات بين السعودية والإمارات تحت رحمة ملفات شائكة بين البلدين، قد تجعل هذا التحالف مرحلياً.
فمنذ ثورات الربيع العربي وقف البلدان صفاً واحداً لوأده، وتجلى ذلك في دعم انقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر عام 2013، ودعم خليفة حفتر في ليبيا، بالإضافة إلى خوضهما حرباً في اليمن على انقلاب الحوثي.
وإن اتفق الطرفان في مصر وليبيا فإن اليمن تخفي بين أسطرها خلافات كبيرة، خاصة أن لكليهما وجهة نظره إزاء الجار الجنوبي لدول الخليج.
وفي ديسمبر الماضي، توقع الباحث بجامعة أكسفورد البريطانية صمويل راماني، أن المستقبل سيشهد توتراً في العلاقة بين السعودية والإمارات، مرجعاً ذلك إلى وجود خلافات جوهرية في سياستيهما الخارجية، مشيراً إلى أن تحالف الدولتين "أضعف مما هو ظاهر".
- اليمن
أبرز ما يسلط الضوء على هذا الخلاف المشادة الإماراتية-السعودية أثناء وجود وفدي البلدين مع قادة تيارات يمنية متعارضة التوجهات بمقر الأمم المتحدة في جنيف، مارس الماضي، وانقسما بين مؤيد للانفصاليين الجنوبيين المدعومين من أبوظبي، والحكومة الشرعية (تساندها الرياض).
ورصد مراسل "الخليج أونلاين" تحركات عبيد سالم الزعابي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، مع ممثلين للانفصاليين الموالين لبلاده جنوب اليمن.
وذكر المراسل أنه لوحظ خلاف واضح في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بين الإمارات والسعودية، إذ إن الرياض استقدمت مجموعة من المنظمات لضرب جماعة الحوثيين، ودعم الشرعية اليمنية ممثلة بحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وعرقلة أية جهود لتحقيق دولي ومحاسبة قادة التحالف.
ويتردد منذ أسابيع تصاعد خلافات الإمارات والسعودية ضمن حربهما في إطار التحالف العربي على اليمن المستمرة منذ ثلاثة أعوام، في ظل أطماع أبوظبي بتعزيز سياستها التوسعية ودعم نفوذها للسيطرة على مقدرات اليمن وتنفيذ أجندتها الخاصة.
ودخلت الإمارات الحرب اليمنية للسيطرة على الموانئ اليمنية، وتمثل المنافسة على السيطرة في البحر الأحمر مسألة شديدة الحساسية بالنسبة للسعودية منذ إنشائها.
وتحكم أبوظبي قبضتها أيضاً على غالبية المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، والمحرّرة من الحوثيين، وتبدو مصممة على المضي باستراتيجيتها الواضحة في السيطرة على جنوب اليمن.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بداية فبراير الماضي، إن المعارك التي اندلعت مؤخراً في عدن جنوب اليمن بين ما يسمى بالمجلس الجنوبي الانتقالي المدعوم إماراتياً، والقوات التابعة للرئيس هادي المدعومة سعودياً، كشفت هشاشة التحالف بينهما.
وعلى مدى أيام، اشتبك الانفصاليون الجنوبيون مع شركائهم الموالين للقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، واستولوا لفترة قصيرة على عدن.
الجانبان المتقاتلان ينتميان إلى نفس قيادة التحالف السعودي الإماراتي، التي تقاتل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين سيطروا على العاصمة صنعاء وأطاحوا بحكومة هادي، قبل نحو ثلاث سنوات.
وشكل الانفصاليون الجنوبيون ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وسعوا منذ مدة إلى استعادة دولة جنوب اليمن التي كانت قائمة قبل توحيد اليمن عام 1990.
كما أن السعودية والإمارات لديهما اختلافات في اليمن؛ "فالرياض تتقارب مع حزب الإصلاح اليمني المؤثر على الساحة اليمنية، وهو أحد أفرع الإخوان المسلمين، في وقت تعارض أبوظبي أي تعاون مع هذا الحزب"، وفق ما نقلت الصحيفة الأمريكية عن نيسان لونغلي، المختصة بالشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية.
- الحدود
وما زال الخلاف الحدودي بين البلدين قائماً لكنه خفت طول هذه السنين.
ويعود هذا الخلاف إلى تأسيس دولة الإمارات عام 1971، ومنذ ذلك التاريخ فُتحت الضغوط الحدوديَّة عليها من جانب السعودية حول منطقة "خور العديد"، ما اضطر الإمارات إلى توقيع اتفاقية جدة.
وخور العديد منطقة ساحلية تفصل بين الإمارات وقطر، حيث كانت السعودية تخشى من محاولات أبوظبي التعاون مع الدوحة، وهو ما قد يضر نفوذها في منطقة الخليج، فكانت اتفاقية جدة التي نصت على تخلي الإمارات عن خور العديد وحقل شيبة، في حين تنازلت السعودية عن جزء من واحة البريمي.
الإمارات عادت وأحيت الخلاف من جديد بعد وفاة الشيخ زايد وتولي ابنه الشيخ خليفة، ففي أول زيارة له إلى الرياض عام 2004 أثار الاتفاقية، متعللاً بأن الإمارات إنما وقَّعتها تحت ظروفٍ قاهرة.
وصلت العلاقات إلى مرحلة سيئة خلال عام 2009، حينما أعلنت الإمارات انسحابها من مشروع السعودية إنشاء عملة خليجية موحدة، وتصاعدت إلى مرحلة خطيرة عام 2010 عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار على زورق سعودي في خور العديد، واحتجز اثنان من أفراد حرس الحدود السعودي، وما زالت الحدود البحرية بين البلدين غير متفق عليها حتى اليوم.