[ شدد هادي على أهمية العمل نحو إجراءات بِناء الثقة - الأناضول ]
تسارعت وتيرة الحراك السياسي والدبلوماسي المكثّف في الملف اليمني، خلال الـ48 ساعة الماضية، في إطار الجهود الدولية الرامية لاستئناف مفاوضات السلام بين الأطراف المتنازعة والدخول في تفاهمات من شأنها الدفع بالمسار السياسي على حساب التصعيد العسكري، بالتزامن مع اقتراب إكمال الحرب في البلاد، ثلاثة أعوام، عند انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية، وما تبعها من تطورات وصلت معها الأزمة في البلاد إلى مستويات كارثية.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، أمس الثلاثاء، اجتماعاً هو الأول من نوعه، بين المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، البريطاني مارتن غريفيث، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومسؤولين في حكومته، لمناقشة سبل استئناف العملية السياسية والبناء على ما توصّلت إليه نتائج المحطات والجولات السابقة التي رعتها الأمم المتحدة.
وأكدت مصادر قريبة من الحكومة اليمنية لـ"العربي الجديد"، أن اللقاء جاء بالترافق مع تصاعد الجهود الدولية للدفع نحو عقد جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، تتزامن مع إجراءات من شأنها تخفيف حدة الأزمة الإنسانية والتهدئة في الجانب العسكري، نافية أن يكون هناك خطة جديدة واضحة المعالم مطروحة للحل، حتى اليوم.
ويعدّ لقاء المبعوث الأممي بالرئيس اليمني في الرياض، هو الأول بعد أن دشّن عمله بصورة رسمية من الأردن يوم الاثنين الماضي، ببيان، أعلن فيه أنه وبدعم من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي "أعد الشعب اليمني بأنني سوف أعمل بجد لتيسير عملية سياسية شاملة على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ومؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم -2166 (2015)". كما كشف عن أن جهوده سترتكز "على التقدّم الذي تمّ إحرازه خلال جولات المفاوضات السابقة"، وقال "إنّ أي عملية سياسية ذات مصداقية تتطلّب أن يتمتّع جميع الأطراف بالمرونة اللازمة، وتقديم تنازلات صعبة، وأن تضع المصلحة الوطنية في الصدارة من أجل الشعب اليمني". وقد لاقى تصريحه ترحيباً من الحكومة اليمنية، باعتباره أشار إلى المرجعيات التي يشترطها الجانب الحكومي لأي عملية سياسية في البلاد.
وكانت صنعاء، وللمرة الأولى منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية قبل ثلاث سنوات، استقبلت وفداً أوروبياً، ضمّ رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن أنطونيا كالفوبويرتا، وسفيرة هولندا لدى اليمن يرما فان دورين، وسفير فرنسا كريستيان تيستوب، والمبعوث الخاص لوزير خارجية السويد إلى صنعاء هانس بيتر سبمتاباي، في اختراق هو من الأول من نوعه ضمن الجهود الدولية التي تدفع للعودة إلى المسار السياسي في البلاد.
وفيما رحب مسؤولون في الحكومة غير المعترف بها دولياً، والتي شكّلها الحوثيون وحلفاؤهم في صنعاء، بأي دور يلعبه الاتحاد الأوروبي ودوله في إنهاء الحرب الدائرة في المين، والعودة بالبلاد إلى المسار السياسي، أعلنت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في بيان صحافي أمس الثلاثاء، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن الزيارة ضمن جهود الاتحاد "في التواصل مع جميع الطراف اليمنية لحثهم على الانخراط في محادثات لإيجاد تسوية سياسية دائمة"، بالإضافة إلى "إيصال عدد من الرسائل ذات الطابع الانساني كما سبق لنا القيام بذلك مع أطراف الصراع الأخرى، وكذلك إثارة بعض قضايا حقوق الإنسان". وقالت إن الشعب اليمني يعاني "بشكل كبير من هذه الحرب المأساوية والتي تسببت بواحدة من أسواء الكوارث الانسانية"، مشددة على ضرورة "أن تتوقف الحرب إذا أردنا لهذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة أن تنتهي". كما دعت جميع الأطراف للانخراط، وبنوايا حسنة، مع جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث".
وكانت الرياض، هي الأخرى، حيث تتواجد الحكومة اليمنية الشرعية، شهدت العديد من اللقاءات الدبلوماسية، بما فيها لقاء جمع هادي، الثلاثاء، بوزيرة الدولة للشؤون الخارجية السويدية انيكاء سودر، التي أكدت دعم بلادها للمبعوث الأممي، وقالت إن "الجهود التي تقوم بها السويد من خلال زيارة مبعوثها إلى عدن وغيرها (صنعاء)، تأتي بهدف الوقوف على الأوضاع الإنسانية وتقديم الدعم في هذا الإطار"، فيما كانت اللقاءات لهادي، شملت السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تولر، والذي تدفع بلاده في الاتجاه ذاته.
وتأتي التحركات الدبلوماسية المكثفة والمتسارعة يمنياً، بالتزامن مع اقتراب إكمال الحرب ثلاث سنوات، وفي ظل تصاعد الدعوات الدولية إلى إنهاء هذه الحرب، على الرغم من المعطيات المعقدة التي لا تشير إلى أن الاتفاق حول السلام، طريق سهل. إلّا أنّ الحكومة اليمنية الشرعية والتي كانت تتشدد في تصريحات سابقة على أهمية "الحل العسكري" مع الحوثيين، عادت في الأيام الأخيرة لتظهر نوعاً من الرضوخ للضغوط الدولية، إذ شدد هادي خلال اجتماع مع مستشاريه بحضور نائبه علي محسن الأحمر ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، على "أهمية العمل نحو إجراءات بِناء الثقة وإطلاق الأسرى والمعتقلين وإيقاف إطلاق الصواريخ باتجاه الأشقاء في المملكة العربية السعودية"، وهو التصريح الذي اعُتبر مؤشراً على انتقال الحديث عن العودة، من المسار السياسي، إلى الشروط المتعلقة بتهيئة الأجواء.